19 أكتوبر 2019
سيموت بشار ولو بعد حين
انتشرت في السنوات القليلة الماضية، وخصوصا في 2016، مقالات وآراء عديدة تقارن بين ما يجري في سورية اليوم وما جرى قبل ثمانين عاماً تقريبا في إسبانيا، على خلفية الانقلاب العسكري العنيف الذي قامت به عناصر من الجيش الإسباني بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو ضد حكومة الجبهة الشعبية اليسارية المنتخبة في مدريد.
تقوم معظم المقارنات على التشابه في عامل التدخل الخارجي لصالح فرانكو، وتخلي الدول الداعمة للديمقراطية عن الجمهوريين، بشكل مباشر أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى، وهو ما حصل، بطريقةٍ أو بأخرى، مع النظام السوري والمعارضة الشعبية له، حيث تُركت الأخيرة لتدخل دوامة التخبط وحيدةً في مواجهة نظام دموي مدعوم مادياً بشكل رئيسي من إيران، وعسكرياً من إيران وروسيا. بينما وُعدت المعارضة بالدعم الذي لم يأت، أو أنه قُنن واستُخدم للتلاعب بكل مجريات الأمور على الأرض، بما يخدم حالة الاستعصاء العسكرية لمرحلة طويلة، والتي ستنتهي، على ما يبدو، بفوز عسكري للنظام، وهو ما لن يستطع، كما كانت الحال في إسبانيا بعد فوز فرانكو، أن يقتل روح الثورة التي ستعاود الاشتعال بأشكال مختلفة لتعيد إلى سورية حريتها، ولو بعد حين.
فعلى الرغم من فوز فرانكو العسكري عام 1939، بعد عامين من المعارك المشرّفة التي خاضها الجمهوريون دفاعا عن الديمقراطية، وعلى الرغم من تعرّض جزء كبير من الشعب الإسباني للنزوح والتشرد بعد الهروب من بلادهم، وتعرّض الآلاف للإعدامات الميدانية، وغالبيتهم من النخب الثقافية والسياسية المناوئة لفرانكو، وعلى الرغم أيضا من القمع الوحشي والدكتاتورية المطلقة اللذيْن حكم بهما فرانكو إسبانيا حوالي 36 عاما حتى تاريخ وفاته، على الرغم من ذلك كله، استطاعت جيوب المقاومة السرية أن تقلق عرش فرانكو طويلا، وأن توجه له ضربةً قاضيةً باغتيال لويس كاريرو بلانكو، مساعد فرانكو الأوثق ووريثه المحتمل في الوصاية على رئاسة الدولة. وهو ما يُعد حدثا مفصليا في تاريخ إسبانيا، لأنه أسقط حلم فرانكو في استمرار حكمه من بعده.
لا مجال هنا للدخول في تفاصيل الأحداث. لكن، يمكننا أن نقول بشكل عام إن كل تلك الوحشية والقمع و"الانتصارات" العسكرية التي سلمت فرانكو العرش، وأبقته فيه، لم تستطع أن تمنع إسبانيا من النهوض دفعةً واحدةً، وكالمارد من تحت الرماد، ما إن مات الدكتاتور، وذلك لم يكن ليكون لولا تذوّق الشعب الإسباني طعم الحرية والديمقراطية، وقتاله دفاعا عنها، وتقديمه ثمنها كاملا قبل حكم الطاغية وفي أثنائه.
كان العالم يعرف أنه يسلم إسبانيا للدكتاتورية المجرمة، كما يعرف العالم نفسه اليوم أنه يسلم سورية لدكتاتوريةٍ قد تكون أسوأ وأقسى وأكثر إجراما. أما الشعوب فكانت، ولا تزال، تعرف أن التاريخ لا يمكن أن يعود إلى الوراء، وأن الثورات لا تُهزم، حتى وإن أسكت الرصاص أصواتها إلى حين.
لم تهزم الثورة السورية ولن تموت، فقد انتصرت حين كسرت جدران الصمت وقيود الفكر. انتصرت حين قالت للطاغية إنه الدكتاتور الأخير على هذه الأرض، حين عّرته تماما أمام نفسه، وأمام العالم المشيح بوجهه اليوم، كي لا يعترف بهزيمته الأخلاقية والإنسانية. انتصرت حين أجبرت كل سوري على الوقوف أمام المرآة عارياً، إلا من إنسانيته، وحين أمادت الأرض السورية لتخرج كل الغث من باطنها، سياسيا واجتماعيا وثقافيا، ثم جرفتهم جميعا إلى الهاوية.
حتى وإن "انتصر" نظام الأسد عسكريا في هذه الجولة، فإنه مهزومٌ حتى الصميم، ومنخور بالسوس الذي سيأكله سريعا.
بشار الأسد هو الطاغية الأخير على أرض سورية، حتى وإن اجتمعت لدعمه كل أهل الأرض، وأجبرتنا، نحن السوريين، على الضغط على الجراح سنوات أخرى، سنعمل خلالها على إعمار ذواتنا المهشّمة المجروحة والتخطيط الصحيح ليومٍ سيأتي لا محالة، تحمل شمسه فجراً جديداً لسورية، حتى وإن كنا سننتظر حتى يموت الطاغية.. وهو ما تقوله شائعات اليوم.
تقوم معظم المقارنات على التشابه في عامل التدخل الخارجي لصالح فرانكو، وتخلي الدول الداعمة للديمقراطية عن الجمهوريين، بشكل مباشر أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى، وهو ما حصل، بطريقةٍ أو بأخرى، مع النظام السوري والمعارضة الشعبية له، حيث تُركت الأخيرة لتدخل دوامة التخبط وحيدةً في مواجهة نظام دموي مدعوم مادياً بشكل رئيسي من إيران، وعسكرياً من إيران وروسيا. بينما وُعدت المعارضة بالدعم الذي لم يأت، أو أنه قُنن واستُخدم للتلاعب بكل مجريات الأمور على الأرض، بما يخدم حالة الاستعصاء العسكرية لمرحلة طويلة، والتي ستنتهي، على ما يبدو، بفوز عسكري للنظام، وهو ما لن يستطع، كما كانت الحال في إسبانيا بعد فوز فرانكو، أن يقتل روح الثورة التي ستعاود الاشتعال بأشكال مختلفة لتعيد إلى سورية حريتها، ولو بعد حين.
فعلى الرغم من فوز فرانكو العسكري عام 1939، بعد عامين من المعارك المشرّفة التي خاضها الجمهوريون دفاعا عن الديمقراطية، وعلى الرغم من تعرّض جزء كبير من الشعب الإسباني للنزوح والتشرد بعد الهروب من بلادهم، وتعرّض الآلاف للإعدامات الميدانية، وغالبيتهم من النخب الثقافية والسياسية المناوئة لفرانكو، وعلى الرغم أيضا من القمع الوحشي والدكتاتورية المطلقة اللذيْن حكم بهما فرانكو إسبانيا حوالي 36 عاما حتى تاريخ وفاته، على الرغم من ذلك كله، استطاعت جيوب المقاومة السرية أن تقلق عرش فرانكو طويلا، وأن توجه له ضربةً قاضيةً باغتيال لويس كاريرو بلانكو، مساعد فرانكو الأوثق ووريثه المحتمل في الوصاية على رئاسة الدولة. وهو ما يُعد حدثا مفصليا في تاريخ إسبانيا، لأنه أسقط حلم فرانكو في استمرار حكمه من بعده.
لا مجال هنا للدخول في تفاصيل الأحداث. لكن، يمكننا أن نقول بشكل عام إن كل تلك الوحشية والقمع و"الانتصارات" العسكرية التي سلمت فرانكو العرش، وأبقته فيه، لم تستطع أن تمنع إسبانيا من النهوض دفعةً واحدةً، وكالمارد من تحت الرماد، ما إن مات الدكتاتور، وذلك لم يكن ليكون لولا تذوّق الشعب الإسباني طعم الحرية والديمقراطية، وقتاله دفاعا عنها، وتقديمه ثمنها كاملا قبل حكم الطاغية وفي أثنائه.
كان العالم يعرف أنه يسلم إسبانيا للدكتاتورية المجرمة، كما يعرف العالم نفسه اليوم أنه يسلم سورية لدكتاتوريةٍ قد تكون أسوأ وأقسى وأكثر إجراما. أما الشعوب فكانت، ولا تزال، تعرف أن التاريخ لا يمكن أن يعود إلى الوراء، وأن الثورات لا تُهزم، حتى وإن أسكت الرصاص أصواتها إلى حين.
لم تهزم الثورة السورية ولن تموت، فقد انتصرت حين كسرت جدران الصمت وقيود الفكر. انتصرت حين قالت للطاغية إنه الدكتاتور الأخير على هذه الأرض، حين عّرته تماما أمام نفسه، وأمام العالم المشيح بوجهه اليوم، كي لا يعترف بهزيمته الأخلاقية والإنسانية. انتصرت حين أجبرت كل سوري على الوقوف أمام المرآة عارياً، إلا من إنسانيته، وحين أمادت الأرض السورية لتخرج كل الغث من باطنها، سياسيا واجتماعيا وثقافيا، ثم جرفتهم جميعا إلى الهاوية.
حتى وإن "انتصر" نظام الأسد عسكريا في هذه الجولة، فإنه مهزومٌ حتى الصميم، ومنخور بالسوس الذي سيأكله سريعا.
بشار الأسد هو الطاغية الأخير على أرض سورية، حتى وإن اجتمعت لدعمه كل أهل الأرض، وأجبرتنا، نحن السوريين، على الضغط على الجراح سنوات أخرى، سنعمل خلالها على إعمار ذواتنا المهشّمة المجروحة والتخطيط الصحيح ليومٍ سيأتي لا محالة، تحمل شمسه فجراً جديداً لسورية، حتى وإن كنا سننتظر حتى يموت الطاغية.. وهو ما تقوله شائعات اليوم.