مشهد قد نجده ساذجاً اليوم، ولكنّه كان قمّة السحر لمن عاصروه: الممثّل يحرّك مقود سيارة فارهة يميناً وشمالاً، من دون أن يكون هناك أيّ كوع! والمغنّية الحسناء تتغزّل به وتغنّي له وتلاطفه.
السيارة في أفلام الأبيض والأسود، كانت تستمدّ جاذبيتها من كونها أحد أبرز كماليات ذاك الزمن، وكانت - الفارهة منها تحديداً- نادرة إلى درجة قد تدفع المواطن "الغلبان" إلى أن يتحمّس ويدخل صالة السينما فقط لأنّ في الفيلم سيّارات!
وقد درج المطربون العرب، مصريون وغير مصريين، على تأدية أكثر من أغنية في الفيلم الذي يقومون ببطولته، وأحياناً باقة من الأغاني، حتى إنّ فريد الأطرش كان ينتج فيلماً لترويج أغانيه وليس العكس، ويبدو لي أنّ الفيلم كان أحياناً يركّب على عدد من الأغاني الجاهزة، تحديداً مع فريد وفوزي اللذين كانا مطربين ينتجان الأفلام ليغنّيا ولا يغنّيان ليمثّلا، وكانا يشاركان في كتابة قصّة الفيلم بما يناسب الأغاني، أو يكتبون كلمات الأغاني بما يناسب قصّة الفيلم. وكانوا، كغيرهم من منتجي الأفلام حينها، يقحمون مشهد "أغنية في سيارة".
لم ينج مطرب من أغنية في سيارة، ولم ينج نجم من قيادة سيارة أو بالأحرى التمثيل بأنّه يقود، وتحريك المقود بالطريقة نفسها والإيقاع نفسه، وإفساح المجال أمام المشاهد للتماهي بهذا الرجل الوسيم والثري الذي يقود سيارة فارهة "غالباً مكشوفة السقف" وإلى جانبه حسناء من حسناوات الشاشة. وقد كانت الضرورات التقنية هي التي تفرض هذا الحلّ، لأنّ التمثيل داخل سيارة في الشارع كان متعذّراً تقنياً حينها، بل هو تأخّر حتى الثمانينيات، حين أخرج جيل محمد خان وعاطف الطيب الكاميرا إلى الشارع وتسكّعوا بها بمهارة، وثبّتوها أمام زجاج السيارة الأمامي لتنقل مشاهد مهمّة داخل السيارة، وليست مجرّد لقطة جذّابة، تكسر إيقاع الفيلم أو تعزف على وتر انجذاب البشر لتلك "الماكينة الساحرة"، سواء عُرفت بالأوتونبيل أو العربيّة أو السيارة...
غنّت ليلى مراد وهي تقود ورافقها الريحاني مردّداً "عيني بترفّ وراسي بتلفّ" في فيلم "غزل البنات"، وغنّت شادية لرشدي أباظة وهو يقود "على عشّ الحبّ طير يا حمام" في فيلم "الزوجة 13"، وغنّت له صباح في سيارة أخرى "عاشقة وغلبانة والنبي"، وغنّت نجاة لأحمد رمزي "بان عليّ من أوّل ما بان"، وشادية أيضاً "سوق على مهلك سوق" لكمال الشناوي، وغنّى عبد الحليم بينما النابلسي يقود "خايف مرّة أحبّ"...
ولكن تلك لم تكن صرعة مرتبطة بزمن سطوع نجم السيارة، وتحوّلها إلى حلم كلّ متفرّج، فقد تابعت السيّارة حضورها في الأفلام وطوّرتها، بل هي تحوّلت إلى دور أكثر فعالية، وباتت أحد العناصر الدرامية، فصارت في ذاتها مسرحاً للأحداث بعدما كانت مجرّد إكسسوار في الأستديو، وإن تجلّى ذلك أكثر في السينما العالمية، و"تاكسي درايفر" للمخرج مارتن سكورسيزي دليل شهير، صارت كذلك في أفلام مصرية مثل "أرض الأحلام" للمخرج داود عبد السيد، وفيلم "مشوار عمر" للمخرج محمد خان، اللذين تجري معظم أحداثهما في سيارتين، الأولى سيارة تاكسي والثانية سيارة بي أم خضراء.
اليوم صارت السينما تصنّع أفلاماً عن السيارات كقالب مثالي لأفلام الحركة والسرعة والتحدّي، حتى إنّ سينما الأطفال وأفلام التحريك، استغلّت جاذبية السيارات لدى الأطفال واستثمرتها في أكثر من سلسلة أفلام أبرزها "كارز".
طريق متعرّجة عبرتها السيارة في السينما العربية، ولكنّ سحر تلك الثنائيات (من يقود ومن يغنّي) لم يبهت بفعل غبار الرحلة الطويلة.
السيارة في أفلام الأبيض والأسود، كانت تستمدّ جاذبيتها من كونها أحد أبرز كماليات ذاك الزمن، وكانت - الفارهة منها تحديداً- نادرة إلى درجة قد تدفع المواطن "الغلبان" إلى أن يتحمّس ويدخل صالة السينما فقط لأنّ في الفيلم سيّارات!
وقد درج المطربون العرب، مصريون وغير مصريين، على تأدية أكثر من أغنية في الفيلم الذي يقومون ببطولته، وأحياناً باقة من الأغاني، حتى إنّ فريد الأطرش كان ينتج فيلماً لترويج أغانيه وليس العكس، ويبدو لي أنّ الفيلم كان أحياناً يركّب على عدد من الأغاني الجاهزة، تحديداً مع فريد وفوزي اللذين كانا مطربين ينتجان الأفلام ليغنّيا ولا يغنّيان ليمثّلا، وكانا يشاركان في كتابة قصّة الفيلم بما يناسب الأغاني، أو يكتبون كلمات الأغاني بما يناسب قصّة الفيلم. وكانوا، كغيرهم من منتجي الأفلام حينها، يقحمون مشهد "أغنية في سيارة".
لم ينج مطرب من أغنية في سيارة، ولم ينج نجم من قيادة سيارة أو بالأحرى التمثيل بأنّه يقود، وتحريك المقود بالطريقة نفسها والإيقاع نفسه، وإفساح المجال أمام المشاهد للتماهي بهذا الرجل الوسيم والثري الذي يقود سيارة فارهة "غالباً مكشوفة السقف" وإلى جانبه حسناء من حسناوات الشاشة. وقد كانت الضرورات التقنية هي التي تفرض هذا الحلّ، لأنّ التمثيل داخل سيارة في الشارع كان متعذّراً تقنياً حينها، بل هو تأخّر حتى الثمانينيات، حين أخرج جيل محمد خان وعاطف الطيب الكاميرا إلى الشارع وتسكّعوا بها بمهارة، وثبّتوها أمام زجاج السيارة الأمامي لتنقل مشاهد مهمّة داخل السيارة، وليست مجرّد لقطة جذّابة، تكسر إيقاع الفيلم أو تعزف على وتر انجذاب البشر لتلك "الماكينة الساحرة"، سواء عُرفت بالأوتونبيل أو العربيّة أو السيارة...
غنّت ليلى مراد وهي تقود ورافقها الريحاني مردّداً "عيني بترفّ وراسي بتلفّ" في فيلم "غزل البنات"، وغنّت شادية لرشدي أباظة وهو يقود "على عشّ الحبّ طير يا حمام" في فيلم "الزوجة 13"، وغنّت له صباح في سيارة أخرى "عاشقة وغلبانة والنبي"، وغنّت نجاة لأحمد رمزي "بان عليّ من أوّل ما بان"، وشادية أيضاً "سوق على مهلك سوق" لكمال الشناوي، وغنّى عبد الحليم بينما النابلسي يقود "خايف مرّة أحبّ"...
ولكن تلك لم تكن صرعة مرتبطة بزمن سطوع نجم السيارة، وتحوّلها إلى حلم كلّ متفرّج، فقد تابعت السيّارة حضورها في الأفلام وطوّرتها، بل هي تحوّلت إلى دور أكثر فعالية، وباتت أحد العناصر الدرامية، فصارت في ذاتها مسرحاً للأحداث بعدما كانت مجرّد إكسسوار في الأستديو، وإن تجلّى ذلك أكثر في السينما العالمية، و"تاكسي درايفر" للمخرج مارتن سكورسيزي دليل شهير، صارت كذلك في أفلام مصرية مثل "أرض الأحلام" للمخرج داود عبد السيد، وفيلم "مشوار عمر" للمخرج محمد خان، اللذين تجري معظم أحداثهما في سيارتين، الأولى سيارة تاكسي والثانية سيارة بي أم خضراء.
اليوم صارت السينما تصنّع أفلاماً عن السيارات كقالب مثالي لأفلام الحركة والسرعة والتحدّي، حتى إنّ سينما الأطفال وأفلام التحريك، استغلّت جاذبية السيارات لدى الأطفال واستثمرتها في أكثر من سلسلة أفلام أبرزها "كارز".
طريق متعرّجة عبرتها السيارة في السينما العربية، ولكنّ سحر تلك الثنائيات (من يقود ومن يغنّي) لم يبهت بفعل غبار الرحلة الطويلة.