أدّى سقوط طائرة مقاتلة تابعة لقوات النظام السوري، فوق الرقة، صباح اليوم الثلاثاء، إلى مقتل ثمانية مدنيين وإصابة آخرين، فيما ترزح محافظة دير الزور تحت حصار شمال، وذلك بعد تفجير قوات النظام السوري جسر السياسية؛ آخر جسور المدينة الذي يصل المحافظة مع ريفها الشمالي "منطقة الجزيرة".
وأكد الناشط الإعلامي أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، أنّ طائرة حربية من طراز "ميغ" سقطت في منطقة الحصيوة غربي الرقة، ما أدّى إلى مقتل ثمانية مدنيين وإصابة عدد آخر، جراء وقوع الطائرة على منزل أحد المدنيين. وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الطائرة شنّت أربع غارات على الرقة منذ صباح اليوم، قبل أن يحدث خلل فني بداخلها أدى إلى سقوطها.
ونفى أبو بكر، أن يكون عناصر التنظيم هم من أسقطوا الطائرة، مبيناً أن الطيران الذي يغير على الرقة يحلق على ارتفاعات عالية والتنظيم لا يمتلك وسائط دفاع جوي.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر، أن طائرة حربية تابعة للنظام سقطت، بعدما أطلق عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية"، النار في اتجاهها خلال تنفيذها غارات في مدينة الرقة. فيما وردت تغريدات على موقع "تويتر" جاء فيها ما يلي: "تمكّنت مفارز الدفاع الجوي لـ"الدولة الإسلامية"، بفضل الله تعالى، من إسقاط طائرة في ولاية الرقة كانت تشنّ غارات على بيوت المسلمين".
دير الزور محاصرة كلياً
في هذه الأثناء، استفاقت محافظة دير الزور في الشرق السوري صباح، أمس الإثنين، على دوي انفجار كبير، أدى إلى تدمير جسر "السياسية".
وأكّد ناشطون في دير الزور لـ"العربي الجديد"، أنّ التفجير وقع نتيجة تفخيخ الجسر من قبل مجهولين، ما أسفر عن عطبه بشكل كامل. وتعرض الجسر للقصف عدة مرات من قبل قوات النظام، ما تسبب بأضرار، لكن هذا التفجير أدى إلى سقوطه في نهر الفرات وإخراجه من الخدمة، لتصبح بذلك مدينة دير الزور محاصرة برّياً، إذ كان يشكل جسر السياسية نقطة استراتيجية، يمر عبرها السلاح والمساعدات الإنسانية والطبية إلى المناطق المحررة، وسط حصار تفرضه قوات النظام على معابر "عياش" من الجهة الغربية، و"البانوراما" من الجهة الجنوبية، ومعبر "هرابش" من الجهة الشرقية، لتدخل المدينة بذلك في حصار برّي.
وكانت مصادر إعلامية (قناة المنار) ناطقة باسم حزب الله اللبناني، الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري، قد أفادت بأن "الجيش السوري يدمر، بعد عملية نوعية، جسر "السياسية" في مدينة دير الزور الذي يعتبر خط الإمداد الرئيس للمسلحين".
من جهته، لا يشك قائد المنطقة الشرقية، المقدم محمد العبود، بأن النظام هو المسؤول عن التفجير، إذ يوضح لـ"العربي الجديد"، أن "النظام هو المستفيد الوحيد من هذا العمل، إذ أنه المتضرر من وجود الجسر شرياناً وحيداً للحياة بالنسبة للمناطق المحررة في المدينة، وتُنقل عبره الإغاثة والإمدادات العسكرية للثوار، وبهدمه يكون النظام خفف من تدفق السلاح الثقيل إلى أحياء المدينة".
ويأتي هذا التفجير في الوقت الذي يحشد فيه تنظيم "داعش" لاقتحام مطار دير الزور العسكري، والنقاط الأخيرة للنظام في مدينة دير الزور، المتمثلة بأحياء الجورة والقصور، ومعسكر الطلائع، حيث يرى الملازم أول بديع سلامة، المبايع لتنظيم الدولة في الريف الشرقي لدير الزور، أن تفجير النظام جسر "السياسية"، لن يثني التنظيم عن اقتحام المدينة، ولكن في الوقت نفسه سيصعب من المهمة. ويضيف لـ"العربي الجديد"، "هناك طرق نهرية كثيرة ممكن أن نسلكها عبر الزوارق، لكن يبقى الجسر طريق إمداد سريع أثناء المعارك، وخصوصاً أن النظام يسعى اليوم إلى السيطرة على المناطق الممتدة مع النهر من جهة المدينة، ليحكم سيطرته على المعابر النهرية كاملة، وهذا ما نحاول أن نمنع حصوله".
ويعتبر جسر السياسية هو المعبر البري الأخير من الريف الشمالي إلى الجزء المحرر من المدينة. ويوضح الناشط في مجال الإغاثة في دير الزور، أنور سعيد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن " سقوط الجسر ينذر بكارثة إنسانية في الجانب المحرر من مدينة دير الزور، إذ أنه المعبر الوحيد الذي نستطيع من خلاله إدخال الأدوية، والمساعدات الغذائية، وكان آخرها إدخال لقاحات للأطفال، إضافة إلى أنه معبر سكان المدينة إلى الريف وبالعكس، أما اليوم سيضطرون للتنقل عبر الزوارق".
ويعتبر "السياسية" الجسر السادس والأخير الذي يسقط في مدينة دير الزور، إذ سبقه الجسر المعلّق، وسمي بهذا الإسم لقربه من فرع الأمن السياسي في المدينة، وتم تغيير اسمه إلى جسر الشهيد "إسماعيل علوش" بعد سيطرة "الجيش الحر" وكتائب إسلامية على المنطقة الواقع فيها.