بعد هدوء دام عدة أيام نتيجة أحوال الطقس المتردية، ونتيجة التحضيرات المتبادلة للجولة المقبلة من القوات السورية الحكومية بقيادة من إيران وحزب الله وبقية المليشيات، من جهة، وقوات المعارضة المسلحة من جهة ثانية، تمكن مقاتلو المعارضة من استعادة السيطرة على معظم المناطق التي خسروها يوم السبت إثر هجوم مفاجئ قامت به قوات النظام والحلفاء من حزب الله اللبناني والإيرانيين. سيناريو مشابه لما حصل في ريف حلب قبل أيام، حين دحرت قوات المعارضة القوات الإيرانية واللبنانية والسورية الحكومية وأوقعت في صفوفها خسائر كبيرة.
وقالت مصادر المعارضة إن الثوار استعادوا السيطرة على تلول فاطمة في ريف درعا الشمالي، بعد مواجهات عنيفة مع قوات النظام وعناصر الحرس الثوري الإيراني، أسفرت عن سقوط قتلى من الطرفين. كما أعلن الثوار استعادة السيطرة على منطقة "تل قرين" وبلدة السلطانية، والتي كانت قوات النظام بمساندة مليشيات أجنبية قد سيطرت عليها فجر السبت، بعد هجوم عنيف شنته على تلك المناطق.
وقالت مصادر ميدانية لـ "العربي الجديد" إن مقاتلي المعارضة واصلوا بعد سيطرتهم على التل الواقع ما بين بلدة كفر ناسج وبلدة الهبارية، التقدم لاستعادة بعض النقاط التي احتلتها قوات النظام، وخاصة بلدة الهبارية وسط مقاومة قوية من جانب قوات النظام والمليشيات التي تقاتل معها والمسنودة بقصف جوي ومدفعي عنيف.
وفي كلمة له بثت عبر موقع "يوتيوب"، قال الرائد عصام الريس، الناطق العسكري باسم الجبهة الجنوبية، "سنلقن العدو درساً آخر، بعد درس السابع من شباط"، تاريخ خسارة قوات الأسد وميليشياته أكثر من 100 مقاتل ينتمون إلى جنسيات متعددة. كما نشر حساب مراسل "جبهة النصرة" في الجنوب، صوراً لعشرات الجثث لعناصر قال إنها تعود لمقاتلين من حزب الله والمليشيات الإيرانية متناثرة في بلدة السلطانية بريف دمشق الغربي.
وفي منطقة سعسع الواقعة بين محافظتي ريف دمشق والقنيطرة، قتل عدد من عناصر قوات النظام والمليشيات، خلال عملية نوعية لمقاتلي المعارضة الذين بثوا فيديو على موقع يوتيوب باسم: "وإن استنصروكم" يوثق العملية التي تم خلالها السيطرة على مبنى "المعصرة" في بلدة المقروصة غربي سعسع، إثر تفجير سيارة مفخخة بالمبنى، ما أدى إلى مقتل وإصابة جميع من فيه، وأظهر الفيديو الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والثوار الذين يواصلون تقدمهم في المنطقة.
إقرأ أيضاً: النظام يحاول التقدّم في حلب مستغلاً خلاف "النصرة" و"حزم"
من جانبها، قصفت قوات النظام بشدة بلدات كفر ناسج وكفر شمس وتل غرين في مثلث درعا - القنيطرة - ريف دمشق الغربي بالقذائف المدفعية والصواريخ من الكتيبة 110 في الصنمين واللواء 121، بالتزامن مع غارات جوية كثيفة على مناطق تل عنتر وكفر ناسج، بينما ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على بلدة مسحرة.
كما تم استهداف تل الحارة، وطريق عقربا - كفر شمس وبلدات كفر شمس والطيحة، والمال براجمات الصواريخ من مقر الفرقة التاسعة بالصنمين. وكانت وكالة أنباء النظام "سانا"، نقلت عن مصدر عسكري قوله إن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة بسطت سيطرتها على بلدات الهبارية وخربة سلطانة وحمريت وتل قرين، بعد أن قضت على عدد من إرهابيي جبهة النصرة ودمرت أسلحتهم". ويقول نشطاء في المنطقة إن قوات النظام وعناصر من حزب الله اللبناني حاولت التقدم نحو قريتي سلطانية وحمريت، ودارت اشتباكات عنيفة على إثرها مع فصائل المعارضة، ونفوا سيطرة النظام على تلك القرى. ودارت اشتباكات مماثلة بين الطرفين في جبهة بلدة دير ماكر حيث تستمر معارك الكر والفر منذ أكثر من عشرة أيام، حاول خلالها النظام التقدم من جهة تلول فاطمة.
من جهته، قال قائد فرقة التوحيد العاملة في القنيطرة إنه سقط نتيجة هذه المعارك نحو عشرة من مقاتلي المعارضة وأصيب 15 آخرون، بينما قتل أكثر من 25 عنصراً من قوات النظام وجرح عدد آخر.
تكتيك النظام
منذ أكثر من أسبوعين، تشهد المنطقة الجنوبية مواجهات عنيفة في إطار ما سماها النظام "معركة الحسم" التي أراد خلالها السيطرة على مساحات واسعة، تمتد بين محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق بطول يزيد على 50 كيلومتراً، وهي معركة باتت بقيادة مباشرة من إيران ومن حزب الله اللبناني. ويلفت بعض قادة الجيش الحر في المنطقة الجنوبية إلى أن القوات المهاجمة اتبعت حتى الآن عده تكتيكات في عملياتها، إذ تعمد بداية إلى إرسال مجموعات صغيرة تحاول الاقتحام، وتلتحم بالمدافعين من الجيش الحر، لاكتشاف قدرات الدفاع وثغراته، وتتبعها قوة كبيرة مؤللة، تنفذ الاقتحامات الرئيسية في النقاط الأضعف، وهو تكتيك مكلف بشرياً للقوات المهاجمة لكنه فعال.
ومن بين التكتيكات أيضاً، دخول القوات المهاجمة إلى المناطق، ثم الانسحاب سريعا منها فور تعرضها لضغط ناري، ما سمح لها بتقليص حجم الإجهاد من جهة، واستنزاف قوات الجيش الحر وذخائره، وإرهاق مقاتليه في عمليات كر وفر. وفي حين تعتقد القوة المدافعة بأنها تعيد تحرير المناطق، فإنها في الحقيقة تصرف طاقتها وذخيرتها ووقودها بينما القوة المهاجمة هيأت نفسها لمعركة طويلة في هذه المناطق.
إقرأ أيضاً: المعارضة السورية وجبهة الفوعة: معركة الحساسيات الطائفية