زواج الأتراك من السوريات.. أسباب وغايات

27 اغسطس 2015
تعاني التركيات من إقبال أزواجهن على زواج السوريات(فرانس برس)
+ الخط -
منذ إلغاء إجراءات الدخول (الفيزا) بين البلدين ارتفع عددُ اللاجئين السوريين في تركيا، ووفقاً للأرقام الرسميّة المعلن عنها بلغ عدد اللاجئين 1.8 مليون، يمثّل الاطفال والنساء نسبة 75% منهم، ومن هم تحت سن الـ 18 حوالى 50% منهم.


وحول الزواج بين السوريين والأتراك توضح الباحثة السورية، سلمى الدمشقية، أن تاريخه يعود لما قبل الثورة المستمرة منذ أربع سنوات، فبعضهم ممّن لديه أصول تركيّة قام بتعزيز الترابط من جديد مع أصوله.

وتشير إلى أن هذا حصل في حالات محدودة وتمّ في إطار زواج الأقارب، وكان نادراً، لكنه أكثر انتشاراً في لواء إسكندرون بحكم القرب الجغرافيّ، إذ ينقسم جزء منه في تركيا والآخر في سورية، واللواء تابعٌ لتركيا منذ عام 1939 وكان تابعاً لولاية حلب قديماً.

أنواع وأسباب
وتفيد الدمشقية أن عقد الزواج الذي يُقبل عليه الأتراك من السوريات يتم في إحدى المحاكم التركية، إذا كانت هي الزوجة "الأولى"، ويعتبر زواجاً رسمياً، لا يمنعه القانون التركيّ ويسمح بإكمال إجراءاته. وتتحدث عن وجود حالات من "الزواج العرفي" تتّم عبر "عقد قران" عند شيخ دين يُثبت في إحدى البلديات التركية وهذا يعطيه صيغة رسمية بعيدة عن المحكمة، وهو ما تغضّ الحكومة التركية الطرف عنه.

وتعّلل الدمشقية سبب إقبال الأتراك على الزواج من سوريات بنقطتين: أولاً: تمتاز المرأة السورية بليونتها وحفظها لبيتها، وتعتبر رعاية زوجها وأولادها أولوية حياتها، مما يجعلها زوجة مرغوبة للأتراك.

ثانياً: المرأة السورية تتقبّل فكرة إمساك الزوج بزمام الأسرة، بينما ترفض التركية ذلك حفاظاً على شخصّيتها، التي لا تقبل إلا الند للزوج التركيّ مع التهديد بالطلاق وأخذ نصف الأملاك.
وبحسب الدمشقية، فإن قانون "الزواج من السوريات" في تركيا يشجّع الأتراك على الزواج منهن، وتفيد بأن القانون هو عبارة عن "عقد زواج يسجل قيمة المهر (1000-1800دولار) باسم الزوجة السورية، وفي حالة الانفصال تأخذ الزوجة المهر، ولا يسمح للزوج برفض إعطائه، ويمنع الرجل التركي بعد الطلاق بالمحكمة من الزواج بسورية مرة أخرى منعاً باتّاً".

بين الريف والمدينة
تفيد الدمشقية بأن لكل منطقة تركية ظروفها في الزواج، إذ يختلف الريف عن المدينة، وتوضح أن المدن تكون فيها الزوجة الأولى أكثر تحرّراً وبإمكانها الذهاب للمحكمة، وإن القضاء يحاكم الزوج وفق قانون منع الجمع بين زوجتين.

وعن الريف تلفت إلى أن "لهم عادات وتقاليد مختلفة، إذ يمتلكون نوعاً من المحافظة والترابط الأسري والديني، ويتقبّلون موضوع الزوجة الثانية".

ويشير الشاب السوري، مطور مواقع ويب، صهيب حموي، إلى أن هناك حالات زواج ناجحة وفاشلة، السبب الرئيسي في نجاح بعضها وفشل الأخرى هو المعيار الاجتماعي، فالبنت السورية والشاب التركي ستختلف عليهما اللغة، والعادات والتقاليد وهو ما يعد من أبرز المشاكل التي تسبب فشل الزواج.

ويرى حموي أن هناك مشكلة في التعايش بين السوريين والأتراك، من الممكن أن يساهم الزواج في تقليصها.

وعن عدد حالات زواج الأتراك بسوريات، لا توجد أرقام وإحصائيات دقيقة، إلا أن ناشطين سوريين يفيدون بأنه منذ عام 2012 تزوجت ما يقرب من 5000 امرأة سورية من رجال أتراك، مشيرين إلى عدم وجود توثيق لحالات الزواج لأسباب يتعلّق بعضها بالقانون التركي.

وتتحدث الدمشقية عن حالات زواج تتم دون تسجيل العقد بمحكمة، مؤكدة ان الحالات كثيرة والأرقام قليلة مع امتناع الأطراف المعنية عن التصريح حول الموضوع، مشيرة لوجود هجرة بعد الزواج إلى أوروبا تبدأ بحياة جديدة.

وعن نسبة زواج "تركي من سورية" مقابل "سوري من تركية" تلفت الدمشقية إلى أنه وفي إسطنبول وحدها تتم أربع حالات زواج بين "زوجة سورية لزوج تركي"، مقابل حالة واحدة "زوجة تركية لزوج سوري".

الدافع التركيّ
يرى الصحافي التركي، محمد داود اون المش، أن أهم ما يدفع الأتراك للزواج من سوريات يتلّخص بـ:
أولاً: سهولة الزواج، إذ تظّن السوريات أن الزواج من تركيّ يحقق لهن استقراراً أكبر، مع أنه في غالب الأحيان لا يكون زواجاً رسمياً، وكثيرًا ما يلجأ الأتراك إلى الزواج بسوريات في حالات التعدد الزوجيّ، وهذه الحالة منتشرة بالجنوب التركي.

ثانياً: انخفاض تكاليف الزواج، بسبب عدم مطالبة السوريات بحفلة عرس، إذ إن قسماً منهن ترغب بالستر فقط، ولأن مهر السورية (1000 -1800 دولار) أقل بكثير من مهر التركية.

ويفيد اون المش بأن أشخاصاً متقنين للغتين التركية والعربية يأخذون أجوراً مقابل عملهم كـ "دلالة" (تقوم بالبحث عن عروس) حيث يأخذون نسبة من المهر بعد إرشاد الأتراك للزواج من السوريات.

معاناة النساء التركيات
تشير الصحافية التركية، زهراء كرمان، إلى أنه عادة ما تتحدث الصحافة التركية عن ازدياد حالات الطلاق شرق تركيا، بسبب إقبال الأزواج الأتراك على البحث عن سورية والارتباط معها بطريقة الزواج العرفي وهو ما يعد مخالفا للقانون التركي، كون أن الأخير يمنع تعدد الزوجات، فتلجأ الزوجة الأولى إلى المحاكم طالبة الطلاق.

وتفيد شيماء غورساس، رئيسة اتحاد شؤون الأطفال والنساء بمحافظة كلس، جنوب تركيا، بأن حالات الطلاق تضاعفت مع بدء المشكلة السورية بالتفاقم عسكريا، وازدياد أعداد اللاجئين في تركيا، وهو ما تسبب بزيادة إقبال الأتراك على الزواج من اللاجئات السوريات بالمدينة، مما جعل التركيات يطلبن الطلاق.

وتلفت غورساس إلى أن الوضع العائلي واقع تحت تهديد حقيقي وأن التركيات يعانين من مشكلة إقبال أزواجهن على الزواج من سوريات.

استغلال وحب
وتتفّق كرمان مع أن بعض الأتراك يرون الزواج من سوريات أسهل وأوفر، بل في استطاعة الزوج التركي التعامل مع زوجته السورية وفق ما يريد لأن طبيعتها أكثر ليونة؛ تسمع كلام زوجها وتنفّذ ما يريد، عكس التركية التي تسير وراء قناعاتها الشخصية. وتشير إلى وجود أتراك يستغلّون وضع السوريين الصعب بسبب الأزمة السورية، لكن القسم الأكبر من الأتراك يتزوجون عن قناعة وحب ونيّة صافية. وتلفت إلى أن ضيق الحال وغياب المعيل للكثير من السوريات هو ما يدفعهن للموافقة على الزواج.