أهداف الاحتلال من قصف الحواضن الشعبية في لبنان

01 أكتوبر 2024
نازحون في إحدى مدارس بيروت، 23 سبتمبر 2024 (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استهداف شامل للبنى التحتية والمدنيين: الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على لبنان منذ 23 سبتمبر، مستهدفاً مواقع حزب الله ومنشآت مدنية، مما يهدف لضرب الاحتضان الشعبي للمهجّرين اللبنانيين.

- تأجيج المناخات الطائفية والمناطقية: الاعتداءات الإسرائيلية أدت إلى سقوط شهداء وزيادة الذعر بين السكان، مما دفع مناطق آمنة نسبياً لرفض استقبال المهجّرين، مهددة بفتنة داخلية وحرب أهلية.

- جرائم حرب وتداعيات داخلية: زياد عبد الصمد يؤكد أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب بغطاء أمريكي، مما يزيد التوترات الداخلية في لبنان، مع رفض تأجير المنازل للشيعة وتعقيد الوضع الأمني والاجتماعي.

يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى ضرب السلم الأهلي في لبنان

شملت الاعتداءات الإسرائيلية قرى وبلدات عُدّت آمنة نسبياً

الهدف تجاوز حد ضرب حزب الله إلى ضرب الاحتضان الشعبي للمهجّرين

لا يكتفي الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الشامل على لبنان منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، بضرب مواقع عسكرية لحزب الله، بل إنه يلاحق منشآت وبنى تحتية مدنية، سواء في مناطق محسوبة على الحزب، أو في مناطق نزح إليها المواطنون اللبنانيون من الجنوب والبقاع. وشهد الأسبوع الأول من العدوان استهداف الاحتلال مواقع لم يستهدفها سابقاً، بل كانت في مرات عدة، وآخرها في عدوان صيف 2006، حاضنة شعبية للهاربين من جحيم القتل والتدمير. وشملت الاعتداءات الإسرائيلية قرى وبلدات عُدّت آمنة نسبياً، في أقضية واقعة في جنوب محافظة جبل لبنان، مثل الشوف وعاليه، وأيضاً في شمال المحافظة نفسها، مثل كسروان وجبيل. حتى أن العدوان الإسرائيلي طاول، أمس الاثنين، بلدة عيون أرغش وطريق عيناتا الأرز، الواقعتين على المرتفعات بين قضاءي بعلبك وبشرّي.

اعتداءات الاحتلال

وشملت اعتداءات الاحتلال بلدات مثل راس أسطا في قضاء جبيل والمعيصرة وميروبا في قضاء كسروان، وبعدران والجية وجدرا والجميلية وجون في قضاء الشوف، ورأس بعلبك والفاكهة وتويتي وحزرتا وغزة (البقاع) وعنجر ومجدل عنجر وصغبين ونيحا ومشغرة وشتورة، وكلها في محافظة البقاع. وبدا من خلال الاستهدافات الإسرائيلية لمناطق بعيدة عن شمال نهر الليطاني، وفي العمق اللبناني، أن الهدف تجاوز حد ضرب حزب الله، إلى حد ضرب الاحتضان الشعبي للمهجّرين اللبنانيين. والسبب في ذلك هو أن معظم البلدات المستهدفة والبعيدة عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، هي بلدات إما ذات غالبية مذهبية غير شيعية، أو مختلطة، لكنها شرعت أبوابها للمهجّرين.

زياد عبد الصمد: سُجلت محاولات دخول منازل وشقق بالقوة
 

وفي الاعتداءات الإسرائيلية على هذه البلدات سقط العديد من الشهداء، بين المهجّرين والمستضيفين، خصوصاً في المعيصرة وبعدران. وترافق ذلك مع موجة من الاتصالات بتقنية الذكاء الاصطناعي وردت إلى سكان مناطق وأحياء ومبان بعيدة عن مواقع العدوان الإسرائيلي، ما أثار توجس السكان، الذين عملوا في أحيان كثيرة على مغادرة مواقع سكنهم خشية من الغارات الإسرائيلية. ودفع ذلك سكان مناطق آمنة نسبياً إلى رفض استقبال المهجّرين، خشية من حصول استهدافات إسرائيلية. ومنهم لم يسمح بتأجير منازل، ومنهم من طلب من الموجودين في منزل أو في المنطقة، مغادرته.

تأجيج المناخات الطائفية

ومن شأن هذه الاضطرابات، أن تؤجج مناخاً طائفياً ومناطقياً متشنجاً في لبنان، كهدف إسرائيلي لخلق فتنة في البلاد. ومثل هذه الحالات قد تُشعل فتيل حرب أهلية في البلاد، استناداً إلى الخلافات السياسية، تحديداً في موضوع فتح جبهة الإسناد لغزة، والتدهور الاقتصادي، خصوصاً بعد الأزمة المالية التي بدأت في عام 2019، وعجز خطة طوارئ الدولة اللبنانية، الموضوعة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن مواكبة التطورات المتلاحقة، مع تهجير أكثر من مليون لبناني من الجنوب والبقاع، منذ 23 سبتمبر الحالي. واستدعت هذه التطورات رداً من الجيش اللبناني، الذي أصدر بياناً، دعا فيه "المواطنين إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمسّ بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا". وشدّد، أول من أمس الأحد، على أن "العدو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين". وأكد "الاستمرار في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة والقيام بواجبه الوطني للحفاظ على السلم الأهلي"، داعياً "المواطنين للتجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان".

الجيش اللبناني: العدو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين

 

من جهته، لفت المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن إسرائيل ترتكب جرائم عندما يكون الهدف بين المدنيين، من دون أن تأبه للخسائر، علماً أن ذلك يندرج في إطار جرائم الحرب، ويبدو أن إسرائيل لديها تفويض أو إذن للقتل، من دون وجود من يحاسبها، وطبعاً ذلك لا يحصل من دون غطاءٍ أميركي، خصوصاً أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم إسرائيل وتمولها وتمدّها بالسلاح. وأضاف عبد الصمد، أن هناك مشاكل داخلية في البلد قد تؤدي في ظلّ استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي إلى حصول نوع من الإشكالات أو التشفي أو الاحتكاكات، وقد تتطوّر في المستقبل. واعتبر أن هناك فراغا كبيرا بعد كلّ ما تعرّض له حزب الله، ولا سيما منذ تفجيرات أجهزة الاتصال (17 و18 سبتمبر/أيلول الماضي)، فالضربات العسكرية المباشرة للمخازن والقيادات، وآخرها اغتيال أمينه العام حسن نصرالله (في 27 سبتمبر الماضي) تجعل البلاد أمام فراغ كبير. ورأى أن وجود كتلة بشرية كبيرة في الشارع من شأنه أن يؤدي إلى حصول احتكاك بينها وبين المجتمع المضيف، وقد سجّل حتى في أكثر من مكان محاولة دخول منازل وشقق بالقوة، وحصلت بعض الإشكالات السياسية. كما أن هناك أماكن يخشى الناس تأجيرها لأشخاص من الطائفة الشيعية، خوفاً من أن يكونوا عناصر في حزب الله ويُستهدفوا. وهو ما حصل مثلاً في منطقة بعدران الشوفية، وغيرها من المناطق حيث لا وجود لحزب الله، وهنا نعود إلى التذكير بالأهداف وبنك المعلومات الذي تملكه إسرائيل، وهذا قادر على إحداث هذا الخوف، في ظل قدرتها على الوصول إليهم أينما كانوا.

المساهمون