مساعٍ إقليمية ودولية لتسوية في ليبيا بعد أزمة النفط: تلافي التدخل العسكري؟

04 يوليو 2018
عين حفتر على تقاسم موارد النفط (لودوفيتش مارين/فرانس برس)
+ الخط -
تتسابق أطراف إقليمية، وأخرى دولية، تزامناً مع عودة واشنطن إلى المشهد، للتوصل إلى تسوية بين الأطراف في ليبيا، واحتواء أزمة النفط الناجمة عن قرار اللواء المتقاعد خليفة حفتر، نقل تبعية حقول وموانئ النفط، إلى المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة طبرق، الخاضعة لسيطرته في شرق البلاد.

ووصلت تداعيات القرار، إلى حد إعلان المؤسسة الليبية للنفط التابعة لحكومة "الوفاق الوطني" في طرابلس والمعترف بها دولياً، الإثنين الماضي، "القوة القاهرة" في موانئ الحريقة بطبرق، والزويتينة شرق أجدابيا، وهي أهم موانئ التصدير العاملة في شرق ليبيا، ما يعني حرمان حفتر من تصدير النفط بعد قراره، وهو إعلان يُضاف إلى إعلان سابق في ميناءي راس لانوف والسدرة، بمنطقة الهلال النفطي.

ويعني إعلان المؤسسة الليبية للنفط، حجب التعامل الدولي مع الموانئ، وبالتالي تراجع إنتاج النفط الذي يصل إلى 850 ألف بريميل يومياً، بعد أن وصل في فترة سابقة إلى مليون برميل. كما يشمل أيضاً توقف إنتاج النفط، بسبب تأكيد المؤسسة، أنّ خزانات النفط ممتلئة بتلك الموانئ ولا يمكن تزويدها بالمزيد قبل تصدير شحناتها.

إعلان المؤسسة هذا، دفع دولاً كبرى مستفيدة من النفط الليبي، إلى التعبير عن انزعاجها، خلال اجتماع منظمة "أوبك"، مؤخراً، والذي حضره رئيس المؤسسة الليبية للنفط بطرابلس مصطفى صنع الله، حيث أكد أنّ "الآثار السلبية لتوقف إنتاج النفط في ليبيا، جاء على خلفية قرار حفتر".

وتشير مصادر ليبية مطلعة، إلى أنّ دبلوماسيين من الإمارات ومصر، يسعون لاحتواء قرار حفتر ومحاولة إقناعه بالتراجع عنه، إذ يقول أحد المصادر من طرابلس، لــ"العربي الحديد"، إنّ "كلا الطرفين في الشرق وفي طرابلس، توصّل إلى قناعة عدم امتلاكه القوة الكافية للاستحواذ على النفط، وبالتالي فداعمو الطرفين يدفعونهما إلى ضرورة التوصل إلى شكل من أشكال التفاهم، حول توحيد مؤسسة النفط".

وأشار إلى أنّ "القاهرة وأبوظبي دفعتا حفتر للقبول بتسوية للقضية، بينما تلقّت حكومة الوفاق التي ترتبط بصلات قوية بإيطاليا، طلباً من روما بشأن ضرورة الجلوس مع ممثلي حفتر وسلطاته في شرق ليبيا من أجل التفاوض".

وأوضح المصدر، أنّ "حفتر كان واضحاً منذ إعلان قراره، عندما أشار إلى أنّه سيحمي النفط، بيما تذهب موارده إلى حكومة الوفاق، ما يعني أنّه يريد مقاسمة تلك الموارد"، مرجّحاً أن "يعلن حفتر قريباً عن تراجعه عن القرار، حال الوصول إلى تفاهم مقنع للطرفين".

كما أكد المصدر، أنّ وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، ستلتقي حفتر خلال زيارتها المرتقبة إلى ليبيا، الأسبوع المقبل، قائلاً إنّ "اللقاء يأتي في إطار مراجعة روما لمساعيها مؤخراً بشأن ليبيا".

وكشف أنّ "أقرب سيناريوهات التفاهم الجديد، هو تنفيذ قرار البرلمان بشأن تمكين محمد الشكري المعيّن من برلمان طبرق في منصب محافظ البنك المركزي، خلفاً للصديق الكبير محافظ المصرف المركزي في طرابلس، مقابل الإبقاء على مصطفى صنع الله في منصبه رئيساً لمؤسسة النفط الليبية".


عودة واشنطن للمشهد الليبي

وتابع أنّ "الجهود المحلية والإقليمية تجري بسرعة، تلافياً لخطر محقق يتمثّل في تدخل عسكري في البلاد، رأس حربته قوات إيطالية بمشاركة فرنسية وبريطانية".

وبحسب المصدر أيضاً، قإنّ "تلك الجهود، وتراجع إيطاليا عن مواقفها، جاءا بناء على عودة واشنطن إلى واجهة المشهد، بعد تبعثر الرؤية الأوروبية بشأن ليبيا، وخصوصاً الخلاف الإيطالي الفرنسي"، مشيراً إلى أنّ "حضور واشنطن جاء على خلفية تقارب جديد بين حفتر وموسكو مؤخراً".

وأكد أنّ دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد مشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الإثنين الماضي، لتعيين القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا ستيفاني وليامز، نائبة للمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، "يشير إلى انخراط أميركي واضح في الملف الليبي، من شأنه أن يوازن الكفة بشكل كبير، ويحد من الصدع الأوروبي حياله".

وتابع "لكن واشنطن لن تقف في وجه تدخل عسكري في ليبيا، في حال استمرار تعنّت الأطراف الليبية، لا سيما معسكر شرق البلاد الرافض للتسويات السياسية"، لافتاً في هذا الصدد، إلى أنّ "حفتر استقبل مسؤولين من موسكو مؤخراً في شرق ليبيا، بعد سيطرته مجدداً على الهلال النفطي".


وبحسب المصدر، فإنّ "أهمية ملف النفط، وملف الهجرة بالنسبة لإيطاليا، دفعتها لتكثيف جهودها لدى واشنطن، للاقتراب من الأوضاع في ليبيا، مخافة تصاعد المواجهة بينها وبين فرنسا".

وقال إنّه "يبدو جلياً أنّ دخول واشنطن على خط الأزمة الليبية، يدفع الكثير من المسائل العالقة إلى طاولة التفاوض مجدداً"، مشيراً في الوقت عينه، إلى أنّ "الاتفاق السياسي هو الإطار الذي تصرّ عليه واشنطن كحل في ليبيا لتلك المسائل، ومن بينها توحيد المؤسسات السيادية، وتشكيل حكومة موحدة".

المساهمون