سعد جواد: الموسيقى صوفيّة بالضرورة

26 فبراير 2019
عزف في عرضٍ له لمدة 24 ساعة (العربي الجديد)
+ الخط -
تخرج جواد من معهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام 1998 وتعلم العزف على يد أستاذ العود العراقي سامي نسيم، مع ذلك تأثر بالموسيقي منير بشير، وتعلم منه أصول العزف المتنوع على آلة العود، إضافةً إلى النقد الموسيقي والتحليل، ثم التحق بفرقته "البيارق" التي أسسها منير بشير، إلى أن انفرد وباشر بمؤلفات عدة قدمها في مسارح العراق. وفي 2001 حصل على جائزة أفضل عازف عود في مسابقة نظمتها وزارة الثقافة العراقية، ثم غادر بلاده بعدها بعام ليستقر في البحرين. 
في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول سعد جواد إن "الموسيقى هي كتاب فلسفة، والكاتب يؤمن ويعي أن ليس كل قراء الكتب سيقرؤون كتابه، ولكن في النهاية هذا الكتاب هو إبداع صاحبه، وأنا أؤمن بمؤلفاتي الموسيقية، وربما هناك كثيرون لا يفهمون الموسيقى النظيفة والاحترافية، إلا أنني لا أبحث عن جماهير غفيرة غير واعية بما أقدم، ولو أنني أملك مستمعاً واحداً فقط، سأستمر طيلة حياتي أعزف له وحده".
يتحدث عن الطريقة الصوفية التي تُلازم عزفه، مشيراً إلى أن "عموم الموسيقى لا بد أن تكون صوفية، لأنها مفردة الصدق، وحتى يكون العازف صادقاً، عليه أن يكون صوفياً حنيفاً، وأنا صادق في موسيقاي وأخاطب جمهوري بوضوح، لذا فإن العرب لم يعرفوا ويفهموا موسيقى بيتهوفن إلا بعد تعمقهم بالموسيقى الصوفية، والأمر نفسه مع فلسفة منير بشير".
يضيف: "هناك مغالطات في فهم المصطلحات الموسيقية عند العرب، وأعاني من هذا الأمر، يعني مثلاً الروح الشرقية في العزف تختلف وتفترق عن الروح الغربية في العزف، وهذا أمر غير صحيح، لأن الموسيقى بالأصل هي طريق تلاقي الروح الشرقية بالغربية، وأنا لا أنظر إلى الموسيقى من حيث مكان انطلاقها أو وجودها، لأنها في الحقيقة لا تحاصرها حدود، ومن غير المنطقي الإيمان بحدود ليست موجودة، أو التعصب لها. وهذا التعصب مع الأسف موجود في مدرسة العود العراقية والمصرية والتركية، لأن الموسيقى تكون أجمل حين امتزاج شرقها بغربها وشمالها بجنوبها، وانفتاحها على ثقافات الآخرين وأنا دُعيت في كثير من المرات، كي أعزف العود مع فرق أوبرالية، لأن الأجانب من الأميركيين والأوروبيين يعرفون أن امتزاج الثقافات الموسيقية للمجتمعات سيطوّر من الثقافة الموسيقية العالمية، وهذا الأمر كان موجوداً عند الحكم العباسي في العراق، وقتها كانت بلادنا عاصمة للثقافة العالمية".
ويكمل: "العراق أّثّر على موسيقاي، لأن البيئة التي عشت فيها طويلاً، وما يمر بها حالياً ويحدث فيها، كل الموجودات والضغوط والأحداث أثرت بعضها بالبعض الآخر، حتى وصل التأثير إلى الموسيقى. أسمع بصيغة دائمة من الجمهور والأصدقاء، أن موسيقاي يغلب عليها روح الحزن، وهذا الحزن موجود في موسيقاي، ربما دون أن أقصد، هذا لأنني عراقي، ويظهر في مؤلفاتي عن الفرح وعن الطفولة، حزن مخفيّ".
ويلفت إلى أن "البلدان العربية والأوروبية وغيرها، كلها تهتم بالموسيقى، وتحديداً العراقية، أكثر من العراق نفسه، لأنها تعرف أن الموسيقى هي هوية الروح الشعبية للبلاد. ولكن مع الأسف، الاحتفاء بالموسيقيين الحاليين والمحافظة على النتاج الباذخ للعازفين الأوائل بسيط جداً، وهو على عكس ما يجب أن يكون. بغداد كانت قبلة للموسيقيين من جميع أنحاء العالم، لكنها اليوم تحاصر الموسيقى، وكان الله بعون الموسيقيين داخل بغداد".

وعن دخوله موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، يشرح جواد، أن "فكرة تحطيم الرقم القياسي بتوقيتات العزف على العود ولدت قبل ثلاث سنوات، عندما ذهبت وعزفت في يوم العيد الوطني في البحرين، وقد عزفت لـ24 ساعة ونصف الساعة، وقد واجهتني تحديات عدة خلال ساعات عزفي، إذ قررت أن أعزف مؤلفات موسيقية عديدة وكل مؤلفة لمرة واحدة وألا أكررها، فقد عزفت 155 مؤلفة موسيقية من تأليفي وبعضها من الموسيقى العالمية".
دلالات
المساهمون