سفاسف الأمور

13 مايو 2015

وزير العدل المصري المستقيل: ما قلته معمول به

+ الخط -
* أكثر ما يهمني في ما يخص مستقبل مصر "أن ابن الزبال أو ابن الوزير أو ابن الضابط أو ابن الغفير أو ابن أي حد، ما يطلعش محمد ناجي شحاتة". 
* لو سألتني "ترضى تجوّز بنتك لعامل نظافة؟"، فإجابتي ببساطة: أعتقد أن ابنتي لن توافق أن تتزوج شخصاً تافهاً مثلك، يطرح هذا السؤال لمجرد الهروب من إدانة نظام حكم فاسد وطبقي.
* أخطر ما في تصريح وزير العدل المشلوح، محفوظ صابر، الذي يعترض فيه على "وصول أبناء عمال النظافة، وباقي المهن غير اللائقة اجتماعياً، إلى المواقع القضائية"، أنه ليس تصريحاً معبراً عن شخصه، بل عن عموم الوسط القضائي الذي ينتمي إليه، بل وعن غالبية المنتمين إلى الطبقة الوسطى التي تظن أن سبيلها إلى الترقي يكون باحتقار الطبقات الأدنى منها وخدمة الطبقة الأعلى منها، عبر تبني قيم في منتهى الانحطاط، لا علاقة لها بما تتوهم تلك الطبقة أنه تحضّر ورقي.
الوزير السابق قال بعد إطاحته إنه متمسك بما قاله، وإن ما تحدث عنه قاعدة معمول بها في الشرطة والجيش والقضاء، ليثبت، للمرة المليون، أن نصوص الدستور في البلاد المحكومة بعصابات المصالح تبقى مجرد وهم كبير، يقسم جميع المسؤولين على احترامه من دون أن يقرأوه أصلاً، إلا إذا كنت تعتقد أن إقالة الوزير، أو استقالته، تمت بسبب مخالفته للدستور، وليس لتهدئة الغضب الشعبي، فهنيئاً لك سُكنى الأوهام.
* لكن، يبقى السؤال بعد أن شالها وزير العدل السابق وحده: لماذا يخشى أفراد الطبقة الحاكمة في مصر، من فكرة وصول أولاد الزبالين، بالتحديد، إلى القضاء؟ هل يخافون من قدرتهم، بحكم التجربة، على رصد الوساخات وتنظيفها؟
* الدرس الوحيد الذي سيتعلمه كل وزراء مصر من إقالة وزير العدل: كن طبقياً وعنصرياً ومعتنقا للأفكار الفاسدة، "بس ما تقولش على النت أو في البرامج".
* بالمناسبة، ليس في كلامي رغبة في التقليل من انتصار صغير مهم، تحقق بفضل حرص كل من لديه ضمير وعقل على التعبير عن غضبه، لكني سأصدق أن هناك رغبة حقيقية في تطبيق الدستور وتحقيق العدالة، حين يتم إلغاء قرارات وقف تعيين المتقدمين للسلك القضائي، بزعم تدهور مستوياتهم الاجتماعية. وما عدا ذلك ليس إلا طق حنك، وفرحة برأس الذئب الطائر، وهي فرحة لا تجدي نفعاً، إلا في الحواديت الخيالية، أما في أرض الواقع، فكل ذئب شرس غادر لا يوقف شره إلا تطيير رأسه شخصياً.
* قرأت تعليقات كثيرة على التصريح المثير للسخرية، الذي قال فيه عبدالفتاح السيسي "أنا مش عايز أقول على المشروعات اللي بنعملها خوفا من الأشرار"، لكن أجمل تلك التعليقات كان ما كتبته صديقة واقعية، قائلة "قضا أخف من قضا يا جماعة، كويس إنه ما وصفهمش بأنهم شريرين".
* لم أستفد من حديث السيسي التلفزيوني للشعب المصري المرهق، إلا أنه أضاف سبباً جديداً لكراهيتي يوم الثلاثاء.
* الذين أبدوا انبهارهم بالقيام السريع للأميرة البريطانية، كيت ميدلتون، من رقدة النفاس، على عكس ما تفعله الست المصرية التي تقضي فترة نفاسها كاملة أربعين يوماً في السرير، غاب عنهم أنه لا علاقة لرقدة الست المصرية بضعف قدراتها الفسيولوجية، ولا بعيوبها الخلقية، وإنما لمعرفتها أن هذه هي الفرصة الإنسانية الوحيدة التي ستتاح لها أن تُعامل بما يرضي الله، من دون أن تعود إلى ممارسة دور المرمطون الذي يخدم الجميع، ولا يخدمه أحد، ولو فتش المهتمون بقضية تنظيم الأسرة جيداً في تفاصيل البيوت المصرية، ربما وجدوا أن حرص بعض السيدات على الإنجاب المتكرر، وراءه الرغبة في الحصول على أربعين يوم إجازة ليس إلا.
* حين تقرأ عن اكتشاف حشيش، أو كوكايين، بحوزة كل من يخوض خناقة مع ضابط، ليتحول إلى متهم بالاتجار في المخدرات. رجاءً، لا تركز في كمية المخدر المضبوطة، فتعتبرها دائماً أصغر من اللازم، تذكر أن الشرطة في حالة حرب، ولا تستطيع دائما توفير كميات كبيرة لتلفيق القضايا.
* سيكتسح أي انتخابات قادمة من يتبنى قراراً بحظر وتجريم وتغريم وتجريس وإشعال كل من يستخدم عبارات مثل "يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ـ فيديو يثير غضب النشطاء ـ انفراد بالفيديو ـ نشطاء يتداولون فيديو ـ لن تصدق ما ستشاهده ـ مقطع ساخن شاهد قبل الحذف".
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.