زيارة لندن المعلّقة تربك الرئيس المصري

03 سبتمبر 2015
نظم محتجون تظاهرات في لندن للتنديد بدعوة السيسي لبريطانيا(الأناضول)
+ الخط -
يخشى الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، من التداعيات التي قد ترافق زيارته، المعلقة حتى اﻵن، إلى بريطانيا، إذ لم يتحدد بعد موعد لها على الرغم من الإعلان عنها منذ يونيو/ حزيران الماضي. وفي السياق، وجّه السيسي بتشكيل مجموعة عمل برئاسة مساعدته لشؤون اﻷمن القومي فايزة أبوالنجا، وعضوية مسؤولين من وزارتي الخارجية والتخطيط والتعاون الدولي، لدراسة الزيارة وتداعياتها.

ويسود القلق أوساط النظام المصري من فعاليات وتوابع هذه الزيارة. كذلك هناك تخوف من احتمال إلغائها أو تأجيلها إلى العام المقبل، بسبب مجموعة من المشكلات العالقة التي تلقي بظلالها على الزيارة، ﻻ سيما أنّ لندن هي آخر عاصمة أوروبية كبرى لم تستقبل السيسي حتى اﻵن.

اقرأ أيضاً: "الإخوان" تجهّز لمقاضاة السيسي و12 مسؤولاً مصريّاً في بريطانيا 

وشهد اﻷسبوع الماضي تطورين يهددان بتأجيل الزيارة أو على اﻷقل بإشعال فعالياتها. التطور اﻷول هو رفض بريطانيا المطلق للحكم القضائي في القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، والتي أدين فيها مواطنان تابعان للتاج البريطاني، هما الصحافي الأسترالي بيتر غريستي، والكندي من أصل مصري محمد فهمي. وقد استدعت الخارجية المصرية السفير البريطاني، جون كاسن، للاحتجاج على انتقاده الحكم.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية، فإنّ السفير البريطاني الذي تم استدعاؤه ﻷول مرة منذ عقود، ظل متمسكاً، خلال اجتماعه بقيادات وزارة الخارجية، بآرائه التي أعلنها في الصحافة المصرية. وأشارت المصادر إلى أن كاسن طالب الحكومة المصرية بمعالجة آثار هذا الحكم بسرعة وتحديد جلسة لنظر القضية في محكمة النقض بمجرد تقديم طعن على الحكم.
ويتخوف النظام المصري من أن يتسبب الحكم في إحراج بالغ للسيسي في لندن حال إتمام الزيارة، لا سيما أن جميع المتهمين صحافيون وليسوا من قيادات جماعة اﻹخوان المسلمين أو أي فصيل آخر تتهمه القاهرة بـ"ممارسة اﻹرهاب".
أما التطور الثاني، فيتمثل في الحكم الذي صدر من محكمة القضاء الإداري بإلزام الخارجية المصرية بملاحقة بريطانيا دولياً لإزالة حقول اﻷلغام شمال غرب البلاد ودفع تعويضات للمتضررين منها.
وعلى الرغم من أنّ الحكومة المصرية بصدد الطعن على هذا الحكم لتدخله في تفاصيل السياسة الخارجية للدولة، إﻻ أنه يوجد تخوف من أن تعتقد لندن أنه حكم مسيّس ويعبر عن اتجاه الدولة الرسمي رداً على مواقف بريطانيا المرنة مع جماعة الإخوان وقياداتها والتيارات اﻹسلامية عموماً منذ أحداث يوليو/ تموز 2013 وصعود السيسي إلى السلطة.
وعلى الرغم من ترحيب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بزيارة السيسي، إﻻ أن الإشارات الصادرة عن لندن تؤكد الحرص في التعامل مع النظام المصري، ﻻ سيما أن حكومة كاميرون تعتبر متحررة أكثر من الحكومتين اﻷلمانية والفرنسية من ضغوط رجال اﻷعمال والمستثمرين الراغبين في استغلال المناخ الاقتصادي الذي يحاول السيسي ترسيخه في مصر لجذب المزيد من رؤوس الأموال.

وبحسب المصادر الدبلوماسية المصرية، فإن العلاقة الثنائية بين مصر وبريطانيا، تشوبها حالة من عدم الارتياح، لا سيما مع وجود تحذيرات استخبارية من أن تشهد الزيارة أوسع تظاهرات معارضة للسيسي نتيجة العدد الكبير من عناصر تيارات الإسلام السياسي المتواجدة بقوة في بريطانيا، وهو ما قد يؤدي إلى إحراج مضاعف للسيسي.
وتوضح المصادر أن السيسي يعتبر لندن المقر الرئيسي للإخوان في الخارج، وهو ما يثير قلقه ودفعه لتشكيل مجموعة العمل برئاسة أبوالنجا للتباحث مع الطرف البريطاني حول قواعد تأمين استثنائية للزيارة، تبعد بقدر الإمكان التظاهرات المنتظرة عن أماكن تواجده، حتى ﻻ يتكرر ما حدث خلال زيارته العاصمة اﻷلمانية برلين.
ويسعى السيسي من زيارة لندن إلى جذب المزيد من اﻻستثمارات، لا سيما في مجالي البترول والتعدين والصناعات الثقيلة، انطلاقاً من الوضع الجيد لشركة البترول البريطانية في مصر منذ عقود. كذلك يسعى السيسي إلى استغلال الزيارة على المستوى السياسي باعتبارها تتويجاً للاعتراف نهائياً بنظامه من قبل أكبر العواصم اﻷوروبية.
وترجح المصادر المصرية أﻻ تتم زيارة السيسي إلى لندن إلا بعد انتهاء حضور الرئيس المصري لاجتماعات اﻷمم المتحدة خلال الشهر الحالي في نيويورك وزيارة اليابان وكوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تنشر تقرير "جنكينز" حول الإخوان قبل نهاية 2015 

دلالات
المساهمون