رقص كل من رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وزعيم المتمردين رياك مشار، اليوم الإثنين، على أنغام سودانية، قبل أن يخوضا مفاوضات مباشرة في الخرطوم، تحت رعاية هيئة التنمية الحكومية "إيغاد"، لإنهاء حرب أهلية امتدت 5 سنوات، في البلاد.
واختار السودان، أن تتخلل الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، بين طرفي الأزمة في جنوب السودان، فواصل موسيقية أفريقية سودانية، دفعت كلاً من سلفاكير، والرئيس السوداني عمر البشير، إلى التوجه لمكان الفرقة الموسيقية، والتمايل على الأنغام التي شدت بها الفرقة، لاسيما أشهر الأغاني الوطنية السودانية (أنا سوداني أنا أفريقي)، بينما وقف الخصمان اللدوان في صف واحد ملوّحين بأيديهما للحضور.
والتقى سلفاكير ومشار في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الأربعاء الماضي، وذلك للمرّة الأولى منذ انهيار اتفاق السلام بين الطرفين في أغسطس/آب عام 2016، وتجدد الحرب الأهلية في البلاد، إلا أنّ اللقاء فشل بالتوصّل إلى اتفاق، وخلص إلى الاجتماع مجدداً، اليوم الإثنين في الخرطوم.
ومنذ 2013، تعاني دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، حرباً أهلية بين القوات الحكومية و"الحركة الشعبية"، اتخذت بُعداً قبلياً، وخلّفت قرابة عشرة آلاف قتيل، وملايين المشردين، وأوضاعاً إنسانية صعبة، ولم ينجح اتفاق السلام المبرم في 2015 في إنهائها بعد انهياره.
والسودان عضو في الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا "إيغاد" التي تقود عملية السلام المتعثرة في جنوب السودان، وتسعى لتشكيل إدارة انتقالية.
وشارك، في الجلسة التي تأخرت عن موعدها أكثر من ساعتين، اليوم الإثنين، الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وممثلون عن "إيغاد"، فضلاً عن ممثلين للولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، وسفراء دول مقيمين في الخرطوم.
وقال سلفاكير، خلال الجلسة، إنّه جاء إلى الخرطوم "بعقل مفتوح للعمل مع زعيم المتمردين، لإنهاء معاناة وآلام الشعب في الجنوب، وإنقاذ اقتصاد البلاد"، وتعهّد "الالتزام بأي اتفاق يخرج جنوب السودان من الخزي الذي هو فيه، حتى يستمتع الشعب بالاستقلال والوحدة والازدهار"، مقللاً من حجم الخلافات بين الحكومة والمعارضة.
وأشاد سلفاكير، بموقف السودان "الداعم لمحاولات تحقيق السلام في جنوب السودان"، مشدداً على أهمية التعاون مع الخرطوم "لإعادة ضخ النفط في الجنوب، وتصديره عبر السودان".
وقبيل مغادرته المنصة الرئيسية للجلسة الافتتاحية بوقت قصير من بدايتها، قال موسيفيني، إنّه يدعم "بقوة الجهود التي تقوم بها الخرطوم، لتقريب شقة الخلاف بين فرقاء الأزمة في جنوب السودان"، معتبراً أنّ "الجنوب كان في طريقه للازدهار والنماء، لولا الحرب التي اشتعلت فيه".
ومن جهته، ذكّر البشير، بأنّ "الحرب في الجنوب، أثّرت على كافة الإقليم، والسودان يشعر بمرارتها من خلال 2 مليون لاجئ جنوبي، موجودين في السودان"، مشيراً إلى أنّ "الخرطوم تقف ضد محاولات فرض عقوبات على جنوب السودان".
وأوضح أنّ "العقوبات لن تفضي إلى حلول ولن يتأثر منها إلا المواطن"، داعياً كافة الأطراف إلى "تجاوز كافة المرارات والغبن الشخصي لصالح إنسان جنوب السودان".
وتعهّد البشير، بـ"تسخير كل الإمكانات السودانية، والخبرات التفاوضية الطويلة لصالح جنوب السودان، وإنجاح جهود منظمة (إيغاد)"، مؤكداً أنّ "ما يجمع أبناء الجنوب، أكبر بكثير من الخلافات الحالية".
وكانت عدة أطراف دولية، أبرزها الولايات المتحدة، قد هددت، قبل اللقاء المرتقب بين سلفاكير ومشار، بفرض عقوبات على أي طرف يتسبب في إفشال جولة التفاوض الحالية.
يُشار، إلى أنّ جلسات التفاوض التي ستغلق أمام أجهزة الإعلام، ستستمر لمدة 15 يوماً، بوجود كل من سلفاكير ومشار، على أن تنتقل إلى كينيا، في حال عدم التوصّل إلى اتفاق في الخرطوم.
ووقع طرفا الأزمة في جنوب السودان، اتفاق سلام في يوليو/تموز عام 2015، لكنّه انهار في أغسطس/آب عام 2016، وتجدد القتال من جديد. وبعد المعارك هذه، اضطر مشار إلى الفرار من بلاده، وهو موجود قيد الإقامة الجبرية في جنوب أفريقيا، لكنه لا يزال يمارس نفوذاً على حركته.
وأطلقت "إيغاد" مفاوضات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الأسبوع الماضي، فشلت في التوصّل إلى اتفاق، حول قسمة السلطة والترتيبات الأمنية ونظام الحكم في جنوب السودان، وهذا ما تسعى الأطراف إلى تجاوزه في الخرطوم، خلال 15 يوماً.