سوق التوفير... بضائع في متناول الجميع بصيدا اللبنانية

18 يوليو 2020
سلع جيّدة بأسعار مناسبة (العربي الجديد)
+ الخط -

 

في لبنان، لا توفّر الأزمة القائمة اليوم أيّاً من فئات المجتمع. وهذا ما يستدعي البحث عن حلول من شأنها التقليل من تبعات ما يحصل ودعم العائلات التي تحتاج إلى ذلك أكثر من سواها.

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها اللبنانيون، قامت مبادرات عدّة هدفها التخفيف عن المواطن في ظلّ غياب سياسات اقتصادية حكومية ناجحة. ومن تلك المبادرات "سوق التوفير الصيداوي" الذي أطلقته مؤسسة "الرعاية" في مدينة صيدا جنوبي البلاد بهدف تأمين سلع أساسية من مواد غذائية ومنظفات ضرورية تحتاجها كلّ عائلة. ويومياً، منذ الصباح، تقصد عائلات عدّة سوق التوفير لتأمين ما يلزمها لقاء أسعار أقلّ من الأسواق التجارية الأخرى، علماً أنّ البضائع ذات جودة عالية. وبهدف الاستفادة، لا بدّ من الحصول على بطاقات من مركز "الرعاية" متوفّرة لجميع سكان المدينة مجاناً.

يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة "الرعاية"، غسان حنقير، لـ"العربي الجديد" إنّ "فكرة سوق التوفير انطلقت مع بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان، بعد انطلاق الثورة ضدّ الفساد (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019)، إذ بدأ الوضع الاقتصادي يتدهور في ظلّ انخفاض سعر الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الأميركي وارتفاع أسعار السلع الغذائية". يضيف حنقير أنّه "في إطار المشاريع الإنتاجية في المؤسسة، أتى سوق التوفير الذي يُنظَّم مرّة واحدة أسبوعياً في أحد مواقف السيارات في مدينة صيدا. لكنّنا مع انتشار فيروس كورونا الجديد والالتزام بالحجر المنزلي وإعلان التعبئة العامة، اضطررنا إلى وقف السوق بصيغته الأساسية. ومع اتّجاه الوضع الاقتصادي إلى مزيد من الانهيار، صار من الصعب على المواطن المقيم في مدينة صيدا أن يؤمّن المواد الغذائية الأساسية، فعمدنا إلى جعل ذلك السوق في محلّ". يُذكر أنّ أحد فاعلي الخير، وهو فلسطيني مقيم في مدينة صيدا، قدّم محلاً تجارياً لهذا الغرض مجّاناً.

 

 

ويوضح حنقير أنّ "سوق التوفير يضمّ بضائع مستوردة من تركيا وباكستان إلى جانب بعض المنتجات اللبنانية. ونحن نحاول دائماً تأمين مواد غذائية بأسعار تناسب المجتمع المحلي، لأنّ التجّار بمعظمهم يسعّرون بضائعهم بحسب سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء"، مؤكداً: "استطعنا تأمين بضائع بجودة ممتازة وأسعار ملائمة للجميع".

ويلفت حنقير إلى أنّ "الدخول إلى السوق يكون من خلال بطاقات متوفّرة لدى مؤسسة الرعاية وهي تخصّ سكان صيدا وضواحيها، فهذا السوق يخصّ سكان المدينة من دون تمييز لجهة الدين أو الجنسية. وقد تمّ في المرحلة الأولى توزيع البطاقات من خلال تجمّع المؤسسات الأهلية في المدينة، إذ قامت كلّ جمعية بتقديم مجموعة من الأسماء. أمّا في المرحلة الثانية، فكانت الفئة المستهدفة هي الأيتام المكفولين من خلال مؤسسة الرعاية والعائلات المتعففة المسجّلة لدى المؤسسة. وفي المرحلة الثالثة، استُهدف المقيمون في مدينة صيدا. واليوم، يجري التحضير للمرحلة الرابعة التي ستشمل سكّان المخيّمات الفلسطينية والنازحين السوريين، والهدف من ذلك التضامن والتكافل الاجتماعيَّان لأنّ الوضع الاقتصادي سيّئ على الجميع". ويكمل حنقير أنّ "توزيع البطاقات هو للحدّ من الازدحام ومن استغلال الأمر من قبل بعض الناس الذين قد يعمدون إلى إعادة بيع البضائع. فحامل البطاقة يحقّ له الشراء مرّة واحدة أسبوعياً".

بالنسبة إلى حنقير، فإنّ "ما شاهدناه في الفترة الأخيرة من صور لبرّادات منزلية فارغة من الطعام، يجعلنا نخاف من تحوّل الأزمة الاقتصادية إلى أزمة أمنية وهذا أخطر ما يمكن حدوثه. لذلك دورنا هو تحقيق الأمان الاجتماعي للتخفيف من الاضطرابات الأمنية والاقتصادية". ويشدّد على أنّ "مؤسسة الرعاية ستسعى إلى توفير بضائع سوق التوفير بشكل دائم حتى يتمكّن سكان المدينة من تأمين حاجياتهم".

 

 

فاطمة أحمد ربة منزل تؤمّن حاجياتها من سوق التوفير، تقول لـ"العربي الجديد": "أشتري المواد الغذائية والحبوب من سوق التوفير لأنّ أسعارها فيه أقلّ من الأسواق الأخرى، خصوصاً أنّ العملة اللبنانية صارت بلا قيمة في ظلّ ارتفاع سعر الدولار الأميركي الأمر الذي يدفع التجّار بمعظمهم إلى رفع أسعار المواد الغذائية بحسب سعر الصرف في السوق السوداء". من جهته، يخبر علي حسن "العربي الجديد" أنّه حصل على بطاقة من مؤسسة "الرعاية" لاستخدامها في شراء المواد الغذائية المطلوبة لعائلته، مؤكداً أنّه "من خلال ذلك تمكّنت من توفير أكثر من 50 في المائة من سعر المواد الغذائية بحسب المتوقّر في المحال". ويشكو من "الغلاء الذي يكوينا، فنحن لم نعد نستطيع تأمين ما يلزمنا، لذلك لجأنا إلى هذا السوق الذي يوفّر كلّ ما نحتاجه بالسعر المناسب لنا، مع العلم بأنّ البضائع كلّها جيدة".

تجدر الإشارة إلى أنّ مؤسسة "الرعاية" تسعى إلى فتح فروع أخرى من "سوق التوفير" في نظاق مدينة صيدا، بهدف التخفيف من أعباء المواطنين، على أمل أن تعمّم هذه التجربة على باقي المدن اللبنانية للحدّ من الاحتكار وارتفاع أسعار السلع باختلافها.

المساهمون