الترحيب الذي ألقاه الملك على مسامع ضيفه، لم يخلُ من عتب واضح وكبير على تنصّل المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه المملكة التي بات اللاجئون السوريون يُشكّلون خُمس عدد سكانها، وأوصل الملك عبدالله رسالته الغاضبة إلى المجتمع الدولي عبر مسامع كاميرون، قائلاً له إن "الدور الذي لعبه الأردن قد خفف العبء عن كاهل أوروبا"، في إشارة مبطنة منه إلى أن قوارب اللاجئين التي تبحر عبر المتوسط محفوفة بمخاطر الموت غرقاً ما هي إلا نتيجة مباشرة لعجز الدول الأوروبية عن تمكين اللاجئين السوريين في دول اللجوء نتيجة نقص المساعدات المقدمة لهم وللدول المستضيفة.
ما لم يقله الملك الأردني صراحة، يقوله السياسيون الأردنيون الذين يشعرون بغبن المجتمع الدولي تجاه بلادهم، وبظلم ذوي القربى الذين تغزلوا بأوروبا بعد قرارها المتأخر فتح أبواب اللجوء للسوريين، من دون شكر الأردن الذي لم يغلق أبوابه أمام اللاجئين منذ اندلاع الأزمة، بل وتُكال له اتهامات دائمة بمتاجرته بقضية اللاجئين، وتكسّبه على حسابهم.
كل ذلك قاله المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، بعد غرق الطفل السوري عيلان عبدالله، محمّلاً يومها المجتمع الدولي مسؤولية المأساة لتركه اللاجئين بين خيار اللجوء الذي لا يحفظ كرامتهم أو الغرق في البحر، ومعيباً عليه أنه لم يستمع تحذيرات الأردن من مخاطر عدم مساعدة اللاجئين داخل دولهم ولدى الدول المستضيفة.
اقرأ أيضاً: رسائل زيارة كاميرون لبنان: إبقاء اللاجئين في دول الجوار
زيارة كاميرون الخاطفة والتي جاءت من دون إعلان مسبق، لا تتعدى محاولة الرجل كسب الرأي العام في بلاده، بعد أن خطفت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل الأضواء، بعد أن شرّعت أبواب بلادها أمام اللاجئين، كما يرى مسؤول أردني تحدث لـ"العربي الجديد".
وغرّد كاميرون خلال زيارته مخيم الزعتري للاجئين السوريين، في محافظة المفرق (75 كيلومتراً شمال عمّان) لمواطنيه عبر صفحته على موقع "تويتر"، مستعرضاً أمامهم في صور التقطت له مع أطفال لاجئين ما تقدمه بلاده من خدمات تعليمية وعلاجية للسوريين في الأردن.
يقول المسؤول الأردني، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إن مهمة كاميرون التي بدأها في لبنان واختتمها في الأردن خلال زمن قياسي، انصبّت على بحث أفضل السبل للإبقاء على اللاجئين السوريين في الدول المستضيفة، وعرقلة انتقالهم إلى أوروبا.
خطة كاميرون عبّر عنها صراحة في التصريحات التي نقلها على لسانه بيان صادر عن الديوان الملكي، وقال فيها "من المهم جداً أن نساعد بقاء هؤلاء الناس قريبين من بيوتهم"، وهي المساعدة التي رآها بتوفير المأكل والمسكن والملبس للاجئين، حتى لا يضطروا إلى القيام بالرحلة الخطيرة عبر البحر. رئيس الوزراء البريطاني الخائف من غزو اللاجئين بلاده تدارك نفسه وهو يستعرض بذخ بلاده في دعم اللاجئين ليعلن عزمها استضافة 20 ألف لاجئ سوري، يتساءل المسؤول الأردني ذاته "ما هي نسبة من ستستضيفهم بريطانيا من المليون و400 ألف لاجئ لدينا؟".
يرى المسؤول الأردني أن بلاده، اليوم، في وضع أفضل وأنها تستطيع أن تفرض شروطها على المجتمع الدولي، خصوصاً الأوروبي، الذي سيدرك قريباً حجم مأساة اللاجئين بأبعادها الإنسانية والأمنية والقانونية التي عايشتها المملكة طيلة السنوات الماضية. ويقول إن "أوروبا الآن أمام لحظة الحقيقة التي ستفرض عليها التعامل بجدية أكبر مع مناشدات الأردن الخاصة بمساعدة اللاجئين السوريين، والتي كانت لا تُأخذ على محمل الجد في كثير من المرات".
اقرأ أيضاً: لبنان: كاميرون يلتقي سلام ويشدد على دعم اللاجئين