في السودان اليوم أزمة تطاول الغذاء، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية من جهة، ومن جهة أخرى اختفاء عدد منها. وبهدف مواجهتها، يلجأ أهل البلاد إلى وسائل عدّة، منها محاولة إيجاد بدائل ممكنة تمنع الجوع عنهم
تتفاقم الأزمة المعيشية في السودان مع التدهور المسجّل في المجالات كافة، لا سيّما في ظل ارتفاع أسعار السلع الضرورية وندرة بعضها. وفي هذه الأيام، تتشكّل في ولاية الخرطوم وولايات أخرى، طوابير طويلة من المواطنين الذين ينتظرون دورهم للحصول على الخبز، فتصير مشهداً أساسياً من الحياة في البلاد.
رحاب عبد الله، ربّة منزل تتألف أسرتها من خمسة أفراد، تخبر أنّ "وجبات الأسرة الرئيسة كانت تعتمد يومياً على الخبز واللحم والخضروات مع الأرزّ والمعكرونة والأجبان والألبان، مع بعض الزيادات خلال العطل الرئيسة والمناسبات". وتلفت إلى أنّ أسرتها مثلما هي حال الأسر السودانية الأخرى، "تأثرت خلال الأشهر الثمانية الأخيرة بالأوضاع المعيشية المتردية في البلاد. وهو ما اضطرنا إلى البحث عن بدائل في بعض الأحيان، وإلى التنازل عن أساسيات العيش التي اعتدناها على مدى سنوات طويلة في أحيان أخرى". وتشرح عبد الله لـ"العربي الجديد"، أنّهم تعاملوا مع "الوضع المعيشي الجديد من خلال توفير وجبات مختلفة، لتكون بديلة لما هو معدوم أو غالي الثمن"، مضيفة أنّه "مع عدم توفّر الخبز عدنا إلى استهلاك الكسرة والقراصة الشعبيتَين، بعد تجهيزهما داخل المنزل. والكسرة تُصنّع من طحين الذرة والقراصة من طحين القمح، وهما كانتا في الماضي الغذاء الرئيسي للسودانيين بمعظمهم".
اقــرأ أيضاً
وتتابع عبد الله أنّه "في مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم، اخترنا السخينة التي لا تحتاج سوى إلى بصل وزيت وتوابل. فأسرتي كانت تستهلك نصف كيلوغرام من اللحم في اليوم، لكنّ الأمر بات اليوم خارجاً عن قدرتنا المالية، فكانت السخينة هي الخيار الأوّل. أمّا الخيار الثاني فاستخدام نسبة ضئيلة من اللحوم وتجفيفها حتى نتمكّن من استهلاكها لأكثر من ثلاثة أيام، في حين أنّ الخيار الثالث هو تحويل السلطة المؤلّفة من الطماطم والبصل الأخضر والفليفلة من أحد المقبّلات إلى غذاء أساسي، لا سيّما إذا أضيفت إليها بودرة الفول السوداني المعروفة بالدكوة. هكذا تكون وجبة كاملة الدسم". وتلفت عبد الله إلى أنّهم تخلّوا في الوقت نفسه عن الحلوى والفواكه، ليبقوا على الموز التي يُعَدّ الأرخص من بين الفواكه.
في السياق، تقول خبيرة التدبير المنزلي إنعام النحاس، إنّ "الضغوط الاقتصادية التي انعكست على حياة السودانيين تفرض عليهم ابتكار حلول عاجلة"، مشيرة إلى أنّ "الحلّ المتاح راهناً يرتبط بالعودة إلى إنتاج الطعام داخل المنزل، خصوصاً الكسرة وحلة الملاح، بدلاً من اللجوء إلى الوجبات الجاهزة التي راحت تستهلكها الأسر في السنوات الأخيرة". تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "خضروات وحبوباً كثيرة قادرة على سدّ حاجة الأسر، مثل الفاصوليا والعدس والملوخية والتي لا يحتاج إعدادها إلى لحوم"، مشددة على "أهمية استغلال كلّ كمية الغذاء وما يتبقى منه بما في ذلك الخبز الجاف الذي يمكن استخدامه بعد أيام". وإذ تؤكد النحاس "أهمية الترشيد وعدم التبذير"، تلفت إلى أنّ "المرأة السودانية هي أشبه بوزيرة مالية واقتصاد داخل الأسرة، وهي قادرة على إيجاد حلول كثيرة وبدائل لتخلق من الفسيخ شربات". وتنصح النساء بـ"توفير المبالغ التي يصرفنها على أدوات التجميل وادخارها، بهدف صرفها على الغذاء عند حدوث ضائقة مماثلة".
من جهته، يقول رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك نصر الدين شلقامي، إنّ "العقل الإبداعي السوداني يعمل باستمرار لخلق بدائل سهلة وفي متناول الجميع بهدف مواجهة الأزمات الحالية". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجمعية تعمل هذه الأيام للاستفادة من براءة اختراع لمهندس سوداني منذ 1974 تتعلق بآلة خاصة بصناعة الكسرة، وهو بديل الخبز الأقرب". ويشير شلقامي إلى أنّ "عدم الإقبال الحالي على الكسرة سببه عدم عرضها بصورة جيدة وصحية"، مؤكداً أنّ "الشروط الصحية اللازمة سوف تُستكمل بعد تصنيع الآلة الجديدة بكميات كبيرة وتوزيعها على المخابز. ونجاح الفكرة يعتمد على دعم الدولة ودخول القطاع الخاص في مجال التنفيذ". وقد توقّع أن يكتمل المشروع في خلال ستّة أشهر.
أمّا الإعلامية فاطمة سالم، فتطالب "باستدعاء التجارب القديمة للأسر السودانية في تصنيع كل ما تحتاجه في داخل المنزل"، مشيرة إلى "الخبز الذي كان أكثر سلامة غذائية، خصوصاً أنّ الخبز المنتج خارج المنازل مشكوك في سلامته. ثمّة مخابز تستخدم ربّما مواد مضرة بصحة الإنسان". وتوضح سالم لـ"العربي الجديد"، أنّ "أسر الخرطوم بمعظمها تملك أفراناً صغيرة الحجم يمكن استخدامها لهذا الغرض. أمّا الأسر التي لا تملك مثلها، فإنّ من الممكن مساندتها من خلال دعائم التكافل الاجتماعي المعروف وسط السودانيين. والمساعدة تكون بواسطة الجيران أو الأقرباء أو حتى من خلال اتفاق بين نساء الحيّ الواحد اللواتي يعقدنَ جلسات للخبز على غرار جلسات القهوة المعروفة".
تتفاقم الأزمة المعيشية في السودان مع التدهور المسجّل في المجالات كافة، لا سيّما في ظل ارتفاع أسعار السلع الضرورية وندرة بعضها. وفي هذه الأيام، تتشكّل في ولاية الخرطوم وولايات أخرى، طوابير طويلة من المواطنين الذين ينتظرون دورهم للحصول على الخبز، فتصير مشهداً أساسياً من الحياة في البلاد.
رحاب عبد الله، ربّة منزل تتألف أسرتها من خمسة أفراد، تخبر أنّ "وجبات الأسرة الرئيسة كانت تعتمد يومياً على الخبز واللحم والخضروات مع الأرزّ والمعكرونة والأجبان والألبان، مع بعض الزيادات خلال العطل الرئيسة والمناسبات". وتلفت إلى أنّ أسرتها مثلما هي حال الأسر السودانية الأخرى، "تأثرت خلال الأشهر الثمانية الأخيرة بالأوضاع المعيشية المتردية في البلاد. وهو ما اضطرنا إلى البحث عن بدائل في بعض الأحيان، وإلى التنازل عن أساسيات العيش التي اعتدناها على مدى سنوات طويلة في أحيان أخرى". وتشرح عبد الله لـ"العربي الجديد"، أنّهم تعاملوا مع "الوضع المعيشي الجديد من خلال توفير وجبات مختلفة، لتكون بديلة لما هو معدوم أو غالي الثمن"، مضيفة أنّه "مع عدم توفّر الخبز عدنا إلى استهلاك الكسرة والقراصة الشعبيتَين، بعد تجهيزهما داخل المنزل. والكسرة تُصنّع من طحين الذرة والقراصة من طحين القمح، وهما كانتا في الماضي الغذاء الرئيسي للسودانيين بمعظمهم".
وتتابع عبد الله أنّه "في مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم، اخترنا السخينة التي لا تحتاج سوى إلى بصل وزيت وتوابل. فأسرتي كانت تستهلك نصف كيلوغرام من اللحم في اليوم، لكنّ الأمر بات اليوم خارجاً عن قدرتنا المالية، فكانت السخينة هي الخيار الأوّل. أمّا الخيار الثاني فاستخدام نسبة ضئيلة من اللحوم وتجفيفها حتى نتمكّن من استهلاكها لأكثر من ثلاثة أيام، في حين أنّ الخيار الثالث هو تحويل السلطة المؤلّفة من الطماطم والبصل الأخضر والفليفلة من أحد المقبّلات إلى غذاء أساسي، لا سيّما إذا أضيفت إليها بودرة الفول السوداني المعروفة بالدكوة. هكذا تكون وجبة كاملة الدسم". وتلفت عبد الله إلى أنّهم تخلّوا في الوقت نفسه عن الحلوى والفواكه، ليبقوا على الموز التي يُعَدّ الأرخص من بين الفواكه.
في السياق، تقول خبيرة التدبير المنزلي إنعام النحاس، إنّ "الضغوط الاقتصادية التي انعكست على حياة السودانيين تفرض عليهم ابتكار حلول عاجلة"، مشيرة إلى أنّ "الحلّ المتاح راهناً يرتبط بالعودة إلى إنتاج الطعام داخل المنزل، خصوصاً الكسرة وحلة الملاح، بدلاً من اللجوء إلى الوجبات الجاهزة التي راحت تستهلكها الأسر في السنوات الأخيرة". تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "خضروات وحبوباً كثيرة قادرة على سدّ حاجة الأسر، مثل الفاصوليا والعدس والملوخية والتي لا يحتاج إعدادها إلى لحوم"، مشددة على "أهمية استغلال كلّ كمية الغذاء وما يتبقى منه بما في ذلك الخبز الجاف الذي يمكن استخدامه بعد أيام". وإذ تؤكد النحاس "أهمية الترشيد وعدم التبذير"، تلفت إلى أنّ "المرأة السودانية هي أشبه بوزيرة مالية واقتصاد داخل الأسرة، وهي قادرة على إيجاد حلول كثيرة وبدائل لتخلق من الفسيخ شربات". وتنصح النساء بـ"توفير المبالغ التي يصرفنها على أدوات التجميل وادخارها، بهدف صرفها على الغذاء عند حدوث ضائقة مماثلة".
من جهته، يقول رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك نصر الدين شلقامي، إنّ "العقل الإبداعي السوداني يعمل باستمرار لخلق بدائل سهلة وفي متناول الجميع بهدف مواجهة الأزمات الحالية". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجمعية تعمل هذه الأيام للاستفادة من براءة اختراع لمهندس سوداني منذ 1974 تتعلق بآلة خاصة بصناعة الكسرة، وهو بديل الخبز الأقرب". ويشير شلقامي إلى أنّ "عدم الإقبال الحالي على الكسرة سببه عدم عرضها بصورة جيدة وصحية"، مؤكداً أنّ "الشروط الصحية اللازمة سوف تُستكمل بعد تصنيع الآلة الجديدة بكميات كبيرة وتوزيعها على المخابز. ونجاح الفكرة يعتمد على دعم الدولة ودخول القطاع الخاص في مجال التنفيذ". وقد توقّع أن يكتمل المشروع في خلال ستّة أشهر.
أمّا الإعلامية فاطمة سالم، فتطالب "باستدعاء التجارب القديمة للأسر السودانية في تصنيع كل ما تحتاجه في داخل المنزل"، مشيرة إلى "الخبز الذي كان أكثر سلامة غذائية، خصوصاً أنّ الخبز المنتج خارج المنازل مشكوك في سلامته. ثمّة مخابز تستخدم ربّما مواد مضرة بصحة الإنسان". وتوضح سالم لـ"العربي الجديد"، أنّ "أسر الخرطوم بمعظمها تملك أفراناً صغيرة الحجم يمكن استخدامها لهذا الغرض. أمّا الأسر التي لا تملك مثلها، فإنّ من الممكن مساندتها من خلال دعائم التكافل الاجتماعي المعروف وسط السودانيين. والمساعدة تكون بواسطة الجيران أو الأقرباء أو حتى من خلال اتفاق بين نساء الحيّ الواحد اللواتي يعقدنَ جلسات للخبز على غرار جلسات القهوة المعروفة".