سيناريوهات الأزمة اليونانية بعيون بريطانيا

11 يوليو 2015
بريطانيون يتضامنون مع اليونانيين (مايكل ديبيتس/getty)
+ الخط -
في وقت تنتظر فيه دوائر صنع القرار في أوروبا عموماً، وفي أثينا خصوصاً، مشدودة الأعصاب بانتظار نتائج اجتماع الفرصة الأخيرة بين حكومة اليونان والحكومات الأوروبية، تقف حكومة بريطانيا على سياج الاتحاد الأوروبي، لتراقب عن كثب مصير اليونان الذي يفتح الأبواب أمام أسئلة ساخنة عن مصير الاتحاد الأوروبي، لاسيما إذا ما فشلت مفاوضات يوم الأحد المقبل، وأدّت إلى خروج اليونان من منطقة اليورو.

اقرأ أيضاً: اليونان تمدد إغلاق البنوك حتى الإثنين

وستفعل بريطانيا، على حدّ تعبير المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "كل ما هو ضروري لحماية" اقتصادها. الحماية التي تراها  لندن في بقاء الاتحاد الأوروبي موحداً؛ فبريطانيا لا ترغب في رؤية الاتحاد الأوروبي الذي تأسس في العام 1958، وفتح الباب لتأسيس سوق واحدة وعملة موحدة، وبات لاعباً قوياً وفاعلاً على الساحة الدولية، يتفكك لأن في ذلك إضعافاً اقتصادياً وسياسياً لبريطانيا نفسها.

ويُعتبر الاتحاد الموحد اقتصادياً الشريك الأهم لبريطانيا، وتتبادل معه حوالي 50 في المائة من تجارتها الخارجية. كما يعزز الاتحاد الأوروبي الموحد سياسياً من مكانة بريطانيا الدولية، ويوفر لها "حسن جوار" مع جيرانها، إضافة إلى ما يوفره من حماية جماعية لدول الاتحاد، بما فيها بريطانيا، لاسيما في ظل توتر العلاقات بين الغرب وروسيا، وتدهور الأوضاع الأمنية ليس بعيداً عن حدود أوروبا، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي ما يتعلق بالعلاقة المباشرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، إذا كان بعض المحافظين يرون في الأزمة اليونانية فرصة لتعزيز موقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي، وربما فرض الشروط التي تطالب بها لندن للبقاء في الاتحاد، فإن آخرين في حكومة المحافظين بزعامة كاميرون يخشون من أن يُؤثر خروج اليونان من الاتحاد على موقف الرأي العام البريطاني في الاستفتاء المزمع إجراؤه قبل نهاية العام 2017 حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه. ويخشى المحافظون المؤيدون للبقاء في الاتحاد أن يعزز خروج اليونان من اليورو موقف المناوئين للاتحاد، مما قد يؤدي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد، وهو ما يتعارض مع الرغبات الحقيقية للحكومة البريطانية. ولعلّ هذا هو السيناريو "الأسوأ" الذي قصده وزير المالية البريطانية، جورج أوزبورن، عندما قال إن بلاده تستعد للأسوأ.

وبالنسبة لخيارات الاتحاد الأوروبي، فإنها تتمثل في إثنين: إما الإبقاء على اليونان ضمن منطقة اليورو، والمحافظة على بقاء الاتحاد واستمراره كقوة اقتصادية وسياسية فاعلة، أو قبول خروج اليونان. وفي الحالة الثانية، فإن الاتحاد سيجد نفسه يتهاوى تدريجياً، ذلك أن المحللين يعتبرون أنه في حالة خرجت اليونان من منطقة اليورو، فإن باب مغادرة الاتحاد يفتح أمام المملكة المتحدة.

ومما لا شك فيه أن خروج بريطانيا يطرح شكوكاً بإمكانية استمرار وجود الاتحاد الأوروبي نفسه، لأن البلدان الأعضاء الأخرى قد تنظر إلى مستقبلها في مرحلة ما بعد الاتحاد، أو تبدأ بالتخطيط لتلك المرحلة. كما أن خروج بريطانيا يعزز موقف جميع القوى القومية في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، المشككة أصلاً بجدوى الاتحاد.

ويرى المراقبون أن منع الاتحاد الأوروبي من التفكّك يتطلب أولاً وأخيراً حلاً إستراتيجياً للأزمة اليونانية؛ فاليونان بحاجة للمال والإصلاحات بسرعة وضمن منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، فتداعيات خروج اليونان وخروج بريطانيا، لن تقتصر على استقرار منطقة اليورو بل ستهدد مصير وجود الاتحاد الأوروبي، وهو التهديد الأكبر الذي تواجهه أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.

ويعتبر المحللون أنه إذا ما تم تجنب خروج اليونان من منطقة اليورو، فإن التحدّي الذي يشكله خروج بريطانيا من الاتحاد سوف يكون أقل صعوبة، إذا ما حدث فعلاً.

اقرأ أيضاً: إنقاذ اليونان بحاجة إلى معجزة