يندهش المراقبون في تونس لمواقف عدد من السياسيين، الذين يتنقلون بتصريحاتهم من مكان إلى مكان، ويدافعون عن الشيء ونقيضه، وكأنهم مصابون بألزهايمر أو لعلهم يتوهّمون أن التونسيين لا ذاكرة لهم، ولن ينتبهوا إلى كمّ المتناقضات التي تدفع بالبعض إلى تغيير مواقفه من الموضوع نفسه بسرعة عجيبة وجرأة أعجب.
ومع تغيّر التحالفات السياسية، استعداداً للانتخابات المقبلة، تتغير اصطفافات البعض من حلف إلى آخر، في حركة تفكيك وإعادة تركيب سريعة وغريبة. وشهدت الأيام الأخيرة اندماجاً بين حركة "تحيا تونس" وحزب "المبادرة"، وتقارباً بين حزب "مشروع تونس" وأحد شقي "نداء تونس"، وهناك اجتماعات أخرى بغاية لملمة ما يمكن لتشكيل جبهات جديدة، وهذا كله أمر معقول ومفهوم على الرغم من كل ما فيه من تناقضات.
ولكن مسؤولي "المشروع" و"النداء" في آخر اجتماعاتهم استعرضوا نقطة مهمة، تتعلق بما تثيره قضية اغتيال الزعيم المعارض للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، صالح بن يوسف، وعبّروا عن تنديدهم بهذه المحاكمة الجديدة. وخرج بورقيبيون كثيرون يستنكرون هذه المحاكمات، واصفين منظومة العدالة الانتقالية بأنها انتقامية وتزرع التفرقة بين التونسيين، وهذا حقّهم طبعاً، تكفله تونس الجديدة التي تتسع لكل الآراء والأفكار. ولكن المثير هو ما يتعلق بالقراءة السياسية، فقد قال رئيس "المشروع" محسن مرزوق في تصريح صحافي، إن "هناك سياسات خطأ تركتنا في أزمة منذ أربع سنوات، ولم نحقق تقدّماً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي... ولا بد من رحيل نظام سياسي لم ينجح". كما انتقدت وطفة بلعيد، المسؤولة في الحزب نفسه، المنظومة الدستورية النابعة عن دستور 2014، "التي صاغتها بعض الأطراف على مقاسها لتصفية الحسابات السياسية"، كما انتقدت المحاكمات المقررة ضمن مسار العدالة الانتقالية، قائلة إن "المستهدف منها هو الزعيم الحبيب بورقيبة، وهي محاكمات نرفضها".
ولكن من يقرأ هذه التصريحات يُصَب بالذهول والتعجب، لأن حزب "مشروع تونس" وشق النداء، أياً كانا، هما من حزب "النداء" الذي أُسست عليه منظومة حكم 2014، وكان مرزوق أحد أهم لاعبيها، ولا يزال حزبه إلى اليوم مشاركاً في الحكومة، ولا أحد يفهم ما الذي يقصده بضرورة رحيل كل المنظومة التي فشلت سياساتها، على حد تعبيره.
ولكن مرزوق ليس الوحيد الذي يصيبه النسيان أحياناً، وأغلب السياسيين من أهمهم إلى أصغرهم، أصبحوا يستهدفون ذاكرتنا ويسخرون منا، وربما ظنوا أنه إذا كانوا هم مصابين بالعمى فنحن مصابون بالضرورة بالصمم!
ومع تغيّر التحالفات السياسية، استعداداً للانتخابات المقبلة، تتغير اصطفافات البعض من حلف إلى آخر، في حركة تفكيك وإعادة تركيب سريعة وغريبة. وشهدت الأيام الأخيرة اندماجاً بين حركة "تحيا تونس" وحزب "المبادرة"، وتقارباً بين حزب "مشروع تونس" وأحد شقي "نداء تونس"، وهناك اجتماعات أخرى بغاية لملمة ما يمكن لتشكيل جبهات جديدة، وهذا كله أمر معقول ومفهوم على الرغم من كل ما فيه من تناقضات.
ولكن مسؤولي "المشروع" و"النداء" في آخر اجتماعاتهم استعرضوا نقطة مهمة، تتعلق بما تثيره قضية اغتيال الزعيم المعارض للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، صالح بن يوسف، وعبّروا عن تنديدهم بهذه المحاكمة الجديدة. وخرج بورقيبيون كثيرون يستنكرون هذه المحاكمات، واصفين منظومة العدالة الانتقالية بأنها انتقامية وتزرع التفرقة بين التونسيين، وهذا حقّهم طبعاً، تكفله تونس الجديدة التي تتسع لكل الآراء والأفكار. ولكن المثير هو ما يتعلق بالقراءة السياسية، فقد قال رئيس "المشروع" محسن مرزوق في تصريح صحافي، إن "هناك سياسات خطأ تركتنا في أزمة منذ أربع سنوات، ولم نحقق تقدّماً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي... ولا بد من رحيل نظام سياسي لم ينجح". كما انتقدت وطفة بلعيد، المسؤولة في الحزب نفسه، المنظومة الدستورية النابعة عن دستور 2014، "التي صاغتها بعض الأطراف على مقاسها لتصفية الحسابات السياسية"، كما انتقدت المحاكمات المقررة ضمن مسار العدالة الانتقالية، قائلة إن "المستهدف منها هو الزعيم الحبيب بورقيبة، وهي محاكمات نرفضها".
ولكن من يقرأ هذه التصريحات يُصَب بالذهول والتعجب، لأن حزب "مشروع تونس" وشق النداء، أياً كانا، هما من حزب "النداء" الذي أُسست عليه منظومة حكم 2014، وكان مرزوق أحد أهم لاعبيها، ولا يزال حزبه إلى اليوم مشاركاً في الحكومة، ولا أحد يفهم ما الذي يقصده بضرورة رحيل كل المنظومة التي فشلت سياساتها، على حد تعبيره.
ولكن مرزوق ليس الوحيد الذي يصيبه النسيان أحياناً، وأغلب السياسيين من أهمهم إلى أصغرهم، أصبحوا يستهدفون ذاكرتنا ويسخرون منا، وربما ظنوا أنه إذا كانوا هم مصابين بالعمى فنحن مصابون بالضرورة بالصمم!