عبد الله الفخراني، صحافي مصري معتقل، تم إلقاء القبض عليه مع زميل له من صحافيي موقع "رصد" منتصف أغسطس/آب 2013 من شقة في عقار كائن في منطقة زهراء المعادي، جنوبي القاهرة. تنوعت التهم الموجهة إليه، ومن بينها "إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير السلم العام".
وقد احتُجز الصحافيون لمدة تجاوزت 48 ساعة من دون عرضهم على النيابة العامة فى مخالفة صريحة للمادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والذي يقضي بعدم جواز احتجاز مواطن أكثر من 24 ساعة من دون تقديمه للتحقيق.
ووجهت لهما النيابة العامة اتهامات "الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون"، و"الانضمام للجماعة مع علمهم بأغراضها على النحو المبين بالتحقيقات"، و"الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه محاولة قلب دستور الدولة وشكل حكومتها بالقوة"، و"التخريب العمدي لمبان وأملاك عامة ومخصصة لمصالح حكومية ولمرافق ومؤسسات عامة"، إلى جانب تهم أخرى، بينها "إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة في الخارج حول الأوضاع الداخلية بأن
بثوا عبر شبكة المعلومات الدولية وبعض القنوات الفضائية مقاطع فيديو وصورًا وأخبارًا كاذبة، وحيازة أجهزة بث وإرسال واستقبال من دون الحصول على التصريح بذلك من الجهات المختصة بغرض المساس بالأمن القومي.
وقد كتب الصحافي عبد الله الفخراني في رسالة من زنزانته في اليوم العالمي لحرية الصحافة:
"لقد كنت ساذجاً.. نعم كنت ساذجاً في أول أيام اعتقالي، حين ظننت أن العالم سينتفض للدفاع عني وعن زملائي وعن حرية الصحافة التي انتهكت في مصر بعد الثورة.
ظننتُ أن كل تلك المؤسسات الصحافية والحقوقية وقادة الرأي الذين يغنون ليلاً نهاراً لحرية الرأي والتعبير كقيمة ومبدأ، سيبذلون ما بوسعهم للوقوف في وجه الانتهاكات الصارخة التي تمارس ضد الصحافيين في مصر، وأنني لكوني اعتقلت بسبب ممارستي لمهنتي في الصحافة، فلن أمكث كثيراً في الزنزانة، أو على الأقل سأجد من يؤمن بقضيتي أنا وزملائي، لكني نسيت حينها واقع أن هذا العالم لا يذكر المبادئ كثيراً بقدر ذكره للمصالح والانحيازات السياسية.
هذا العالم سيتذكر الصحافيين الأجانب وسيتذكر من يعمل في مؤسسة إعلامية كبرى تضغط لتذكر به على شاشتها ومواردها المختلفة، سينتفض لسجنهم وينقل أخبارهم ويضغط للإفراج عنهم ثم يحتفل بخروجهم وتنتهي المعركة ناسياً أو متجاهلاً بأن ثمة أكثر من 20 صحافياً مصرياً من مختلف المؤسسات الإعلامية يمكثون خلف القضبان. واليوم يحكم على 13 منا بالسجن المؤبد "وأنا منهم" وعلى أحدنا بالإعدام".
ويضيف في رسالته: "كانت تهمتي التي أدنت بها هي نشر أخبار كاذبة والعمل على تشويه سمعة مصر في الخارج، وكان الحكم عليّ هو السجن المؤبد، وذلك رغم أن المحكمة لم تقدّم نموذجاً واحداً لخبر كاذب كدليل إدانة "إذا افترضنا أن تهمة كهذه تستحق حكماً كهذا،" وحرمني حتى من حقي في الحديث أمام القاضي بل ومن التواجد في المحكمة لسماع حكمي بنفسي!
إقرأ أيضاً: بالأرقام والأسماء والتوزيع الجغرافي: الاعتداءات على الصحافيين المصريين
منذ الانقلاب العسكري أصبحت حرية الإعلام في مصر تعني الحرية في إعداد حلقات توك شو تمجد النظام، أو الحرية في فبركة خبر عن اختراع علمي يبيع الوهم للناس، أو نشر بضعة أخبار لتشويه معارضيه من مختلف الاتجاهات، أو الحرية في الاستهانة بصحة المواطن بترويج أخبار تفيد مثلاً بأن غرق سفينة فوسفات حمولتها 500 طن في النيل؛ سيحسن نوعية مياهه
وستبقى صالحة لشرب ملايين المصريين منها مباشرة.
وقد احتُجز الصحافيون لمدة تجاوزت 48 ساعة من دون عرضهم على النيابة العامة فى مخالفة صريحة للمادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والذي يقضي بعدم جواز احتجاز مواطن أكثر من 24 ساعة من دون تقديمه للتحقيق.
ووجهت لهما النيابة العامة اتهامات "الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون"، و"الانضمام للجماعة مع علمهم بأغراضها على النحو المبين بالتحقيقات"، و"الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه محاولة قلب دستور الدولة وشكل حكومتها بالقوة"، و"التخريب العمدي لمبان وأملاك عامة ومخصصة لمصالح حكومية ولمرافق ومؤسسات عامة"، إلى جانب تهم أخرى، بينها "إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة في الخارج حول الأوضاع الداخلية بأن
وقد كتب الصحافي عبد الله الفخراني في رسالة من زنزانته في اليوم العالمي لحرية الصحافة:
"لقد كنت ساذجاً.. نعم كنت ساذجاً في أول أيام اعتقالي، حين ظننت أن العالم سينتفض للدفاع عني وعن زملائي وعن حرية الصحافة التي انتهكت في مصر بعد الثورة.
ظننتُ أن كل تلك المؤسسات الصحافية والحقوقية وقادة الرأي الذين يغنون ليلاً نهاراً لحرية الرأي والتعبير كقيمة ومبدأ، سيبذلون ما بوسعهم للوقوف في وجه الانتهاكات الصارخة التي تمارس ضد الصحافيين في مصر، وأنني لكوني اعتقلت بسبب ممارستي لمهنتي في الصحافة، فلن أمكث كثيراً في الزنزانة، أو على الأقل سأجد من يؤمن بقضيتي أنا وزملائي، لكني نسيت حينها واقع أن هذا العالم لا يذكر المبادئ كثيراً بقدر ذكره للمصالح والانحيازات السياسية.
هذا العالم سيتذكر الصحافيين الأجانب وسيتذكر من يعمل في مؤسسة إعلامية كبرى تضغط لتذكر به على شاشتها ومواردها المختلفة، سينتفض لسجنهم وينقل أخبارهم ويضغط للإفراج عنهم ثم يحتفل بخروجهم وتنتهي المعركة ناسياً أو متجاهلاً بأن ثمة أكثر من 20 صحافياً مصرياً من مختلف المؤسسات الإعلامية يمكثون خلف القضبان. واليوم يحكم على 13 منا بالسجن المؤبد "وأنا منهم" وعلى أحدنا بالإعدام".
ويضيف في رسالته: "كانت تهمتي التي أدنت بها هي نشر أخبار كاذبة والعمل على تشويه سمعة مصر في الخارج، وكان الحكم عليّ هو السجن المؤبد، وذلك رغم أن المحكمة لم تقدّم نموذجاً واحداً لخبر كاذب كدليل إدانة "إذا افترضنا أن تهمة كهذه تستحق حكماً كهذا،" وحرمني حتى من حقي في الحديث أمام القاضي بل ومن التواجد في المحكمة لسماع حكمي بنفسي!
إقرأ أيضاً: بالأرقام والأسماء والتوزيع الجغرافي: الاعتداءات على الصحافيين المصريين
منذ الانقلاب العسكري أصبحت حرية الإعلام في مصر تعني الحرية في إعداد حلقات توك شو تمجد النظام، أو الحرية في فبركة خبر عن اختراع علمي يبيع الوهم للناس، أو نشر بضعة أخبار لتشويه معارضيه من مختلف الاتجاهات، أو الحرية في الاستهانة بصحة المواطن بترويج أخبار تفيد مثلاً بأن غرق سفينة فوسفات حمولتها 500 طن في النيل؛ سيحسن نوعية مياهه
ويا للسخرية؛ فإن تلك الحرية لم تسعني واتهمت ومن معي من الصحافيين في السجن بإثارة الفوضى وتشويه صورة بلدنا "مصر"، لمجرد أننا نقلنا الصورة كما هي لا كما يود النظام أن ينقلها للعالم. نقلت الحدث بوجهة نظر محايدة لا بوجهة نظر الحاكم العسكري، فكانت عقوبتي السجن المؤبد!
ممارستي لمهنتي في الصحافة جعلتني أتنقل بين أربع سجون، حيث عذبت وضربت وجردت من ملابسي وحرمت من أي رعاية طبية ومن إكمال دراستي ومن إدخال الكثير من المتعلقات الشخصية الضرورية والكتب وغيرها.
ويقول الفخراني: حرمت من وجه أمي ومن خطبة الفتاة التي تمنيت وأحببت، ومن التخطيط لحياتي، أو لنقل إني حرمت من حياتي. فحياة بلا حرية ليست حياة، سجنت لأنني نقلت الجريمة وما زال القاتل حراً طلي
في بلادي ثمة من يرى أن الحظ كان حليفي لأنه حكم علي بالمؤبد لا الإعدام كزميلي الذي سيعدم كعقوبة له على نفس التهم التي وجهت لي (وهو الكاتب الصحافي وليد شلبي)... أو أني محظوظ لأني ما زلت أتنفس وإن كان داخل زنزانة كقبر ولم يتم قتلي خلال عملي الصحافي مثلما حدث مع 9 زملاء إعلاميين آخرين قتلوا برصاص قوات الداخلية في مصر منذ الانقلاب وهم أحمد عاصم، وحبيبة عبد العزيز، ومصعب الشامي (زميلي في شبكة رصد)، وأحمد عبد الجواد، ومايكل دين (المصور الصحافي البريطاني)، ومحمد سمير، وتامر عبد الرؤوف، ومصطفى الدوح، وميادة أشرف، وعليهم جميعاً وعلى الصحافة الحرة رحمة الله.
ضحكت بشدة حين رأيت صور وزير الخارجية المصري يتظاهر في باريس مع قادة العالم من أجل حرية التعبير بعد أحداث "شارلي ايبدو"، وتساءلت: هل سأله أحد عن عدد الصحافيين الذين قتلوا في عهده؟ أو عن عدد الصحافيين المسجونين خلف القضبان وهو يتظاهر باسم حريتهم؟ وكيف ستصبح ملامح وجهه لو أن أحدهم وجه له سؤالاً كهذا. لكن يبدو أنه الكيل بمكيالين".
يُكمل الصحافي عبد الله الفخراني في الرسالة: "في الحقيقة إنني ورغم كوني لا أنكر أنني أمر بأصعب مراحل حياتي؛ إلا أنني لم أندم طيلة سجني ولو للحظة على عملي الصحافي، وحتى بعدما حكم علي بالسجن المؤبد، وإنني أفتخر بكوني شاركت في تاسيس عدد من المواقع الإخبارية لـ"رصد" وغيرها، وشاركت في نشر ثقافة المواطن الصحافي... إن حبي لوطني وإيماني العميق بحق هذا الشعب في حياة إفضل وأكرم يجعلانني أكثر إصراراً يوماً بعد يوم على حرية الرأي والإعلام كهدف ومسعى، فبدونها نخسر الكثير من فرص... وتسليط الضوء على الظلم والفاسد ليعلم أن شعباً يراقبه ولن يسمح له بالمساس بحقه وكرامته ونواحي حياته.. وحيث ما وجدت حرية الإعلام؛ ستوجد الشعوب الواعية.
هذه كلمات وخواطر أكتبها بمناسبة مرور اليوم العالمي لحرية الصحافة للمرة الثانية وأنا خلف القضبان. فهل يا ترى سأرى النور قبل مرور هذا اليوم علي للمرة الخامسة والعشرين وأنا في زنزانتي وقد بلغت من العمر الخمسين؟".
إقرأ أيضاً: مصر حيث يسجن الصحافيون أو يموتون