سطلٌ صامد

09 سبتمبر 2014
همام السيد / سوريا
+ الخط -

وددتُ الانضمام إلى نادي المشاهير الذين يدلقون سطول الماء المثلج على رؤوسهم، بغض النظر عن كون شهرتي محلية جداً. لكني سرعان ما طردتُ هذه الفكرة الساخنة من رأسي، سيما وأنني جرّبت السطل البارد كإنسان عربي عشرات المرات خلال حياتي. فبينما كان والدي يحاول استخراج موافقة لي من أجل السفر وإكمال دراستي، من دائرة الهجرة والجوازات الحكومية، شتمه موظف كان يحتسي الشاي أمامي، لأنه قاطع الشفطة الأخيرة، فاندلق فوق رأسي سطل ماء بارد.

وحين رجعتُ من سفري مخرجاً سينمائياً استوقفني موظف في المطار وفتّش حقيبتي، ثم فتش مخّي، ثم فتّش قلبي، وحين لم يجد شيئاً يتنافى مع توجهات الأمن والأمان، طلب مني أن أُخرج خمسمائة ليرة ليتركني وشأني، فاندلق عليّ السطل بمائه بارد، ومن يومها عرفتُ أني لن أُخرج أفلاماً بقدر ما سأُخرج "خمسميات" وتبريرات واعتذارات وطلبات استرحام.

كان استخراج أي ورقة حكومية في بلدي يعرّضك إلى تجربة سطل الماء البارد، وكذلك تبنيك أي قضية تخالف العرف السائد.

وهكذا كان السطل شعارنا السري قبل أن يتبناه هؤلاء الأجانب. وسنحلم أن يتبرع ممولٌ عربي كبير لصنع أكبر سطل في العالم، بقُطر يصل إلى عشرات الأمتار، في سبيل الدخول إلى سجل غينيس للأرقام القياسية، وربما يتّسع السطل لشعب كامل هذه المرة. وليكن شعار المرحلة الحالية وما يليها: شعب صامد في سطل ماء بارد.

المساهمون