ضربت توابع زلزل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، البورصات العربية، لا سيما المصرية والخليجية، والتي استهلت تداولاتها اليوم بهبوط حاد، متأثرة بعمليات بيع مكثفة، قبل أن تتمكن من التعافي بعض الشيء لدى الإغلاق.
وهوت مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات الأسبوع، لتخسر الشركات المقيدة نحو 15.9 مليار جنيه (1.8 مليار دولار)، حيث تراجع رأس المال السوقي للبورصة إلى 3. 376 مليار جنيه (42.5 مليار دولار).
وانتابت المستثمرين حالة من الفزع من تهاوي الأسهم، وسط عمليات بيع عشوائية، دفعت إدارة البورصة إلى إيقاف التداول على نحو 94 ورقة مالية، لمدة نصف ساعة، بسبب تجاوزها نسبة الهبوط المسموح بها، البالغة 10% خلال الجلسة الواحدة.
ومني مؤشر البورصة الرئيسي "إيجي إكس 30"، والذي يقيس أداء أنشط 30 شركة، بأكبر خسارة يومية له في 5 أشهر، ليهوي بنحو 5.5%.
وقال محمد عمران، رئيس البورصة المصرية، إنه "على المستثمرين ضرورة التريث وعدم الهلع، خاصة أن البورصة المصرية مرت عليها تجارب أكثر تأزما على مدار السنوات الماضية".
وأرجع أحمد إبراهيم، محلل سوق المال، تهاوي البورصة، إلى قلق المستثمرين من تهاوي شهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية في بورصة لندن.
ويبلغ عدد الشركات المقيدة في بورصة مصر، ولها شهادات إيداع دولية في بورصة لندن نحو 14 شركة، منها البنك التجاري الدولي، والذي يستحوذ وحده على نحو 30% من وزن البورصة المصرية.
وضرب تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، أسواق المال العالمية يوم الجمعة الماضي، والذي وصفه محللون بالجمعة الأسود، حيث خسرت الأسواق نحو ترليوني دولار.
وانعكست ارتدادات الأزمة على الأسواق الخليجية أيضا، والتي كانت في عطلتها الأسبوعية، حيث تقفل يومي الجمعة والسبت. وبدأت السوق المالية في دبي تداولات أمس بانخفاض 5%، إلا أنها حدت من خسائرها لدى الإغلاق متراجعة بنسبة 3.25% وهي أكبر خسائر في نحو 5 أشهر، فيما استهل سوق أبوظبي التداولات على هبوط بنحو 2.3%، لكنه قلص خسائره في ختام الجلسة إلى 1.8%.
أما السوق السعودية فانخفضت بنسبة 4.1% عند الافتتاح، وحدت من خسائرها الى 1.1% في نهاية التعاملات، كما تراجعت سوق الأسهم القطرية بنحو 1.8%، قبل أن تقلص الخسائر إلى 1.24%.
وأغلق المؤشر السعري لبورصة الكويت على تراجع بنسبة 1.1%، فيما لم تتأثر بورصتا سلطنة عُمان والبحرين، صغيرتي الحجم، بشكل كبير، لينخفض مؤشر بورصة مسقط بنسبة 0.6%، والبحرين بنحو 0.7%.
ولدول مجلس التعاون الست (السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، البحرين، وسلطنة عُمان) استثمارات ضخمة في بريطانيا ودول اخرى من الاتحاد الأوروبي، تقدر قيمتها بأكثر من 120 مليار دولار. كما أن لبريطانيا استثمارات في السوق العقارية بدبي حيث تقيم جالية بريطانية كبيرة.
وقال أحمد عبدالحكيم، خبير أسواق المال لـ"العربي الجديد"، إنه لا بد من إلزام الشركات المدرجة بالأسواق بالإفصاح عن خططها الاستراتيجية للمستقبل، والكشف عن مراكزها المالية ومعدلات السيولة وتوزيع الأرباح المتوقعة، لطمأنة المتعاملين، بدلاً من تركهم فريسة لتكهنات المضاربين والشائعات.
وأضاف عبدالحكيم، أن العامل النفسي يلعب دوراً مهماً في تحريك مسار أسواق المال الخليجية، لافتا إلى أن المضاربين يقومون باستغلال الحالة النفسية لتحقيق مكاسب من شراء الأسهم عند مستويات متدنية.
وتابع أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب هبوط أسعار النفط إلى مستويات تاريخية، أدي إلى اختلال في الأسواق العالمية بشكل عام وتراجع القيم الإجمالية للتداول، متوقعا أن يكون هذا الاختلال مؤقتاً ولفترة محدودة.
ونصح المستثمر بأن يتعامل مع السوق بنظرة استراتيجية، مشفوعة بالمفاضلة بين البدائل المتعددة للشركات وأدائها داخل البورصات، وألا ينظر إلى السوق بنظرة المضاربة، موضحا أن كل الشركات المدرجة في بورصة قطر تتمتع بمراكز مالية جيدة وملاءتها المالية ضمن النطاق المقبول.
وأشار إلى أن بورصة قطر تتمتع بقطاع مصرفي يعتبر من أقوي القطاعات المصرفية على مستوي المنطقة، فضلا عن العديد من المحفزات الاقتصادية، التي يجب على المستثمر أن يأخذها بعين الاعتبار، منها ثبات سعر صرف الريال القطري أمام العملات الأجنبية وكذلك الموازنات الضخمة، التي ترصدها الدولة ويستفيد منها معظم القطاعات العاملة في البورصة.