شادي جرارعة، مصور يلتقط بعدسته صوراً إنسانية تحاكي واقع الفلسطينيين، خاصة أولئك الذين يتعرضون يومياً لمضايقات المستوطنين.
شادي جرارعة، الطالب في جامعة القدس المفتوحة، تخصص في "تكنولوجيات الاتصالات"، وهو مصور محترف، يقول لـ"العربي الجديد": كنت أحلم بدراسة هندسة الكيمياء، إلا أنني لم أحصل على المعدل الذي يؤهلني للالتحاق بالتخصص. وعند بلوغي سن العشرين، بدأت العمل في عدة أماكن لتأمين لقمة العيش. كان أولها في أعمال البناء، ثم في محل للمفروشات، ثم انتقلت إلى محل للكمبيوترات، وقضيت عاماً ونصف بلا عمل ودون دراسة. كانت أياماً صعبة وأوقاتاً قاسية جداً.
يعيش شادي في قرية "عصيرة" الشمالية بمحافظة نابلس، يقول: "دخلت الجامعة، وبدأت بدراسة الاتصالات، وقد سمحت لي الظروف الالتحاق بدورات تدريبية مكثفة، حيث التحقت بأكثر من 15 دورة تدريبية، وثلاث دورات دولية، لكنني لم أعمل في هذا المجال، بسبب غياب فرص العمل. وعندها، بدأت أفكر جدياً في إيجاد فرصة حقيقية لتأمين مستلزمات العيش"، ويتابع: "كنت أراقب نشرات الأخبار والصحف بشكل يومي، وأوثّق العديد من الانتهاكات التي يتعرّض لها الفلسطينيون. ومن هنا جاءت الفكرة بتوثيق هذه الأعمال عبر التقاط صور حقيقية، تشرح للعالم مدى وحشية الاحتلال".
يضيف: "في البداية، لم أكن أتخيّل يوماً أنني سأصبح مصوراً، حتى عندما كنت أشاهد صوراً جميلة، لم يخطر ببالي كيف يتم تصويرها أو كيف خرجت إلى الواقع، لم أعطِ ذلك أي أهتمام، إلى أن التقطت إحدى الصور في رمضان الفائت، حيث صورت حياة الناس قبيل الإفطار، وتم نشر الصور على صفحة تلفزيون نابلس، وهنا بدأت الحكاية".
تأثر شادي في مجال التصوير ـ كما يقول ـ بثلاثة مصورين هم: مصور الوكالة الأوروبية علاء بدارنة، حيث إنه أول من أعطاني تقنيات التصوير الفوتوغرافي، وأول شخص أتاح لي الفرصة لإمساك كاميرا باحترافية، أما الشخص الثاني فهو المصور في وكالة الأنباء الرسمية أيمن النوباني، الذي تعلّمت منه الكثير، وكان لي موجّهاً دائماً بكل شيء وناصحاً، أما الشخص الثالث فهو الزميلة نور حميدان، التي سبقتني في مجال التصوير الفوتوغرافي وساعدتني في بداية عملي الصحافي والتصويري أيضاً".
يطمح شادي جرارعة للوصول إلى العالمية من خلال صوره لاكتساب التعاطف الإنساني والدولي مع القضية الفلسطينية، ويعتبر أنه آن الأوان للتصوير والمصورين الكشف عن الوجه الجميل لفلسطين وقضيتها العادلة، يقول: "في فلسطين هناك العديد اللوحات الطبيعية الجميلة، التي يتوجب علينا إظهارها للعالم. فتصوير عجوز يحمل معوله ويغرس الزيتون في أرضه على مقربة من مستوطنه تحاول يومياً انتزاع أرضه، تعد رسالة إلى العالم بتمسك الفلسطيني بأرضه من جهة، وتظهر معاناته مع المستوطنين من جهة ثانية". ويضيف: "منذ فترة، قمت بتصوير طفل يجتاز حاجز الفصل العنصري ليصل إلى مدرسته، أردت من خلالها إظهار معاناة الأطفال للعالم".
شارك شادي في معرض "ألوان المدينة" في نابلس، خلال شهر آذار/ مارس الماضي، يعتبره أول معرض بالنسبة إليه، ويقول: "عرفني الناس من خلاله بشكل شخصي، كان هذا المعرض بالنسبة لي هو بداية الطريق الصحيح ليرى الناس إنتاجي العملي من التصوير الفوتوغرافي".
يؤكد شادي أنه يحب التصوير الذي يظهر جماليات الشعب الفلسطيني من خلال تاريخه وحضارته وثقافته وحياته الاجتماعيه ومقاومته للاحتلال ويظهر فلسطين بأجمل صورة.
يختم شادي جرارعة حديثه قائلاً: "سأتجه لتصوير الأفلام الوثائقية القصيرة والتي أنتجت خمسة أفلام منها حتى الآن. أطمح للوصول إلى أفضل الوكالات العالمية أجنبية أو عربية".