يبدو أنّ "جبهة فتح الشام" (النصرة)، وهي العماد الأساسي لـ"هيئة تحرير الشام"، لم توافق على دعوات تسليم سلاحها وحل بنيتها التنظيمية، وهو ما رشح من كلمة مصورة لقائد الجبهة المُصنفة على لوائح الإرهاب الدولي، أبو محمد الجولاني، أمس الثلاثاء، وسط ترقّب مصير محافظة إدلب التي تضم أكبر عدد من المعارضين والمهجرين السوريين.
في غضون ذلك، تعرّضت قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية السورية، ليل الثلاثاء - الأربعاء، لهجومٍ جديد بطائرةِ مُسيرة "درون"، في وقتٍ شهدت فيه جبهات المواجهة بين النظام السوري و"الجبهة الوطنية للتحرير"، غربي حلب، شمالي البلاد، اشتباكاتٍ محدودة.
وظَهَرَ أبو محمد الجولاني، قائد "جبهة فتح الشام" (النصرة)، التي تُشكل الثقل الأساسي لـ"هيئة تحرير الشام"، أمس الثلاثاء، في كلمة مُصورة، بثتها "الهيئة" على معرفاتها الرسمية في الإنترنت، قائلاً إنّ فصيله لن يفاوض على تسليم سلاحه، داعياً فصائل شمال غرب سورية للتنسيق من أجل التصدي لهجماتٍ النظام المحتملة على إدلب.
وقال الجولاني إنّ فصيله وضع "خطة مُحكمة للدفاع" عن شمال غرب سورية "فكانت البداية بإخراج المليشيات الإيرانية والمسلحين من كفريا والفوعة... ثم أطلقنا عدة حملات أمنية على أوكار الخوارج (في إشارة إلى داعش) الذين يعملون على زعزعة الأمن الداخلي. وقد حاول النظام وحلفاؤه أن يتبعوا نفس أسلوب ما يسمى بالمصالحات الذي أسقط به مناطق الجنوب، فقمنا بمواجهتها واعتقلنا رؤوسهم وأفشلنا خطة النظام بالشمال المحرر".
وفي الأيام الماضية كانت قد رشحت أنباء عن مبادراتٍ طُرحت على "هيئة تحرير الشام" لتسليم سلاحها الثقيل وحل تنظيمها، ودمج عناصرها السوريين بفصائل "الجيش الحر"، لتجنيب محافظة إدلب هجوماً قد يشنه النظام بدعمٍ روسي هناك.
لكن الجولاني قال، خلال الكلمة المصورة، إنّ سلاح فصيله "خط أحمر لا يقبل المساومة أبداً، ولن يوضع يوماً ما على طاولة المفاوضات، فسلاحنا منبع قوتنا وعزتنا وقرارنا... وما جرى بالجنوب لن يسمح أبناء الشام الشرفاء أن يتكرر بالشمال".
واعتبر الجولاني أنّ "نقاط المراقبة التركية في الشمال لا يمكن الاعتماد عليها في مواجهة العدو.. فالمواقف السياسية قد تتغير بين التو واللحظة"، داعياً مختلف الفصائل في شمال غرب سورية، للتعاون مع فصيله "للارتقاء بالساحة لمزيد من التنسيق والتعاون".
واعتبر ناشطون سوريون حديث الجولاني هذا بمثابة رفض للدعوات التي وُجهت لـ"الهيئة" كي تحل نفسها وتسلم سلاحها الثقيل، لتجنيب محافظة إدلب مصيراً مشابهاً للغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة وريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي، والتي اعتمدت فيها قوات النظام السوري بمساندة روسيا سيناريو متشابهاً يبدأ بحملة عسكرية تخلّف آلاف القتلى والجرحى، وينتهي بتهجير المقاتلين المعارضين والأهالي، وتوقيع "اتفاق مصالحة".
في موازاة ذلك، قالت "الجبهة الوطنية للتحرير" إنّ عناصرها تصدّوا لهجوم من قبل قوات النظام نحو نقاطٍ لهم عند جبهة البحوث العلمية، غربي حلب، شمالي سورية.
وقالت "الجبهة"، وفق تصريحات صحافية للمتحدث باسمها ناجي أبو حذيفة، إنّ عناصرها تصدوا لمحاولة تسللٍ نفذتها مجموعة من قوات النظام نحو مقراتها قرب البحوث العلمية، وهي نقطة تماسٍ بين مناطق سيطرة النظام بمدينة حلب ومواقع تسيطر عليها "الجبهة" غربي المدينة، مشيرة إلى أنّ الاشتباكات أدت لمقتل ثلاثة عناصر من المُهاجمين، إضافة لوقوع إصابات بينهم.
من جهة أخرى، سُمعت بحسب شهود عيان، ليل الثلاثاء – الأربعاء، أصوات انفجارات بمحيط القاعدة الروسية القريبة من مدينة جبلة، جنوبي مدينة اللاذقية، وتبيّن لاحقاً أنّ مصدر الأصوات قادم من قاعدة حميميم التي تعرضت لهجومٍ بطائرة مُسيرة "درون".
وكان "المرصد السوري لحقوق الإنسان" قد وثّق 22 هجوماً، جرى تنفيذها عبر طائرات مسيرة، تمكّن بعضها من استهداف المطار وإحداث أضرار مادية ودمار في معدات ضمنه، فيما فشلت هجمات أخرى نتيجة استهدافها من قبل الدفاعات الجوية المسؤولة عن حماية المطار وأمنه. ومن ضمن المجموع العام للهجمات 5 هجمات متتالية على مدار 5 أيام جرت في أغسطس/آب الحالي، و13 هجوماً على الأقل استهدفت المطار خلال يوليو/تموز الماضي.