هكذا بات يغرق حسابه على تويتر بعشرات التغريدات يومياً: مواقف متسرّعة، أغانٍ (أغلبها رديء فنياً)، وشائعات غالباً ما يتبيّن أنها مفبركة وخاطئة أو منقوصة وخارجة عن سياقها...
لكن قبل حصار قطر، بدا أن سعود القحطاني يعرف طريقه جيداً إلى الديوان الملكي. فمن هو الإعلامي السعودي الشاب الذي يعتبر النسخة الثانية من خالد التويجري، الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي، وفق توصيف النسخة الاميركية من "هافنغتون بوست"؟
برز اسم القحطاني فعلياً للمرة الأولى عندما عينّه الملك سلمان مستشاراً في الديوان الملكي برتبة وزير بموجب أمر ملكي صدر في 12 ديسمبر/كانون الأول 2015. يومها نشرت الصحف السعودية كلها ما يشبه البيان المشترك مباركة للقحطاني بمنصبه، ومرحّبة بخطة "القيادة الحكيمة بإيلاء مسؤوليات هامة للوجوه الشابة في المملكة"، إذ لم يكن القحطاني قد تخطى وقتها الثلاثين من عمره. وبعيداً عن بروبغندا "أهمية الشباب في العهد الجديد"، كانت هذه هي الخطة الأولى للأمير محمد بن سلمان لزرع رجاله الأوفياء في الديوان الملكي.
لكن قبل وصوله إلى الديوان الملكي، عمل القحطاني صحافياً في موقع "إيلاف"، وكان مقرباً من مؤسس الموقع عثمان العمير، ثمّ تعاون مع عدد من الصحف السعودية بينها صحيفة "الرياض".
كل تاريخ القحطاني ــ المغمور إلى حد كبير ـ خرج إلى العلن في الأشهر الأخيرة، تحديداً مع انطلاق الأزمة مع قطر. بدا واضحاً أن القحطاني يتقن دوره جيداً في إدارة الفريق الإعلامي لمحمد بن سلمان، على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد اعترف بنفسه أنّ لهجته تغيّرت منذ بدء الحصار على قطر مغرداً: "بعض الإخوة يلومني على ما يراه شدة بالعبارة. لكل مقام مقال. والحديث هذه الأيام يحتاج لهذه اللغة. ولو رجعتم لتغريداتي قبلها لما وجدتم ذلك".
Twitter Post
|
لكن ما يراه القحطاني "شدّة بالعبارة" هو في الحقيقة لغة بذيئة، وغير واقعية، تقوم على التحريض والتجييش، وفق ما ردّد أكثر من مغرد سعودي، ممن رأوا أن القحطاني يسيء لسياسة المملكة الإعلامية والخارجية بشكل كبير.
Twitter Post
|
ولعلّ خير مثال على الشائعات التي يسعى القحطاني لترويجها، موقِعاً الرياض وأبوظبي في موقف محرج، هو تغريده مع بدء حصار قطر، عن قضية التخطيط الليبي لاغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز، عندما كان لا يزال ولياً للعهد عام 2003، مدعياً أن تواطؤاً حصل بين نظام معمر القذافي والنظام القطري وقتها، ليتبيّن بالوثائق أن ادعاءاته مجرد فبركات خيالية، إذ إن المتهم بمحاولة الاغتيال محمد إسماعيل، لاجئ في أبوظبي، وصديق شخصي لولي عهدها، محمد بن زايد، وفق ما اعترف به الساعدي معمر القذافي، خلال التحقيق الموثق معه بالصوت والصورة.
وإلى جانب الفبركات الافتراضية يبدو واضحاً خلال الأسابيع الأخيرة أن القحطاني يكلّف بالـ"الأعمال القذرة" أو ما يعرف بالـdirty job في الإعلام، فأوكل بمهمة التواصل مع أبرز المغردين السعوديين، مباشرة بعد اختراق "قنا"، وذلك لترغيبهم أو لترهيبهم. فاختفى عن الساحة عدد كبير من المغردين السعوديين، فيما ركّز آخرون كل تغريداتهم على مهاجمة قطر، وفق ما نقلت صحف غربية عدة بينها "وول ستريت جورنال". كما غرّدت حسابات سعودية معارضة على "تويتر" عن دفع مبالغ من المال مقابل التغريدات.
Twitter Post
|
هكذا بات القحطاني يعتمد في عمله على جيش ضخم من "المغردين"، الذين ينتظرون تعليماته ليبدأوا حملات إلكترونية تعتمد على ضخ معلومات تتوافق مع رؤى وسياسات بن سلمان، بالإضافة لقيامهم بإغراق الحملات المناهضة لبن سلمان بعشرات التغريدات ذات المحتوى الجنسي الفاضح أو المحتوى الدعائي بهدف إفشال هذه الحملات.
وكان المغرد السعودي الشهير "مجتهد" قد تناول، في تغريدات سابقة، أحاديث يتداولها المحيطون ببن سلمان عن قيام الأخير بشراء نحو 100 ألف حساب على موقع "تويتر"، وتوظيف عدد كبير من "المغردين" في تشغيل هذه الحسابات لأجل الترويج لنفسه وذلك بإدارة القحطاني.
وسبق أن نشر الصحافي السعودي تركي الروقي، في شباط/فبراير الماضي مقالاً بعنوان: "المقال الأخير لصحافي مطرود: عن سعود القحطاني أتحدث" تطرّق فيه إلى الدور الذي يلعبه القحطاني في الإعلام المحلي، قائلاً: "القحطاني رجل يسيء استخدام السلطة ويتعسف ويرضي بها ذاتاً غير سوية داخله، وإنه يقوم بدور وزير الإعلام الخفي بالسعودية، وأحياناً مدير المباحث ورئيس الاستخبارات، وأحياناً يقوم بما تقوم به شبكات العلاقات الأجنبية الموجهة ضد الداخل السعودي". وتطرق إلى الترهيب الذي كان يمارسه على رؤساء التحرير "برسائل مطولة" عندما كان ضمن فريق عمل "الديوان الملكي بعهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز". لينتقل بعدها للكلام عن مواقع التواصل قائلاً إن القحطاني جنّد كثيرين لشتم الخصوم "ومنهم من رمي به في السجن لمخالفته أوامره".
(العربي الجديد)