سورية: الكاميرا في مواجهة الرصاص

03 مايو 2015
أعداد الصحافيين القتلى في ارتفاع مستمر (Getty)
+ الخط -
تشكل الساحة السورية منذ أربعة أعوام بيئة نموذجية، يجتمع فيها كل أنواع الانتهاكات التي قد ترتكب بحق العاملين في الحقل الإعلامي، والتي تبدأ بالمضايقات والحد من حرية التعبير، وتنتهي بالقتل أو الموت تحت التعذيب، خاصةً في سجون النظام السوري الذي وضع منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة حملة الكاميرات في مقدمة أعدائه الخطرين وتعامل معهم بقسوة، لا تقل، وتزيد أحياناً، عن تعامله مع حملة السلاح.
في آخر تقاريرها، الصادرة أمس، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ستة إعلاميين في شهر نيسان/أبريل الماضي، منهم أربعة قتلوا على يد قوات النظام (ثلاثة تحت التعذيب في سجون النظام) واثنان قتلا على يد تنظيم "الدولة الإسلامية". وسجل الشهر المذكور عدة عمليات خطف للصحافيين أو اعتداء على ممتلكاتهم على يد النظام، وتنظيم الدولة وجبهة النصرة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وبحسب تقارير الشبكة فإن عدد الإعلاميين الذين قتلوا في سورية خلال السنوات الأربع الماضية بلغ 469 إعلامياً، منهم أكثر من 400 صحافي وناشط إعلامي قتلوا على يد النظام السوري، و30 منهم على الأقل قضوا تحت التعذيب، بينما تعرض 1030 إعلامياً للخطف أو الاعتقال.
واعتقل تنظيم "داعش" 62 إعلامياً، بينهم 13 أجنبياً. بينما اعتقلت جبهة النصرة 13 إعلامياً، كما اعتقلت فصائل المعارضة 42 إعلامياً.

[إقرأ ايضاً: تقبيل الحذاء العسكري... منهج التلفزيون السوري]

الظروف الخاصة التي فرضها القمع الشديد من جانب النظام لأية تغطية إعلامية لا تخضع تماماً لهيمنته المباشرة، أبرزت على نحو لافت دور المواطن الصحافي الذي يحاول أن ينقل بما توفر له من وسائل بسيطة ما يجري في منطقته، وقد كان هذا المواطن هو المصدر الرئيسي، وأحياناً الوحيد، للمعلومات في العديد من مناطق سورية خاصة في الأشهر الأولى للتحركات الشعبية، حيث كانت جميع مناطق البلاد تخضع لسيطرة النظام. ولا يمكن لأي وسيلة إعلامية العمل في سورية دون موافقته. ومع الخروج المتتالي للمناطق السورية المختلفة عن سيطرة النظام، بدأ العديد من القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام المختلفة توفد مراسلين، أو تتعاقد مع صحافيين محليين أو ناشطين، بعد تدريبهم لتأمين ما تحتاجه من تغطيات.
لكن حتى في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ظل العاملون في الحقل الإعلامي عرضة لمخاطر شتى مثل إمكانية مقتلهم أو إصابتهم خلال مواكبتهم للعمليات العسكرية جراء الاشتباكات أو القصف المدفعي والغارات الجوية، أو تعرضهم للاعتقال والخطف، سواء على يد النظام خلال اضطرارهم للتنقل عبر حواجزه، أو على يد المجموعات المسلحة المختلفة التي قد لا تعجب إحداها تغطية أو موقف أحد الإعلاميين.
ويشتكي العديد من الأوساط السورية من أن هذه المعاناة الهائلة للعاملين في الحقل الإعلامي في سورية، لا تلقى اهتماماً جدياً لدى الجهات الدولية، إلا حين يتعلق الأمر بخطف أو قتل أحد الإعلاميين الأجانب على يد تنظيم الدولة مثلا. بينما لا تكاد تذكر ممارسات النظام اليومية بحق الإعلاميين، فضلاً عن تعمد النظام حجب وإبعاد كل وسائل الإعلام التي لا تروقه؛ فارضا على المتلقي المحلي روايته للأحداث التي كثيرا ما تفترق بدرجات عن الواقع، وتعتمد على الدعاية الموجهة أكثر من اعتمادها على الحقائق والوقائع.
المساهمون