ساحة الحرب اليمنية تتسع: مواجهات حدودية وإِشارات سياسية

01 ابريل 2015
التحالف ركز على تجمعات الحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

تحوّل اليمن إلى ساحة حرب واسعة، من عدن جنوباً وحتى صعدة أقصى شمالي البلاد، ففي أوقات متزامنة كانت تُسمع الانفجارات ومضادات الطائرات في العديد من المدن في اليوم السادس لعملية "عاصفة الحزم" التي ينفذها التحالف العربي، ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والقوات الخاضعة لنفوذ الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فيما كان لافتاً ما ذكرته وكالة "رويترز" من أن قوات سعودية ومقاتلين حوثيين تبادلوا إطلاق نيران المدفعية والصواريخ في عدد من المناطق على الحدود.

يأتي هذا في وقت تبادلت إيران والسعودية مجموعة رسائل سياسية وأمنية بشكل غير مباشر فيما دعا فيه وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، إلى تدخّل بري عاجل "بأسرع وقت ممكن". وقال ياسين، في حديث تلفزيوني، عما إذا كان يطلب تدخلاً برياً عربياً "نعم نحن نطلب ذلك وبأسرع وقت ممكن حتى يتم بالفعل، إنقاذ البنية التحتية". وجاء هذا التصريح، في ظل جدل حول احتمال حصول تدخل بري في الأيام المقبلة. وتذهب أغلب التوقعات إلى أن التدخل البري، في حال حصوله، قد يكون من صعدة الحدودية مع السعودية، وكذلك نحو مدينة عدن الجنوبية، التي قد تزحف إليها قوات بحرية.

من جهته، أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن التحالف سيواصل هجومه على قوات الحوثي إلى أن تستقر الأوضاع في اليمن. ونقل حساب مجلس الشورى السعودي على "تويتر"، عن الفيصل قوله "نحن لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها". وأضاف "عاصفة الحزم ستستمر للدفاع عن الشرعية في اليمن، حتى تحقق أهدافها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحداً".

في المقابل، كان مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، يعلن خلال وجوده في الكويت عن مقترح إيراني لحل الأزمة في اليمن، موضحاً أن بلاده تحاول التواصل مع السعودية للتعاون في هذا الصدد.

ونقلت "رويترز" عن عبد اللهيان دعوته كل الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار، لإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية، مضيفاً أن بلاده ترى أن الضربات العسكرية لليمن خطأ استراتيجي، واصفاً إياها بالاعتداء الخارجي، ومطالباً الأطراف المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" بإيقاف الهجوم على اليمن ودعم الحوار الداخلي.

يأتي هذا في وقت كانت فيه المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، تنفي أن تكون طهران قد أرسلت أي مساعدات عسكرية لليمن، واصفة الأنباء المتداولة في هذا الصدد بالكذب المحض. وأضافت أن كل الاتفاقيات الموقعة بين هيئتي الطيران الإيراني واليمني في وقت سابق تسمح بنقل المساعدات الغذائية والطبية والدوائية إلى هذا البلد.

اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم" بيومها الخامس: حرب استنزاف والسفن تدخل المعركة

وفي السياق، قررت السلطات الباكستانية إرسال وفد للسعودية لإجراء مشاورات حول أوضاع الباكستانيين "الذين تقطعت بهم السبل في اليمن"، كما أعلن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أمس. وكانت القوات البرية الملكية السعودية ووحدات من القوات الخاصة بالجيش الباكستاني، بدأت الأحد تمريناً مشتركاً تحت عنوان "الصمصام 5"، في مركز الملك سلمان للحرب الجبلية، شمال منطقة الباحة السعودية.

في التطورات الميدانية، أكد المتحدث باسم عمليات "عاصفة الحزم" أحمد عسيري، في مؤتمره الصحافي اليومي، أن العمليات مستمرة على نفس الأهداف المعلنة منذ بداية المرحلة الحالية، مؤكداً استهداف القوات في محيط عدن أو المتوجهة إلى المدينة، مشيراً إلى أن "اللجان الشعبية ترصد التحركات على الأرض وتبلغنا بها لقصفها".

وأوضح أن قوات التحالف كثّفت العمليات حول مدينة عدن في الساعات الـ24 الأخيرة وتم مهاجمة كل القوات المتوجهة نحو المدينة، لافتاً إلى أن الأوضاع هادئة شمال عدن وتم استهداف جميع التحركات وجميع محاولات نقل التموين بين المدن. كما أعلن أن "العمليات مستمرة بشكل مكثف في صعدة مركز تواجد المليشيات الحوثية، وهم يحاولون الدخول الى الضالع وشبوة للاحتماء من غارات التحالف".

وأشار إلى أن "التحالف استمر في استهداف مواقع الدفاع الجوي وأماكن وجود الصواريخ الباليستية". وأعلن أنه تم إعادة فتح مطار نجران بعدما عُلقت الملاحة الجوية فيه لفترة.

في هذه الأثناء، قال سكان ومصادر قبلية لوكالة "رويترز" إن قوات سعودية ومقاتلين حوثيين يمنيين تبادلوا إطلاق نيران المدفعية والصواريخ في عدد من المناطق على الحدود أمس الثلاثاء. وبحسب الوكالة، سُمع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف في منطقتي شدا والحصامة في محافظة صعدة وقرب مدينة حرض في محافظة حجة المجاورة.

كما أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" وأخرى قريبة من الحوثيين في صعدة، أن قصف التحالف تواصل على مواقع مفترضة للحوثيين، في مديريات حدودية مع السعودية، تعرضت لقصف مدفعي ومنها "شدا" و"الحصامة"، فيما تعرضت مواقع عسكرية أخرى داخل المحافظة، لضربات طائرات التحالف. ولم يعلن الحوثيون عن حجم الخسائر جراء الضربات المتركزة على صعدة منذ أيام. وتُعدّ المحافظة معقل الجماعة الرئيسي، وفيها تتواجد المعسكرات والمخازن التابعة لها، خلافاً للأهداف في المحافظات الأخرى والتي تستهدف أغلبها مواقع عسكرية تابعة للجيش الموالي لصالح وللجماعة، مع وجود أهداف حوثية في مختلف المحافظات.

أما في صنعاء، فشهدت منطقة "فج عطان" غربي العاصمة أعنف الانفجارات جراء الضربات التي استهدفت مخازن ألوية الصواريخ الباليستية، فيما استهدفت بقية الضربات مواقع عسكرية في مطار صنعاء والقاعدة الجوية شمالي العاصمة، وكذلك مواقع عسكرية في منطقة "أرحب"، ومواقع للدفاع الجوي في المناطق المحيطة بصنعاء.

أما في إب، جنوبي غرب البلاد، فسقط قتلى من الحوثيين ونحو 14 مدنياً، وجرح آخرون في قصف لطائرات التحالف، استهدف نقطة تفتيش حوثية على مدخل مدينة "يريم". ووصلت إحدى القذائف إلى محطة وقود قريبة من المكان، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين، صباح الثلاثاء. وتعرّض معسكر اللواء 55 مدفعية في المكان، لضربات جوية، لم يُعرف حجم الخسائر عنها. فيما انتفض مسلحون قبليون في منطقة "القفر" وطردوا الحوثيين من أحد مقراتهم داخل المديرية ونقاط تفتيش تابعة للجماعة، في ظل أنباء عن احتجاز العديد منهم.

وفي محافظة الضالع، جنوباً، تعرّض معسكر الجرباء التابع للواء 33 مدرع، لقصف من قبل قوات التحالف، صباح الثلاثاء. ويخوض اللواء مواجهات متقطعة مع مسلحي الحراك الجنوبي واللجان الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. كما كانت محافظات عدن ولحج وأبين، ساحة لمواجهات مسلحة بين قوات عسكرية خاضعة لنفوذ صالح وحوثيين من جهة، والموالين لهادي من جهة أخرى، فيما وقعت العديد من الضربات الجوية استهدفت مواقع وأرتالاً عسكرية للقوات المناوئة لهادي.

كما استهدفت ضربات جوية للتحالف أمس، مواقع للدفاع الجوي في تعز وميناء "المخا" التابع للمحافظة. ولم تكن محافظة الحديدة غربي البلاد، بعيدة عن هذا القصف، فقد جددت طائرات التحالف مساء الإثنين وفجر الثلاثاء قصف أهداف للدفاع الجوي قرب المطار وميناء الحديدة، الذي يعدّ أهم الموانئ القريبة من صنعاء على البحر الأحمر.

المساهمون