تتزايد بشكل دائم المؤشّرات التي تؤكّد انهيار النظام السوري عسكرياً، والتي تكشف أن صموده حتى الآن ناتج عن دعم الميليشيات الخارجية له، وهو ما تُرجم أخيراً مع مباشرة الجيش السوري بعمليات مداهمة لمنازل الشبان المسرّحين سابقاً من الخدمة الإلزامية، في أحياء حلب الخاضعة لسيطرة النظام، وتحديداً وسط وغربي المدينة، وذلك بهدف تبليغ هؤلاء الشبان أو سحبهم بالقوة ليبدأوا الخدمة كمجندي احتياط في الجيش السوري.
ويسعى النظام من عملية الاعتقال والتجنيد الإجباري لهولاء الشبّان إلى تغطية النقص الكبير في أعداد المجندين في صفوف قواته، بسبب الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له في الأشهر الماضية، نتيجة مقتل أعداد كبيرة منها في المواجهات مع قوات المعارضة، وتسرّب أعداد كبيرة منها من الخدمة، فضلاً عن امتناع الشبّان الذين دخلوا في سنّ الخدمة العسكريّة الإلزاميّة أخيراً عن التوجّه لأداء خدمتهم العسكرية، نظراً لتدهور الأوضاع الميدانيّة في سورية.
يؤكّد شهود عيان في الأحياء التي يسيطر عليها النظام السوري في مدينة حلب، لـ"العربي الجديد"، قيام دوريات تابعة لفرع الشرطة العسكرية، بمداهمة منازل عدّة في أحياء الأعظمية والأكرمية والفرقان وسواها، بحثاً عن المكلفين بخدمة الاحتياط في الجيش السوري.
وكانت قوات النظام السوري، المنتشرة على الحواجز العسكرية في المدينة، قد بدأت منذ أيام، باعتقال الشبان الذين تراوح أعمارهم بين 24 عاماً و32 عاماً، ممّن أنهوا خدمتهم الإلزامية في وقت سابق، بهدف سحبهم للخدمة في الجيش السوري كمجندي احتياط.
ولم تقتصر الاعتقالات على الشبّان الذين أدوا الخدمة الإلزاميّة في الجيش فحسب، بل شملت شباناً لم يؤدوا خدمتهم الإلزامية بعد، على الرغم من أنّهم يحملون وثائق تثبت أنهم ما زالوا يكملون دراستهم الجامعية، وهو ما يوجب قانوناً، تأجيل سحبهم للخدمة حتى إنهاء دراستهم.
ويبدو أنّ حواجز قوات النظام السوري، وفق ما يقوله الطالب في كلية العلوم في جامعة حلب، حسن مرواني، لـ"العربي الجديد"، لم تعد تعتدّ في الفترة الأخيرة، بوثائق تأجيل خدمة العلم بسبب الدراسة الجامعية. ويوضح أنّ "عناصر الفروع الأمنيّة والشرطة العسكريّة، المنتشرة على حواجز قوات النظام السوري في الأحياء التي تسيطر عليها هذه القوات في مدينة حلب، أصبحت في الفترة الأخيرة توقف جميع الشبان الذين يحملون وثائق تأجيل خدمتهم في الجيش، ليقوموا بتمزيقها واعتقال الشبان وسحبهم بالقوة للخدمة في الجيش".
ويشير الى أنّ "هذا الأمر لم يقتصر على الشبان المكلّفين بالخدمة الإلزاميّة، بل شمل أيضاً الشبان الأكبر عمراً والذين أنهوا خدمتهم العسكريّة في وقت سابق، إذ أصبحت حواجز قوات النظام تعتقلهم في الفترة الأخيرة، بحجّة سحبهم إلى معسكرات الجيش السوري ليؤدوا الخدمة هناك كمجندين احتياط".
وتتزامن هذه الاجراءات مع امتناع شُعَب التجنيد التابعة للجيش السوري، عن إعطاء وثيقة "لا مانع من السفر" التي يحتاجها الشاب السوري الذي لم يبلغ الأربعين من العمر في حال رغب بمغادرة البلاد. ويوضح الطبيب ياسين حمود، لـ"العربي الجديد"، أن موظّف شعبة التجنيد امتنع عن إعطائه وثيقة "لا مانع من السفر"، بحجّة أن القوائم الكاملة لأسماء المطلوبين لخدمة الاحتياط لم تصل بعد من وزارة الدفاع في دمشق.
وأصدرت وزارة الدفاع السورية، في وقت سابق، قراراً برفع الرسوم اللازمة لاستخراج وثيقة "لا مانع من السفر" من ألفي ليرة سورية (12 دولاراً أميركياً تقريباً) إلى ثلاثين ألف ليرة سورية (184 دولاراً أميركياً)، بهدف زيادة المردود المادي لمنح هذه الوثائق، نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد الشبان الراغبين في السفر والخروج من مناطق سيطرة النظام السوري هرباً من الخدمة في الجيش.
ونشرت قوات النظام السوري في الأيام الأخيرة، أكثر من عشرين حاجزاً معززاً بعناصر من الشرطة العسكرية في مناطق سيطرتها، وسط وغربي مدينة حلب، بهدف اعتقال الشبان وسحبهم للخدمة في الجيش. إثر ذلك، اعتقل حاجز دوار الطب العربي في حي شارع النيل وحواجز دوار الشفا ودوار قرطبة ودوار الموت في حي حلب الجديدة، وحاجز ساحة جامعة حلب، مئات الشبان الذين تراوح أعمارهم بين 24 عاماً و40 عاماً.