زيارة وفد "النهضة" للمرزوقي: نهاية جفاء أم مجاملة؟

11 يوليو 2015
الوفد يُثني على مشاركة المرزوقي بأسطول الحرية (ياسين الجعايدي/الأناضول)
+ الخط -
لا يمكن اعتبار زيارة وفد قيادي رفيع من حركة "النهضة" التونسية ليلة الجمعة الماضية إلى بيت الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي في سوسة، مجرد حدث عابر، على الرغم من شكله "المجامل" الواضح في بيان الزوار.

من المتعارف عليه أن حزب "النهضة" وقياداته لا يتحركون خارج الأهداف الحزبية، خصوصاً إذا كانت القضايا سياسية، ويحسب لخطواتهم ألف حساب، لا سيما في هذه الأوقات الحساسة، بالإضافة إلى توقيت الزيارة ودلالتها الرمزية والمفردات المستخدمة في نص البيان المعلن حول الزيارة والأسماء المكوّنة للوفد.

فقد تألّف الوفد من قيادات الصف الأول وشمل النائب الحالي لرئيس الحركة وزير الصحة السابق، عبد اللطيف المكي، والنائبة فريدة العبيدي، ووزير حقوق الإنسان السابق سمير ديلو، ومحمد محجوب، والنائب ووزير الفلاحة السابق محمد بن سالم. يتبيّن من الأسماء أنه وفد من أعلى الدرجات الرمزية في الدولة وفي حركة "النهضة"، وبالتالي لا يمكن اعتبار الزيارة مجرد مبادرة شخصية أو تعبيراً منفرداً عن موقف خاص للمجموعة.

وقال نص الخبر الذي نشره المكي على صفحته الرسمية إن الوفد "عبر للسيد الرئيس عن إكباره لمشاركته الشجاعة في أسطول الحرية في محاولة لكسر الحصار الظالم على غزة،  وثمّن هذه التجربة واستنكر ممارسات الكيان الصهيوني المستفزة للمشاركين في الأسطول، خاصة السيد المنصف المرزوقي".

وشارك المرزوقي باسم التونسيين في أسطول الحرية، نظراً لشخصيته الاعتبارية كرئيس سابق، وأصرّ على إظهار جواز سفره التونسي في مواجهة الصلف الإسرائيلي. ولعلّه كان يُفترض أن تنسج أحزاب أخرى على نفس المنوال، لأن الموضوع هو فلسطين، والمحتجز هو رئيس تونس السابق، بعيداً عن كل الحسابات السياسية الضيقة، وهو ما كان عليه الموقف الرسمي للدولة التونسية ممثلة في وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية، والتي أدانت احتجاز المرزوقي وكل من كان على ظهر السفينة "ماريان"، وطالبت بإطلاق سراحه فوراً، وحمّلت إسرائيل مسؤولية أي مكروه يصيبه.

اقرأ أيضاً: أسطول الحرية الرابع بمشاركة المرزوقي

وتأتي زيارة وفد "النهضة" إلى المرزوقي بعد فترة "جفاء"، خصوصاً إبان الانتخابات الرئاسية الماضية وما تلاها من تأويلات واتهامات متبادلة؛ كان بعضها علنياً، فيما ظل أغلبها مكتوماً. وأشار مراقبون حينها إلى "قطيعة نهائية" بين الجانبين بسبب نتائج الانتخابات المذكورة، وما تلاها من خلافات على خلفية تصويت قواعد "النهضة" للمرزوقي وقياداتها للسبسي.

من جهة ثانية، تزامنت الزيارة مع توجه زعيم "النهضة" راشد الغنوشي إلى سوسة، تحديداً إلى نزل "إمبريال"، حيث وقع الاعتداء الإرهابي، ما قد يشير بالضرورة إلى أن تنسيقاً جرى قبل الزيارة واستشارة للقيادة الأولى. في المقابل، لا يمكن أن تتم زيارة بهذا الشكل دون تنسيق مع محيط المرزوقي.

وإذا كان الأمر قد جرى بهذا الشكل، فإن الزيارة تتجاوز بالتأكيد طابعها المساند والمجامل إلى ما هو أبعد؛ وإذا كان الحديث عن تنسيق سياسي أو عودة للعلاقات كما كانت أمراً مبالغاً فيه حالياً وسابقاً لأوانه، فإن الزيارة تساهم على الأقل في إذابة الجليد الذي عرفته علاقة الطرفين.

اقرأ أيضاً: "النهضة" تساند المرزوقي وتُقبّل جبين السبسي

في غضون ذلك، أبلغ الغنوشي خلال زيارته إلى "إمبريال" تضامن حركة "النهضة" ومواساتها لـ"زهرة إدريس، صاحبة الفندق، ومساندتها للإجراءات التي اتخذتها الحكومة في سبيل دعم القطاع السياحي".

وجاء لقاء الغنوشي وإدريس بعد شائعات سبقت الزيارة تشير إلى أن المالكة رفضت زيارة "النهضة إلى الفندق للابتعاد عن كل تأويل سياسي للحدث"، ولكن الزيارة فنّدت كل الشائعات. وعبّر الغنوشي عن تضامنه ليس مع صاحبة الفندق فقط، وإنما مع عائلة إدريس ذائعة الصيت والنفوذ في سوسة.

وعلى شاطئ الفندق نفسه، عقد الغنوشي ندوة صحافية أكّد خلالها استنكار "النهضة" للجرائم الإرهابية التي تستهدف أمن تونس واستقرارها وضرب الدولة ومكتسبات الثورة، مشدّداً على "براءة الإسلام من كل الأعمال الإجرامية التي تستهدف ترويع الآمنين وضيوف تونس"، مجدداً دعوته إلى "التمسك بالوحدة الوطنية في مواجهة الإرهاب ونبذ كل محاولات توظيفه سياسياً من أجل خدمة مصالح فئوية ضيقة".

المساهمون