على الرغم من القلق الإسرائيلي من التبعات المتوقعة للتطورات المتلاحقة في الساحة السورية، فإن تل أبيب ترى أيضاً فرصاً استراتيجية في هذه التحولات. وقد لفت المعلق الإسرائيلي البارز ران إيدليست الأنظار، إلى أن "أركان الحكم في تل أبيب بصدد تقديم عرض مقايضة إلى عدد من دول المنطقة، يقضي بإظهار إسرائيل استعدادها للانخراط في التحرك الإقليمي والدولي، الهادف إلى ضمان استقرار المناطق التي تُخليها قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وعدم السماح بتحوّلها إلى مراكز لتهديد دول المنطقة، في مقابل اعتراف هذه الدول بقرار إسرائيل ضمّ الجولان إليها.
وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر بتاريخ 6 يوليو/تموز، نوّه إيدليست إلى أنه "من غير المتوقع أن تقدم إسرائيل على طرح هذه المقايضة بشكل غير مباشر". وأشار إلى أن "كلاً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون، يعتبران أن التحوّلات في سورية منحت إسرائيل الفرصة لإقناع دول المنطقة بقبول تسوية إقليمية لملف الجولان، تتعهد إسرائيل بموجبها بالعمل على نجاح التحرك الإقليمي لضمان الاستقرار في سورية، مقابل قبول القرار الإسرائيلي الذي اتُخذ في العام 1981 بضم الجولان للأراضي الفلسطينية المحتلّة".
اقرأ أيضاً: رهان إسرائيلي على الأردن في تدشين "حزام أمني" سوري
وأوضح أن "إسرائيل بصدد المبادرة لشن حملة واسعة النطاق في جميع أرجاء العالم، للمطالبة بالاعتراف الدولي بالجولان كجزء لا يتجزأ من إسرائيل". من ناحيته، يرى تسفي هاوزر السكرتير السابق لحكومة نتنياهو، أن "هناك فرصة تاريخية أمام إسرائيل ليس فقط للحصول على اعتراف دولي بحدودها الحالية مع سورية، بل إن القيادة الإسرائيلية بإمكانها إقناع المجتمع الدولي بالموافقة على إعادة رسم الحدود في المنطقة كلها، بشكل يخدم المصالح الإسرائيلية".
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عدد 2 يوليو/تموز، قال هاوزر إن "إسرائيل مطالبة بإعادة صياغة منظومة مصالحها الجيوإستراتيجية من جديد، ويتمّ إخضاع التحركات السياسية والعسكرية للمنظومة الجديدة". ويزعم هاوزر أن "الظروف السائدة في الجولان، الواقع تحت الهيمنة الإسرائيلية، تسمح لتل أبيب بإقناع المجتمع الدولي بتأييد ضمّه لإسرائيل".
وادّعى بأنه "لا يُمكن لأحد أن يحاجج بأن إسرائيل تفرض حكمها على شعب آخر في الجولان، على اعتبار أن الجنسية الإسرائيلية متاحة لكل الدروز الذين يقطنون المنطقة، ناهيك عن أن اليهود يشكلون أغلبية ديموغرافية بنسبة 25 ألف يهودي مقابل 22 ألف درزي".
وفي مقابل الحديث عن "الفرص"، تُذكر شخصيات إسرائيلية عدة بـ "المخاطر التي يُمكن أن تنجم عن التحوّلات في سورية". وقد لفت قائد وحدة سفن الصواريخ في سلاح البحرية الإسرائيلي العقيد إيال هارئيل، إلى أن "أحد أكبر مصادر القلق من سيناريو انهيار النظام السوري، يتمثل في تفكك سلاح البحرية السوري، وتستولي بالتالي بعض التنظيمات الجهادية على قطعه الحربية، وتستخدمها في عمليات ضد إسرائيل".
مع ذلك، يبدو أن هناك من يرى في تل أبيب، أنه "من البؤس المراهنة على أية إنجازات استراتيجية يمكن لإسرائيل أن تجنيها في حال سقط نظام الأسد". وقد وصل الأمر بعيزر سفرير، الذي تولى مواقع مهمة في لواء الأبحاث التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، إلى حدّ المطالبة بأن "تبادر إسرائيل لتقديم السلاح لنظام الأسد من أجل ضمان بقائه".
وذكر في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" بتاريخ 4 يوليو، أن "ثقباً أسود سيبتلع سورية ويبتلعنا، في حال سقط نظام الأسد، وستتحوّل المناطق الحدودية إلى نقاط انطلاق لاستهداف العمق الإسرائيلي". وحذر سفرير من أن "سورية ستقع تحت تأثير الجماعات المتطرفة، التي لن تهدد إسرائيل فقط، بل نظام الحكم في الأردن الذي يمثل حليفاً مهماً لإسرائيل". وحذّر من أن "التوازنات الطائفية والمذهبية في لبنان ستتأثر بشكل سلبي، في حال وقعت سورية تحت حكم الجماعات المتشددة، وهذا ما قد يمثل تحدياً لإسرائيل في المستقبل".
اقرأ أيضاً: خلط أوراق سورية بمباركة إسرائيلية