سياسة التقشف السعودية أدخلت الاقتصاد في دائرة الركود

01 أكتوبر 2017
الركود يصيب الاقتصاد السعودي (فرانس برس)
+ الخط -
أظهرت بيانات رسمية يوم السبت أن اقتصاد المملكة العربية السعودية عاد إلى الانكماش مرة أخرى، بعد ركود قطاع النفط وتضرر القطاع الحكومي بسياسات التقشف، الهادفة إلى تقليص العجز في ميزانية الدولة والناجم عن انخفاض أسعار النفط.

وتقلص الناتج المحلي الإجمالي، الذي تم تعديله لمواجهة التضخم، 2.3 % عن الربع السنوي السابق في الفترة من إبريل /نيسان إلى يونيو/ حزيران بعد أن تراجع 3.8 % في الربع الأول.

وتعاني السعودية من أوضاع اقتصادية صعبة بعد انهيار أسعار النفط في العام 2014، حيث تعتمد إيراداتها على العائدات النفطية. ولمواجهة العجز الكبير في ميزانية الدولة، لجأت الحكومة إلى تخفيض رواتب القطاع العام وتخفيض الدعم وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود، والكهرباء، والمياه. وشرعت المملكة أيضًا في اقتراض المليارات من الداخل والخارج.

علاوةً على ذلك، تضاءلت فرص التوظيف بالقطاع الحكومي – الذي يُعد الوجهة الأولى والمفضّلة للسعوديين الباحثين عن فرصة عمل – وهو ما بثّ الخوف من المستقبل في نفوس الأجيال الشابة التي لا تستطيع الحصول على فرصة عمل.

ويحدد الاقتصاديون الركود بوجه عام بحدوث فترتين متتاليتين من انكماش الناتج المحلي الإجمالي على أساس معدلات كل ربع على حدة. وكانت السعودية قد شهدت حالة من الركود في أوائل 2016 بحسب رويترز.

وأدى اتفاق لدعم الأسعار بين منتجي النفط على مستوى العالم إلى قيام السعودية بتقليص إنتاجها أوائل هذا العام، وهو ما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي. وتقلص قطاع النفط 1.8 % في الربع الثاني مقارنة بعام سابق بعد أن تراجع 2.3% في الربع الأول.

ومن المقرر أن يسري الاتفاق حتى نهاية شهر مارس/آذار المقبل، لكن مصادر في منظمة أوبك وصناعة النفط توقعت مد تقليص الإنتاج وهو ما يعني أن الاقتصاد السعودي ربما لن يحصل على دعم من القطاع النفطي لعدة شهور أخرى.

وفي الوقت ذاته قلصت الحكومة الإنفاق لتجنب أزمة مالية بسبب انخفاض عائدات صادرات النفط. ونتيجة لذلك نما القطاع غير النفطي للدولة بمعدل واحد في المائة فقط في الربع الثاني، مقارنة بالعام الماضي بعد أن تقلص 0.1% في الربع الأول.

وفي غياب الدعم الكبير من إنفاق الدولة، عانى القطاع الخاص إذ لم يتحسن سوى بمعدل 0.4% في الربع الثاني مقارنة بالعام الماضي منخفضا عن نسبة نمو 0.9 % في الربع الأول.

وقالت الحكومة إنها تخطط لحزمة تحفيزية خلال الربع الرابع من العام الحالي، تتضمن قروضاً حكومية ومزايا مالية أخرى لتشجيع الاستثمار والنمو في القطاع الخاص.

وحجم الحزمة غير واضح لكن المزيد من الخطوات التقشفية، التي تهدف للقضاء على عجز الموازنة بحلول عام 2020، ستؤثر على الأرجح على النمو.

وتخطط السعودية لطرح ضريبة قيمة مضافة بقيمة 5% على كثير من السلع بحلول شهر يناير/ كانون الثاني كما تبحث السلطات زيادة الأسعار المحلية للوقود.

من جهة أخرى، كشفت النشرة الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهي ذاتها البنك المركزي في المملكة العربية السعودية، تراجع الموجودات الإجمالية بنهاية شهر أغسطس/ آب 2017 إلى 1.874 تريليون ريال (499.7 مليار دولار)، مقابل 2.167 تريليون ريال (577.7 مليار دولار) بنهاية الشهر ذاته من العام الماضي، بانخفاض نسبته 13.52%.

وتلجأ السعودية الى الاقتراض من الأسواق الدولية، إذ تعتزم اقتراض 12.5 مليار دولار من أسواق المال العالمية ، عبر طرح سندات دولية جديدة، وتأتي الخطوة في إطار محاولة حكومة المملكة تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة والبالغ أكثر من 52 مليار دولار عن العام الجاري 2017.

وأعلنت وزارة المالية السعودية، الأسبوع الماضي، إتمامها تسعير الطرح الثاني للسندات الدولية، وذلك ضمن برنامج حكومة المملكة العربية السعودية الدولي لإصدار أدوات الدين.

وأوضحت الوزارة أنها باعت نحو 12.5 مليار دولار (ما يعادل 46.9 مليار ريال) كسندات دولية، مقسمة على ثلاث شرائح كما يلي: 3 مليارات دولار (ما يعادل 11.3 مليار ريال سعودي) لسندات استحقاق عام 2023، و5 مليارات دولار (ما يعادل 18.8 مليار ريال سعودي) لسندات استحقاق عام 2028، و4.5 مليارات دولار (ما يعادل 16.9 مليار ريال سعودي) لسندات استحقاق عام 2047.

(العربي الجديد)

المساهمون