إن لم يك لبشار الأسد، سوى إتقانه سر التوقيت، فكفى، ففضلاً عن إطلالاته التلفزيونية وبالأوقات العصيبة للثورة، التي تعيد للسوريين الأمل، نظراً للتناقض والضعف الذي يظهر به وعليه، بل وتبريره للسوريين ثورتهم أمام كل العالم الذي يرى رئيسهم الوارث على هذا الحد من الانفصال عن الواقع، لدرجة طلب المعارضة تهكماً "بدأنا نفقد الأمل ونريد خطاباً أو حواراً تلفزيونياً مع الأسد"، يمنّ القائد على الشعب، بأفعال غير متوقعة، تفقده وإن بالسر، تأييد أكثر المستفيدين من بقائه، من أهل وشركاء وتجار أزمات.
قصارى القول: بالأمس، وبتوقيت إعلان فصيل صالح مسلم "فيدرالية الأكراد المستقلة" وسلخ المناطق الأغنى، ماء وغذاء ونفطاً عن سورية، فيما يمكن وصفه استغلال دعم أطراف دولية واغتنام فرصة الهدنة وسياسة الأمر الواقع، وفي واقع تهديم نحو مليوني مسكن ودمار المشافي والمراكز التعليمية والصحية، وتخريب 80% من المنشآت الصناعية والحكومية في سورية وتهاوي سعر صرف الليرة أمام الدولار إلى نحو 475 ليرة، أطل سيادته على التلفزات ليضع الأسد حجر أساس لمشروع سكني في منطقة المزة بدمشق.
ثمة من رأى في فعل الأسد، مناكفة للروس الذين رفعوا بعض الغطاء الحمائي عنه، بعد سحبهم جزءاً من سلاح الجو الداعم لبقائه، ليرد أني رئيس وقادر على الخروج من جحري وإيهام الجميع أن لدي مالا للبناء، وأني أحمل هموم النازحين والمشردين الذين زادوا عن نصف عدد السكان.
فيما رأى آخرون أن المشروع السكني في مزارع كفرسوسة خلف السفارة الإيرانية بدمشق، هو مشروع مؤجل لتوطين بعض الوافدين الجدد، من شركاء الحرب والعقيدة، بلبنان وإيران، وتوقيته الآن إشارة إلى عودة استرضاء الإيرانيين ليسدوا فراغ الروس.
بيد أن تلك التبريرات، وما تحمله ربما من ربط سياسي وبُعد تحليلي، تبقى "أعذاراً أكبر من ذنب" لرئيس أمر، كرمى لكرسيّه وإجهاض الثورة، بقصف سورية وتهديم بناها وهياكلها، ليخرج في وقت تؤشر المحادثات السياسية إلى دنو أجله وبتوقيت يصعب على السوريين الذين نافت نسبة فقرائهم 80%، أن يشتروا قوت يومهم، وليس بيوتا في أرقى مناطق دمشق، ليخرج الأسد، وبرفقة الكاميرات التلفزيونية، ويضع حجر أساس لمشروع تنظيم "66" ببساتين المزة.
اقرأ أيضا: الليرة السورية تواصل الانهيار.. وحكومة الأسد تفشل في إسعافها