تسود حالة من الغضب بين آلاف المزارعين في محافظات مصر بالوجه البحري، بعد رفْض وزير الموارد المائية الدكتور محمد عبد العاطي إسقاط الغرامات المفروضة عليهم نتيجة المخالفات التي تم تحريرها لهم العام الماضي بسبب قيامهم بزراعة الأرز في مناطق غير مسموح فيها بالزراعة، وعلى الرغم من قرار الوزير بإسقاط تلك الغرامات في تصريحات له لعدد من أعضاء مجلس النواب، إلا أن الأمر وصل إلى حد إرسال إنذارات على يد محضر يطالب المزارعين بدفع تلك الغرامات التي تقدر بآلاف الجنيهات، أو التهديد بالحبس في حالة عدم الدفع.
وقال مسؤول في وزارة الري إن تلك الغرامات ستؤدي إلى وجود نقص كبير في زراعة الأرز، خاصة أن تلك الغرامات تأتي بالتزامن مع بداية زراعة المحصول، مشيراً إلى أن الحكومة عازمة على تقليص تلك الزراعة المهمة والاستراتيجية في ظل شح المياه، إذ تتهم الوزارة المزارعين بتبديد وإهدار المياه لقيامهم بزراعة الأرز العام الماضي بمساحات أكثر من المقرر لهم على بطاقات الحيازة الزراعية، لافتاً إلى أن الحكومة ترى أن زراعة الأرز تكلفها ما يقرب من أربعة مليارات متر مكعب من المياه سنوياً، مضيفاً أن الحكومة المصرية تعمل حالياً على تطبيق خطة للتخفيض التدريجي لإنتاجها الزراعي من محاصيل الأرز وقصب السكر، بسبب رغبتها في توفير المياه، مقدمة بذلك الأمن المائي على الأمن الغذائي.
وأضاف المسؤول الذي رفض ذكر اسمه أن الحكومة وصل بها الأمر إلى منْع المياه بعدد من الترع والمصارف بمحافظات الوجه البحري، وهو ما دفع عدداً من المزارعين إلى اللجوء للمياه الجوفية والسحب بمولدات الكهرباء، وهو ما كلفهم مبالغ كبيرة من الجنيهات، أو ري أراضيهم من المياه الملوثة بالصرف الصناعي والزراعي والصحي. موضحاً أن تحرير غرامة تبديد مياه تصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف جنيه عن كل فدان يزرع أرزاً بالمخالفة، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة أخطرت كافة الإدارات الزراعية بالمساحات التي ستزرع العام الحالي، إذ جرى تنبيه المزارعين بعدم الزراعة في غير المناطق المصرح بها.
وطبقاً لقرار الحكومة، فإن المحافظات التي تقرر الزراعة فيها تتمثل في محافظات "البحيرة الغربية، كفر الشيخ، دمياط، بورسعيد، الدقهلية، والإسكندرية"، ويتم حظره في باقي المحافظات الأخرى، والتي تقع خارج ووسط الدلتا وجنوبها، فضلاً عن محافظات الفيوم والوادي الجديد وصعيد مصر.
وحذّر خبراء الزراعة من خطورة منع زراعة الأرز في مصر، الأمر الذي يؤدي إلى حصول أزمة في إنتاج المحصول، واللجوء إلى الاستيراد، فضلاً عن تدهور أراضي الدلتا وتملحها، متوقعين أن يصل سعر كيلو الأرز المستورد إلى 20 جنيهًا، والأرز البلدي سيصل إلى 30 جنيهاً العام المقبل.
وقال وكيل لجنة الزراعة والري في مجلس النواب النائب رائف تمراز، خلال اجتماع عُقد اليوم الثلاثاء، إن غرامات الأرز التي فرضتها وزارتا الزراعة والري غير عادلة، متسائلاً: كيف يدفع المزارع تلك الغرامة وهو لم يكسب شيئاً من محصول الأرز؟ كما تساءل هل زراعة الأرز أصبحت جريمة حتى يتم التضيق على المزارع وخنقه بالغرامات؟ موضحاً أن أراضي محافظات الوجه البحري لا تصلح إلا لمثل تلك الزراعات، مشيراً إلى أن زراعة الأرز سلعة استراتيجية مهمة مثل القمح.
وأضاف تمراز خلال اجتماع اللجنة أن هناك حالة من السخط بين جموع المزارعين، والتهديد برفض الغرامة والاستمرار في زراعة الأرز مهما كلفهم ذلك من تحديات، وأضاف أن عدداً من الفلاحين ذهبوا إلى أعضاء مجلس النواب ومسؤولي المحافظة لحل أزمة مياه الري، لكن دون جدوى، كما أكد أنهم التقوا أيضاً وزير الري الذي أكد إسقاط غرامات الأرز المقررة على المزارعين، مع الالتزام بزراعة المساحات المقررة هذا العام، ولكنهم فوجئوا بإنذارات تطالبهم بدفع غرامات مالية تقدر بآلاف الجنيهات.
وأشار الخبير الزراعي في مركز البحوث الزراعية الدكتور علي إبراهيم، إلى أن قرار فرْض غرامات لمنع زراعة الأرز يعتبر قراراً خطيراً، يؤدي إلى رفع استيراد الأرز من الخارج ليصل سعر الكيلوغرام من الأرز المستورد إلى نحو 20 جنيهاً، والأرز البلدي سيصل لـ30 جنيهًا العام المقبل، متسائلاً: هل لدينا دولارات لاستيراد كميات أرز من الخارج؟ موضحاً أن هذا القرار له تبِعات أخرى من بينها ارتفاع نسبة الملوحة في أراضي الوجه البحري، وهو ما سيؤدي إلى عدم صلاحيتها للزراعة مرة أخرى، متوقعاً تبوير مليوني فدان أرز في الدلتا، موضحاً أن أزمة نقص الأرز في المحلات التجارية ما زالت مشتعلة، وهناك حالة من الغضب لدى المواطنين بسبب أسعاره الجنونية، والتي ما زالت ترتفع يوماً بعد يوم، إذ وصل سعر الكليوغرام إلى أكثر من 10 جنيهات، وهناك توقعات بأن يصل إلى 12 جنيها مع بداية شهر رمضان.