ومع بدء العد التنازلي لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/آذار، تواجه المملكة المتحدة أكبر أزمة سياسية في نصف قرن في ظل ما تعانيه من مصاعب بشأن كيفية الخروج من التكتل الذي انضمت إليه عام 1973 أو حتى ما إذا كانت ستخرج منه بالأساس.
وبعد رفض النواب، الأسبوع الماضي، الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع زعماء الاتحاد الأوروبي بخصوص الانسحاب بواقع 432 صوتاً مقابل 202، وهو أكبر هزيمة في تاريخ بريطانيا الحديث، يحاول بعض النواب انتزاع السيطرة على عملية الانسحاب من حكومة الأقلية الضعيفة التي ترأسها ماي.
ورفضت ماي، أمس الإثنين، دعوات تأجيل "بريكست" ووعدت بإجراء مزيد من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى اعتقادها بعدم توفر أغلبية كافية في البرلمان للموافقة على إجراء استفتاء ثان للخروج من الاتحاد.
وقالت ماي، وهي تعرض خطتها البديلة أمام مجلس العموم البريطاني لإنقاذ اتفاق بريكست: "سأواصل التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لضمان خطة تلقى موافقة البرلمان البريطاني"، مضيفة أنها تسعى إلى دعم مجلس العموم لـ"عقد صفقة مع الاتحاد الأوروبي".
وشددت رئيسة الوزراء البريطانية على أنها ستعمل مع المجلس من أجل إنجاز اتفاق بريكست، وعلى أنه لن يجري تأجيل اتفاق الخروج، ودعت بروكسل إلى مزيد من الحوار بشأنه.
وأعلنت أنها تنوي العودة إلى بروكسل للبحث في تعديلات على الاتفاق الذي توصلت إليه مع القادة الأوروبيين الشهر الماضي، رغم رفض البرلمان البريطاني المسودة الأسبوع الماضي.
وقالت تيريزا ماي: "سأواصل اللقاءات مع زملائي هذا الأسبوع لنرى كيف يمكننا الالتزام بواجباتنا"، منها تجنب عودة حدود "بطريقة ستحظى بأكبر دعم ممكن". وتابعت: "سأعرض استنتاجات هذه المباحثات على الاتحاد الأوروبي".
وأضافت أنه "من غير المحتمل أن يمدد الاتحاد الأوروبي مهلة الخروج بدون خطة متفق عليها"، معربة عن أملها في "ألا يؤدي خروجنا من الاتحاد للإضرار بحقوق العمال".
في المقابل، شنّ كوربين هجوماً على اختيارات حكومة ماي، مشيراً إلى أنه على رئيسة الحكومة "الاعتراف بأن خطتها منيت بهزيمة قاسية"، وأنه على الحكومة تغيير خطوطها الحمر بشأن اتفاق بريكست.
وأشار كوربين إلى أن "ماي قالت إن خطتها هي أفضل صيغة للاتفاق، لكن من الواضح أنها الخطة الوحيدة لديها"، مضيفاً أن "الحكومة لم تتعلم الدرس من الخسارة التي تعرضت لها"، وقال إنها "تعيش حالة إنكار".
وتقدم "العمال" بتعديل يسعى لإجبار الحكومة على منح البرلمان الوقت للدراسة والتصويت على خيارات لمنع الخروج من الاتحاد الأوروبي "دون اتفاق"، وهو مسار رفضت ماي استبعاده مراراً.
وقال العمال إنه يجب أن تشمل الخيارات وجود اتحاد جمركي دائم مع الاتحاد الأوروبي و"تصويت علني على اتفاق"، وكلا المقترحين استبعدتهما ماي.
وبينما يحاول البرلمان البريطاني، الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى ألف عام، تجنب ما يعتقد معظم النواب بأنه سيكون انسحاباً مضطرباً من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق ينال موافقتهم، فلا توجد مع ذلك أغلبية واضحة لخيار بديل.
وسيناقش النواب الخطوات التالية وسيصوتون عليها في 29 يناير/كانون الثاني.
(العربي الجديد، رويترز)