سعيدة نغزة: مسؤولو الجزائر يفضّلون المستثمر الأجنبي على المحلي

01 يونيو 2015
نائبة رئيس الكونفدرالية الجزائرية العامة للمؤسسات سعيدة نغزة(العربي الجديد)
+ الخط -
تتحدث نائبة الأمين العام لاتحاد أرباب العمل المتوسطي ونائبة رئيس الكونفدرالية الجزائرية العامة للمؤسسات، سعيدة نغزة، عن العقبات التي واجهتها والمشكلات التي يعانيها المستثمر الجزائري، وأبرزها ترجيح كفة المستثمر الأجنبي على حساب المحلي

وهذا نص المقابلة:

* تعتبرين من بين النساء الجزائريات البارزات في مجال الأعمال وخصوصاً المقاولات، فهل كان توجّهك نحو الاستثمار الاقتصادي مخططاً له سلفاً أم بمحض الصدفة؟

لم أخطّط يوماً لدخول عالم الأعمال. فقد وجدت نفسي في بيئة أعمال كون والدي مقاولاً ناجحاً في أعمال البناء في الجزائر. وبعد الانتهاء من دراستي، كانت أولى خطواتي في مجال الاستثمار وهو مشروع "تحميص القهوة"، حيث بدأت آنذاك بسبعة أطنان من القهوة فقط. وهذا المشروع هو الذي مهّد لي الطريق إلى استيراد المشروبات الغازية ثم الأحذية وعجلات السيارات، وفي العام 2000، قررت الدخول إلى مجال المقاولات.

* ألم تواجهك صعوبات أو عوائق في بداية مشوارك في عالم المقاولات؟

فعلياً، أحاطت بي مجموعة كبيرة من المشاكل، خصوصاً من قبل مدراء المشاريع ومن الإدارة والمهندسين، وبدأت تظهر العديد من الصعوبات، أبرزها من طالبي الرشاوى مقابل الإسراع في التصديق على مراحل إنجاز أي مشروع. بالإضافة إلى ذلك، واجهت العديد من العوائق، أبرزها عدم تمكني في كثير من الأحيان من دفع أجور العمال في المشاريع التي كنت أديرها، ناهيك عن الروتين الإداري.

* كيف تخطيتِ هذه العقبات في ظل بيئة غير مشجعة ومع مواجهتك هذه المشكلات المتلاحقة؟

صراحة، كنت في كل مشروع أقوم به، أرى السجن أقرب إليّ من أي شيء، وأكثر ما كان يؤلمني هو تأخر سداد أجور العمال، ولم أجد جهة تدافع عني، إلى أن اتصلت بالكونفدرالية العامة للمؤسسات الاقتصادية، حيث وجدت كل الدعم، وقد تم إنقاذي من الإفلاس المحقق، بعدما تدخلوا لدى الجهات الوصية. وبالنظر إلى ما قدمته لي الكونفدرالية، انخرطت في صفوفها وواصلت النضال لمساعدة المقاولين المقهورين والشباب، ونشاطي الدؤوب بها أهّلني لأكون نائبة لرئيسها من قبل كل أعضائها على المستوى الوطني.

* هل واجهتكِ مشاكل ذات صلة بكونك امرأة في مجال الأعمال في مجتمع يعتبر ذكورياً؟

طبعاً واجهت مشاكل من هذا النوع كوني امرأة، فالكثير من الرجال لم يتقبّلوا أن تكون امرأة هي السيدة المسؤولة عنهم، سواء المهندسين أو الإداريين. لكن علاقتي مع الموظفين كانت مبنية على أساس الأخوّة، فلم أشعرهم يوماً بأنني ربة العمل، بل كنت كأخت لهم أستمع إلى مشاكلهم، وآخذ بمشوراتهم، وساعدني ذلك كثيراً في الثبات أمام الهزات العنيفة التي تلقيتها من قبل أعداء النجاح.

اقرأ أيضا: ياسمينة طاية: العادات الاجتماعية تكبل عمل المرأة

* هل فكرتِ في مشاريع استثمارية أخرى غير المقاولات بعد كل هذه العراقيل؟

توجهت في العام 2008 إلى الاستثمار في مجال المناجم، وهو مجال صعب جداً هنا في الجزائر، ومع ذلك استطعت أن أجد أربعة محاجر مختلفة في الرمل والحصى والرخام، بعد جهد كبير، وقد تأخرت في إطلاق المشروع لمدة ثلاث سنوات بسبب مشاكل التمويل. فقد كنت وما زلت أرفض الاقتراض من المصارف الربوية، وقد وجدت ضالتي في بنك البركة الإسلامي الذي منحني قرضاً مكّنني من الانطلاق بقوة في مشروع المحاجر.

* هل يلقى المقاول أو رجل الأعمال في الجزائر ما يحتاجه من دعم، في ظل توجه الحكومة حالياً نحو تعزيز الإنتاج الوطني وتنويع مصادر الدخل؟

أعتقد أن هناك العديد من المسؤولين الجزائريين ما زالوا يعيشون عهد الاستعمار ولم يتحرروا بعد، فنجدهم يفضّلون دوماً الأجنبي على كل ما هو محلي، ويضعون أمام هذا الأخير كل ما استطاعوا من عراقيل، عكس المستثمر الأجنبي حيث يفرشون له الأرض وروداً، وهذا ما يحتم علينا نحن كمستثمرين أن نتشارك مع الأجانب كي نلقى الدعم اللازم.

* ثمة أمثلة كثيرة عن بعض رجال الأعمال الذين برزوا بشكل كبير جداً وفي ظرف قياسي على الساحة الوطنية، فكيف تمكن هؤلاء من البروز في ظل هذه العراقيل التي تحدثتِ عنها؟

منذ سنوات أكافح وأحارب من أجل أن أصمد في مجال الأعمال، وإلى اليوم لا أملك إلا ما يكفيني ويكفي عمالي، ولكن هؤلاء الناس الذين سطع نجمهم بين عشية وضحاها، هؤلاء بالذات تلقوا دعماً مباشراً من الحكومة ومن بعض الوزراء وبعض المسؤولين، بعد أن كانوا منتصف التسعينيات مجرد مقاولين، وفجأة أصبحوا الآمرين الناهين في مجال الأعمال.

اقرأ أيضا: المرأة الجزائرية تخوض تجارب الاستثمار

* وعَدَت الحكومة بإنجاز نحو 1.6 مليون وحدة سكنية خلال الأعوام 2014-2019، فهل ترين أنها فعلاً في مستوى هذا التحدي؟

بكل صراحة، إذا وجد وزير السكن الحالي، عبد المجيد تبون، الدعم الحقيقي، فالأكيد أنه سينجح. لقد كنت دوماً معارضة لوزراء السكن في مختلف الحكومات، لكن الوزير الحالي لديه من الكفاءة والنية الصادقة ما يجعله في مستوى هذا التحدي، وهو يبذل حالياً كل ما في وسعه من أجل إنجاح هذا المخطط، لأنني أثق في قدراته. ولكن إذا لم يلقَ التعاون الكافي من طرف الإدارة، ففشله حتمي. على الإدارة أن تكون مسؤولة ولا تعمل كعادتها على تعطيل هذه المشاريع، وإذا منحت التسهيلات الكافية للمقاولين الجزائريين بمعية شركائهم الأجانب، ما دامت الحكومة لا تثق في المقاولين الجزائريين بمفردهم، أعتقد أننا جميعاً سنكسب الرهان.

* لقد انتخبتِ مطلع العام الحالي، كنائب رئيس اتحاد رجال الأعمال المتوسطي، هل تجدين إمكانية لحصول تكامل اقتصادي متوسطي أو أعمال استثمارية مشتركة بين أعضاء الاتحاد؟

هناك مشاريع مشتركة قائمة حالياً، وسيتم تنظيم ملتقى متوسطي لرجال الأعمال يضم نحو 400 رجل أعمال من حوض المتوسط، حيث سيتم بحث إمكانات إقامة شراكات اقتصادية بين رجال الأعمال الجزائريين وباقي المشاركين في مختلف المجالات الاقتصادية.

* هل إسرائيل عضو فاعل في هذا الاتحاد ما دام أنه اتحاد متوسطي؟

في اليوم الأول لانتقال رئاسة الاتحاد من لبنان إلى مصر، تقدّمت، كممثلة الجزائر، بطلب الترشح لمنصب نائب رئيس المنظمة. عارض الرئيس آنذاك بحجة أن الجزائر لم تدفع اشتراكها لتلك السنة، عندها وقفت وقلت له: لم ندفع اشتراكنا لسبب واحد فقط وهو وجود إسرائيل في المنظمة، وعدم وجود سورية وفلسطين في المنظمة راجع لوجود إسرائيل بها، كما أن إسرائيل لا تدفع اشتراكاتها مطلقاً. وطالبت بسحب عضويتها نهائياً. عندها خرج رئيس المنظمة ونائبه التونسي وممثل المغرب للتشاور وعادوا بقرار السماح للجزائر بالترشح لنيابة الرئيس بلا دفع اشتراك، وانسحبت بعدها إسرائيل، ولم تحضر أي اجتماع للمنظمة إلى اليوم، وتم انتخابي نائبة رئيس المنظمة بداية هذا العام.

* ختاماً، بماذا تنصحين الشباب الراغبين في خوض غمار الاستثمار؟

أنصحهم بعدم الاستسلام، وأن يكونوا أقوى من التحديات، وأن يقاوموا العراقيل التي توضع في طريقهم، وأن يحاربوا ضد الجماعة التي تريد تخريب البلاد، وسرطنة الإدارة ومراكز القرار الاقتصادي.
المساهمون