ويلتقي الملك، محمد السادس، بوزير الخارجية المصري، اليوم الجمعة، لتسليمه "رسالة شفهية" مرسلة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
مصادر دبلوماسية مصرية أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن الرسالة لن تشمل حديثاً مباشراً عن الأزمة الأخيرة، لكنها ستؤكد احترام مصر للسيادة المغربية والتأكيد على رسوخ العلاقات بين البلدين وعدم تدخل أي منهما في الشؤون الداخلية للأخرى. وأوضحت المصادر أن الزيارة إلى المغرب كانت مدرجة على جدول أعمال وزير الخارجية المصري منذ ما قبل الأزمة التي تفجرت أخيراً بين القاهرة والرباط، بسبب وصف وسائل الإعلام المغربية الرسمية 3 يوليو بأنه انقلاب عسكري.
وأشارت المصادر إلى أن زيارة شكري إلى المغرب تم تقديمها من 18 يناير/كانون الثاني الجاري إلى 15 و16 يناير بسبب زيارة السيسي إلى الإمارات يومي 18 و19 من الشهر نفسه، والمقرر أن يرافقه فيها وزير الداخلية وعدد آخر من الوزراء.
وكانت مصادر مصرية أخرى قد أوضحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق أن السبب الحقيقي للأزمة بين البلدين هو وصول معلومات عن تداول مسمى "الصحراء الغربية" في الوثائق الرسمية المصرية بدلاً من "الصحراء المغربية" فيما اعتبره المغرب تبنياً لأفكار دعاة تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية.
وأكدت المصادر تفهم مصر لوجود قلق في المغرب من التقارب المصري الجزائري في عهد السيسي نتيجة التنسيق الأمني والاستخباراتي بشأن الجارة المشتركة ليبيا، وكذلك تطور العلاقات الاقتصادية، مشددة على أن "الرئيس المصري أعطى وزير الخارجية تعليمات صارمة بإقناع الجانب المغربي بعدم تأثر العلاقات الثنائية بأي خلاف بين الرباط والجزائر".
وأوضحت المصادر الدبلوماسية ذاتها أن لقاء شكري مع نظيره المغربي صلاح الدين مزوار سيتركز حول سبل دفع العلاقات الإيجابية بين البلدين، وتنقية الأجواء جراء الأزمة الأخيرة، بالإضافة إلى دعوة المغرب لحضور قمة دعم اقتصاد مصر المقررة في 13 مارس/آذار المقبل بشرم الشيخ، والترويج لعقد اتفاقيات اقتصادية بين البلدين ولا سيما على مستوى منتجات الغاز الطبيعي، نظراً لحاجة مصر لتعديد مواردها وعدم الاقتصار في استيراد الكميات الإضافية التي تحتاجها من الجزائر.
بدوره، قال مصدر مسؤول في سفارة القاهرة في الرباط، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة شكري تعدّ دفعة للعلاقات الثنائية بين البدلين الشقيقين، وبأن "الرسالة الشفوية التي ينقلها رئيس الدبلوماسية المصرية إلى ملك المغرب، تأتي رداً على رسالة شفوية سابقة من الملك إلى الرئيس المصري" لدى زيارة وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، القاهرة في الصيف الماضي.
لكن مصادر مغربية مطلعة أوضحت، لـ"العربي الجديد"، أن زيارة الوزير شكري للمغرب، وحمله رسالة من السيسي إلى الملك محمد السادس تحمل في طياتها محاولة من الرئيس المصري لنزع فتيل الأزمة بين البلدين، درءاً لأن تتطور الأمور إلى نقطة اللا عودة". ولفتت المصادر إلى أن بلاغ سفارة القاهرة في المغرب حين ربط زيارة وزير الخارجية المصري للمغرب، وإبلاغه رسالة شفوية للملك، بزيارة سابقة مماثلة لوزير الخارجية المغربي للقاهرة واستقباله من طرف السيسي، إنما هو محاولة للتمويه على حقيقة وخلفيات الزيارة.
وأكدت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن زيارة شكري تهدف لتأكيد مصري من أعلى مستوى على أن القاهرة تعطي ضمانات بأنها تقف على مستوى واحد من الأطراف المتنازعة حول الصحراء.
وكان ملف الصحراء، موضوع النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، قد ظهر كأحد العوامل الرئيسية في التوتر الذي طال فجأة العلاقات الإعلامية، ولا سيما بين المغرب ومصر، إذ اتهمت أوساط مغربية القاهرة بدعم ضمني للجبهة الداعية لانفصال الصحراء عن المملكة.
وفي السياق نفسه، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن ضمانات سياسية تقدمها القاهرة للرباط لطمأنة المملكة على أنها ستظل طرفاً محايداً في قضية الصحراء، وبأنها مع مقررات الأمم المتحدة في ما يخص نزاع الصحراء، وبأن تقرب مصر من الجزائر لن يؤثر على علاقاتها مع المغرب".
في المقابل، توضح المصادر أن مصر تطلب من المغرب أن يتم الرقي بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستويات أفضل، بالنظر إلى "عدم رضا" النظام المصري على تعاطي الرباط مع توليه تسيير شؤون البلاد، إذ اكتفى المغرب ببعث وزير خارجيته فقط لتهنئة السيسي.
من جهتها، رأت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية المغربية، امباركة بوعيدة، التي تتواجد خارج البلاد في تصريحات مقتضبة لـ"العربي الجديد"، أن زيارة "وزير الخارجية المصري تأتي لإعادة الحيوية للعلاقات المغربية المصرية التي كانت دوما متميزة".
وأفادت الوزيرة بأن "ما جرى بين المغرب ومصر في الأيام الأخيرة لا يعدو أن يكون (توتراً) لا يرقى إلى مرتبة الأزمة الدبلوماسية، بدليل الزيارات المتبادلة بين وزيري خارجيتي البلدين، ومواصلة المشاورات الثنائية"، مؤكدة أن "المطلوب تعزيز المسار الصحيح للعلاقات".
وكانت الأزمة المفاجئة بين البلدين قد انطلقت بتقارير تم بثها في يوم واحد، قبل أسبوعين فقط، ضمن نشرات إخبارية لقنوات تلفزيونية رسمية مغربية، وصفت نظام السيسي بأنه "انقلابي ودموي"، وبأنه "جاء ليحكم مصر على ظهر دبابات أجهضت حكم الرئيس المنتخب، محمد مرسي."
ومنذ ذلك الحين تبادلت وسائل الإعلام بين المغرب ومصر موجة من الاتهامات، وسط أصوات قليلة تطالب بالتريث واستخدام صوت العقل والتهدئة. وذهب الطرف المغربي إلى أن سبب تغير نبرة الإعلام الرسمي من نظام السيسي يكمن في الحملات الإعلامية الشعواء، التي يشنها الإعلام المصري على المغاربة.