سنتنا بيضاء

06 يناير 2016
تُحرّكنا، فنشعر بأنّنا أحياء (Getty)
+ الخط -

... وتطول قائمة "قرارات العام الجديد". قائمة نعدّها في الساعات الأولى من كلّ عام ينطلق، ونحمّلها كلّ أحلامنا وتطلعاتنا وأمنياتنا وحتى هواجسنا.

في انطلاقة كلّ عام، عود على بدء. ونعدّ قائمتنا الجديدة. كثيرة هي تلك القرارات التي قد تتكرّر، إلى حدّ الملل أحياناً، أو إلى حدّ تحوّلها ثوابت في قائمتنا السنويّة الشهيرة.

بعزيمة قويّة، نحدّد أولوياتنا وأهدافنا في انطلاقة كلّ عام، أو هكذا نوهم أنفسنا. كثيراً ما تتلاشى قرارات قائمتنا الشهيرة، مع كلّ يوم ينقضي. ونكتشف أن عزيمتنا تلك، لم تكن على قدر طموحاتنا ولا حتى توقعاتنا.

هكذا، عاماً بعد عام، نجرّ قرارات لم تُنفَّذ، قرارات تعثّرت، قرارات فشِلنا في الالتزام بها. نجرّها، وكلّنا أمل بتحقيقها في العام الجديد المنطلق. لا بدّ من أن تتحقّق، لا محالة. أحياناً، نجرّها فقط لأننا نعجز عن التخلّص منها، إذ ذلك قد يعني تخلّينا عن أهداف وأحلام، إذ ذلك قد يعني خداع أنفسنا. بيد أنّ كلّ تلك القرارات البائتة تُثقل ولا شكّ قائمتنا التي تُضاف إليها عاماً بعد عام قرارات وقرارات. تُثقلها، فتُعوّق التزامنا بتلك المستحدثة.

ونعدّ قائمتنا الجديدة. نتشاركها مع مقرّبين. وهؤلاء بدورهم، يبوحون لنا بقرارات قوائمهم. بذلك نحاول الإثبات لأنفسنا ولمن حولنا، بأننا لم نيأس.. بأننا كلّنا أمل بالغد الآتي. الأهداف والرغبات تمنح حياتنا معنى. تحرّكنا، فنشعر بأنّنا أحياء. تجعلنا نحسّ بأننا على أفضل ما يرام، وتدفعنا إلى الأمام.

في قرارة أنفسنا، ندرك - على الأرجح - أنّنا لن ننجح في الالتزام بقراراتنا تلك، أقلّه بعض منها. ندرك ذلك، إلا أنّنا نصرّ على وضع القائمة، وعلى رغبتنا في النجاح. ونبحث عن علامات داعمة. العام الذي ينطلق بالأمطار، لا بدّ من أن يكون خيّراً، ولا بدّ من أن يحمل لنا الأفضل. أما ذلك الذي ينطلق وقد غطّت المشهد ثلوج بيضاء، فإنه ولا شكّ علامة على أنّ "سنتنا بيضاء". وفي البلدان التي لا تعرف فصل شتاء في هذه الفترة من العام، فإن الشمس الساطعة ما هي سوى دليل على عام مبشر مقبل.

ونسعى إلى رفع حظوظنا، لعلّنا نفلح في الالتزام بقرارات العام الجديد. قد نلجأ إلى تلك العادة التي نتوارثها في منطقتنا منذ مئات السنين، عندما تُكسر جِرار من الفخّار خلف زائر ثقيل لا نرغب في عودته ثانية. ونكسر بعض آنية قبل طلوع فجر اليوم الأوّل من العام الجديد. لا بدّ من أن يضمن ذلك عاماً مختلفاً عن الذي انقضى، عاماً أكثر قابليّة لتحقيق الأحلام والأمنيات والتطلعات.

اقرأ أيضاً: الكذبة الحلوة
المساهمون