يوميّاً، تسجّل الشرطة في العاصمة الأفغانيّة كابول سرقات على الطرقات، ويهدّد السارقون الناس بواسطة السلاح. وأحياناً، تنتهي تلك الجرائم بإصابة البعض، وقد يتواطأ السارقون مع رجال الأمن، بحسب مواطنين، بدليل نجاحهم في السرقة في وضح النهار، رغم الحواجز الكثيرة والإجراءات الأمنيّة المكثّفة.
ورغم إعلانات الحكومة المتكررة عن اعتقال العشرات من أفراد العصابات المتورطين في أعمال سرقة وخطف في مقابل فدية، إلّا أن السرقة في الشوارع تزداد بشكل غير مسبوق، ما يعني أن ادعاءات الحكومة لا أثر لها على أرض الواقع.
في السياق، يقول أحد سكان كابول، ويدعى شبير شاه، إنّ شابين كانا على دراجة نارية، وقفا إلى جانبه وسألاه عن عنوان منزل في المنطقة. "حين بدأت أدلهم، أخرج أحدهم المسدس وأرغمني على إخراج كل ما أملك من مال. ثم ضرباني على رأسي وفرّا". ويلفت إلى أنّ حصول السرقة قرب مركز للشرطة جعله يشك في احتمال تواطئها معهما، وربّما يكون السارقان من رجال الأمن، وقد بدّلا ملابسهما. ويشير إلى اعتقال العشرات من عناصر الشرطة مؤخراً لضلوعهم في أعمال سرقة وتجارة مخدرات.
ولا تقتصر الظاهرة على العاصمة كابول، بل انتشرت في الأقاليم، خصوصاً وأن حمل السلاح فيها أسهل والإجراءات الأمنية ضعيفة جداً بالمقارنة مع العاصمة. لذلك، تعالت أصوات إعلامية وقبلية مندّدة بانتشار السرقة على الطرقات، وفي مختلف المناطق. ومن بين المدن التي انتشرت فيها هذه الظاهرة بشكل كبير، مدينة مزار شريف عاصمة إقليم بلخ شمال البلاد. يأتي السارق في وضح النهار، وعلى مرأى من الجميع، إلى المحال التجارية والفنادق، ويجمع من الناس ما يملكون. وفي أحيان كثيرة، يتمكّنون من الفرار حاملين السلاح في أيديهم.
يعمل محمد قاسم في أحد المحال التجارية في مدينة مزار شريف، ويتقاضى شهرياً 15 ألف أفغانية (215 دولاراً). الأسبوع الماضي، حصل على راتبه الشهري وكان في طريقه إلى البيت. لحقت به دراجتان ناريتان، ولدى وصوله إلى مكان مظلم، أخرج أحد السائقين مسدسا والآخر سكيناً وأمراه بإخراج كل ما يملك. بدأ يقاوم ويصرخ لكن من دون جدوى. أخيراً، استسلم وأعطى السارق كل ما يملك. يقول: "لا ندري أين نمشي، علماً أن في السوق عناصر شرطة وأمن وعشرات الحواجز الأمنية. أنا رجل فقير ولدي أطفال. لا أعرف كي أمضي هذا الشهر من دون راتب".
كغيره من المواطنين، يشير قاسم إلى أن عناصر الأمن ضالعون في السرقات، وإلّا كيف يمكن لأصحاب الدراجات حمل السلاح؟ كما أن معظم تلك الدراجات غير مسجلة وليس لديها أرقام لوحات.
في أحد الأيام، دخل يوسف خان إلى صيدلية لشراء دواء، فلحقه شاب. للوهلة الأولى، ظن يوسف وصاحب الصيدلية أنه يريد شراء الدواء، لكن حين اقترب منهما، أخرج المسدس من تحت ردائه وطلب منهما هاتفيهما. لم يكن أمام يوسف وصاحب الصيدلية خيار سوى الاستجابة. وبلمح البصر، خرج الرجل من الصيدلية، وكان شخص آخر على دراجة نارية في الخارج ينتظره، ثم غادرا.
وغالباً ما تُستخدم الدرّاجات النارية لأعمال السرقة، علماً أنها لا تكون مسجلة، ما يسهّل السرقة. ويسأل يوسف عن أسباب عدم ملاحقة الشرطة الدراجات أو السيارات التي لا تحمل أرقاما وهي غير مسجلة، والتي تستخدم بهدف سرقة الناس ونهبهم.
يشار إلى أنّه في معظم الأحيان، فإنّ الدرّاجات والسيارات غير المسجلة، والتي لا تحمل أرقاماً، هي ملك لمسؤولين في الأمن والحكومة. بالتالي، تعجز شرطة المرور عن إيقافها أو السؤال عنها، وهو ما يستغلّه السارقون.
وفي أحيان كثيرة، يتعرّض رجال الشرطة للضرب المبرح إذا ما سألوا عن أصحاب السيارات والدرّاجات غير المسجّلة، والتي ليس لديها أوراق، ويملكها أمراء الحرب. وفي النتيجة، يتغاضى رجال الأمن عن جميع تلك السيارات والدراجات غير المسجلة، والتي تستخدم في أعمال غير قانونية.
ويلفت الناشط الاجتماعي محمد داوود إلى أن الحل يكمن في التصدّي للسيارات والدرّاجات غير المسجلة وغير القانونية. إلا أن الأمر يزداد سوءاً، كما أن أعمال السرقة والقتل والخطف في مقابل الفدية تزداد يوماً بعد آخر.
جرائم
في وقت سابق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدّرات والجريمة أنّ معدلات الجريمة ارتفعت في مناطق العالم التي تشهد عدم استقرار سياسي، في إشارة إلى شمال وشرق أفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا. وأظهرت أرقام أنّ نحو 437 ألف شخص قتلوا في أنحاء العالم عام 2012، لافتاً إلى زيادة حادة في جرائم القتل بشمال أفريقيا.