هل انتهى شهر العسل بين النظام المصري والملياردير نجيب ساويرس؟
الإجابة السريعة للسؤال تقول: "نعم"، والمؤشرات كثيرة، فالمتابع للعلاقة بين الطرفين يلحظ أن العلاقة الحالية ليست على ما يرام، وأنها لم تعد بالحميمية التي كانت عليها طوال السنوات الثلاث الماضية، وتحديدا منذ 3 يوليو/تموز 2013، والتي توجت باختيار المدير المالي لشركة أوراسكوم المملوكة لعائلة ساويرس وزيراً للاستثمار في التعديل الوزاري الأخير، وتعيين وزراء ومسؤولين سابقين مستشارين لدى رجل الأعمال، والتبرع السخي من ساويرس لصندوق تحيا مصر والذي تجاوز الملياري جنيه.
واللافت أن الفتور في العلاقة بين الطرفين يحدث رغم أن ساويرس كان من أبرز رجال الأعمال الداعمين للنظام الحالي، وواحداً من أبرز رموز الثورة المضادة التي انقلبت على حكم الإخوان ود.محمد مرسي، بل واعترف الملياردير صراحة بتمويله مظاهرات 30 يونيو 2013، وكذا توفير الدعم لجماعات ونشطاء أثاروا اضطرابات في الشارع وقت حكم الإخوان، كما مارس الرجل سياسات الابتزاز ضد مرسي حينما هدد أكثر من مرة بسحب استثماراته من مصر، بل وقام بسحب بعضها بالفعل عقب فتح السلطات آنذاك قضية التهرب الضريبي الشهيرة داخل إحدى شركات الأسمدة المملوكة لشقيقه، واتهام وزارة المالية الشركة صراحة بالتهرب من 14.2 مليار جنيه مستحقة عليها عن صفقة واحدة.
مؤشرات عدم الود، أو لنقل الفتور، بين النظام وساويرس كثيرة، فمن جانب النظام رفض محاولات رجل الأعمال الاستحواذ على واحد من أكبر بنوك الاستثمار في مصر، هو "سي أي كابيتال"، والذي سعى ساويرس من خلاله إلى تكوين أكبر بنك استثماري في المنطقة، ليصبح منافسا قويا للمجموعة المالية "هيرمس" التي يعد نجل مبارك أحد أبرز مساهميها.
واستخدم النظام أسلحة عدة ضد الملياردير المصري منها على سبيل المثال:
-الإيعاز لأكبر بنك في مصر، وهو البنك الأهلي المصري التابع للدولة، لمنافسة ساويرس على صفقة "سي أي كابيتال".
-رفض الهيئة العامة للرقابة المالية، المشرفة على سوق المال، عرض ساويرس للاستحواذ على "سي أي كابيتال" رغم موافقة البائع وهو البنك التجاري الدولي.
- توجيه هيئة الرقابة المالية مخالفات لساويرس، المساهم المسيطر على بلتون، تتعلق بتقسيم شركة أوراسكوم تليكوم إلى شركتي أوراسكوم للاتصالات وغلوبال تليكوم.
- ممارسة هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية ضغوطاً شديدة على شركة "بلتون" المالية القابضة، أحد بنوك الاستثمار الكبرى في السوق، والمملوكة لساويرس عبر الإلغاء المتكرر للتداولات على سهمها، وهو ما أدى إلى انهيار سهم "بلتون" ليتراجع من 21.97 جنيها في منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي إلى 7.34 جنيهات في جلسة أول أمس، الأحد.
إزاء هذه الضغوط الشديدة على ساويرس، رد بضغوط مماثلة، حيث أعلن أنه سيشتري بنكا استثماريا في الولايات المتحدة، بدلاً من مصر، رداً على رفض صفقة استحواذه على "سي أي كابيتال"، كما باع شركة الاتصالات المملوكة له "موبينيل" والقنوات الفضائية "أو تي في".
وهاجم ساويرس السلطات، التي رفضت عرض الاستحواذ، حيث ذكر في مقال صحافي نشره في مارس/آذار الماضي أنه ذهب لمقابلة رئيس هيئة الرقابة المالية لاستكمال أوراق الصفقة، وهنا كانت المفاجأة الجديدة بأن الأمن القومي أخطره بعدم إصدارها إلى حين المراجعة بمعرفتهم.
كما رفعت شركة "بلتون" التابعة له دعوى قضائية ضد رئيسي البورصة وهيئة الرقابة المالية، ردا على الإلغاء المتكرر للتداولات على سهمها.
ودخل ساويرس في سجال مع طارق عامر، محافظ البنك المركزي، خاصة حول أزمتي الدولار و"سي أي كابيتال"، كما هاجم الملياردير أداء البرلمان والتضييق على حزبه " المصريون الأحرار" وكذا على الأقباط.
ماذا يريد النظام من ساويرس؟ وماذا فعل الملياردير ساويرس ليغضب النظام كل هذا الغضب؟
وهل انتهى بالفعل شهر العسل بين الطرفين؟ أم أن ما حدث سحابة صيف ويشبه معارك الأمعاء الواحدة؟
لا نعرف، فالأيام قد تجيب عن الأسئلة، وقد لا تجيب.