بمجرد الدخول إلى الورشة الصغيرة، تتراءى عبارة "لا نبيعُ الأعلام بل نُهديها، ولن نُتاجر بالقدس بل نَفديها"، مكتوبة بخط واضح يلفت انتباه زوّار المكان. كلمات انتقاها فيصل المقيم بمدينة صغيرة تابعة لمحافظة تطاوين جنوب شرقي تونس، وحرص على إخضاعها لإيقاع وقافية زينت نطقها وترديدها، مشيرا إلى أنه قرر توزيع أعلام فلسطين على المدارس، لترفرف عاليا جنبا إلى جنب مع العلم التونسي.
يقول فيصل إنه استوحى فكرته من دعوة وزارة التربية التونسية، السبت الماضي، إلى رفع أعلام فلسطين في جميع المدارس والمعاهد الثانوية في البلاد، وذلك ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
يوظف فيصل 11 عاملة في ورشته تفرغن لصنع الأعلام الفلسطينية. وقد صنع الفريق نحو 300 علم، ووزع نصف هذا العدد تقريبا على مدارس ومعاهد المنطقة.
يقول الشاب التونسي: "لكل شخص طريقته في التعبير عن نصرة قضية معينة، فالشاعر يكتب قصيدة والفنان يؤدي أغنية، والرسام يرسم لوحة فنية. أما أنا، وبحكم أن مجال عملي هو خياطة الملابس، فقد اخترت أن تكون مناصرتي للقضية من جنس عملي، وأن أصنع أعلام فلسطين وأوزعها مجانا".
ويرى أن من العيب أن يقبض ثمنا لأعلام فلسطين، معتبرا أن فخره يكمن في رؤيته للأعلام التي صنعها ووزعها في أيادي عدد كبير من أطفال المدارس والمعاهد، أو غيرهم من مناصري القضية. وقال: "إذا قمت ببيعها، فسأصبح متاجرا بالقضية، شأني في ذلك شأن كثيرين، وأنا لا أريد أن أضع نفسي موضعهم".
يعتبر ما يقوم به "واجبا" يمليه عليه ضميره العربي لنصرة القضية الفلسطينية، مضيفا أنه "غير مقتنع بشكل كبير بالموقف الرسمي التونسي والعربي عموما بشأن الإعلان الأميركي، والذي اكتفى في مجمله، ببيانات التنديد الكلاسيكية. كان بإمكاننا القيام بأكثر من ذلك، مثل طرد السفير الأميركي من البلاد".
وعن أحلامه يقول فيصل: "اليوم فقط تمنيت أن أكون ثريا حتى أتمكّن من أن أملأ الدنيا بأعلام فلسطين، ولو كان عندي مال أكثر، لكنت وزعت أعلام فلسطين في جميع أنحاء الأرض حتى لا تُشرق شمس أخرى غير شمس فلسطين، ولا تعلو راية فوق رايتها".
(الأناضول)