كشف، السياسي المصري، المشرف على حملة ترشح عبدالفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة المصرية، حازم عبد العظيم، ما انفرد به "العربي الجديد"، قبل نحو أربعة أشهر من الآن، مؤكداً أن نجل الرئيس المصري هو الذي أدار غرفة العمليات الخاصة بإدارة الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً. وكان "العربي الجديد" قد نشر يوم 6 سبتمبر/ أيلول الماضي تفاصيل إدارة المشهد الانتخابي كاملة، وفقاً لمصادر خاصة تحدثت إليه، في حينها.
ودون عبدالعظيم، اليوم الجمعة شهادته، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وجاء فيها، "التاريخ: الثلاثاء 3 فبراير 2015 – الساعة السابعة مساء،
المكان: قاعة اجتماعات داخل جهاز المخابرات العامة المصرية في دور أرضي
الغرض من الاجتماع: الإعلان عن قائمة انتخابية جديدة لخوض انتخابات مجلس النواب.
الحضور: على رأس الطاولة وكيل من الجهاز مع أربعة من رجال المخابرات (ثلاثة منهم شباب بين الـ 30 والـ 40 عاماً)، وعلى الطرف الآخر مستشار قانوني مقرب جداً من الرئيس (المحامي محمد بهاء أبو شقة)، والده عضو مجلس النواب من المعينين (نائب رئيس حزب الوفد بهاء أبو شقة)، والباقون حوالي 15 من الشخصيات العامة المؤسسة لهذه القائمة، وكنت أحدهم".
هكذا استهل شهادته عن تشكيل المخابرات العامة، بتعليمات من الرئاسة، قائمة الدولة المسماة "في حب مصر"، الفائزة بجميع مقاعد القوائم في الانتخابات المنقضية، والساعية للاستحواذ على أغلبية الثلثين بالبرلمان، المقرر عقد أولى جلساته في 10 يناير/ كانون الثاني المقبل.
عبد العظيم أضاف في شهادته التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، أن "من كان يدير الجلسة، ويوجهها، هم وكيل جهاز المخابرات من ناحية، والمستشار القانوني من ناحية أخرى، وتم توزيع أوراق على جميع الحاضرين بها اسم القائمة، ووثيقة مبادئ تعبر عن القائمة الانتخابية الجديدة! وكانت (حب مصر)، الأخت الكبرى لتحالف (دعم مصر)، هي المولود في هذا الاجتماع!".
كما أوضح أن سبب حضوره الاجتماع كان بناءً على دعوة موجهة له من رئاسة الجمهورية!،
ويسرد عبد العظيم "في مطلع يناير 2015 اتصل بي أحد المساعدين المقربين لرئيس الجمهورية، ربما يكون الثالث في الرئاسة، فالرجل الثاني الوسيم اختفى تماماً (المتحدث السابق للجيش أحمد علي)، ولا نسمع عنه شيئاً، وكنا سوياً في حملة الرئيس، وقال لي إنه يريد مقابلتي لأمر هام جداً في الاتحادية مع رئيسه، وهو الرجل الكبير في الرئاسة (مدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل)".
اقرأ أيضاً: مصر: نجل السيسي يدير غرفة عمليات الانتخابات البرلمانية
كواليس قائمة السيسي
ذهبت إلى قصر الاتحادية في الساعة الخامسة يوم الأحد 4 يناير/ كانون الثاني 2015 بحضور اثنين من مساعدي الرئيس، فاعتذر الرجل الكبير لأن لديه ارتباطات مع الرئيس وأبلغني تحياته نيابة عنه: "نحن نريدك في موضوع في غاية الأهمية عن الانتخابات البرلمانية القادمة، وهي على الأبواب".
هكذا بدأ حديثه، ثم قال "لقد كنت في اجتماع على مستوى عالٍ، وجاء الحديث عن أخطر لجنة في مجلس النواب القادم، وهي لجنة الشباب، وكان هناك شبه إجماع حولك.. فأنت الأقدر على تولي رئاسة مجلس الشباب في مجلس النواب، وستكون من المعينين في هذا المجلس!".
"كان ردي بالرفض وقلت لا أحب أن أدخل المجلس بالتعيين مبدئياً، وأنه جرى العرف أن يأتي رئيس المجلس والوكلاء ورؤساء اللجان من الأعضاء المنتخبين "شكلها وحش، ولا أقبلها".
فأجابني "سيتم انتخاب رؤساء اللجان داخل المجلس حسب القانون، وسنضمن أغلبية، مؤيدة لانتخاب رؤساء اللجان"، ولكن كان ردي أيضاً رفض التعيين، فطلب أن أفكر جيداً "نحن متمسكون بك ونتحدث مرة أخرى".
وانتهى اللقاء إلى أن عقد اجتماع آخر في نفس الشهر في الاتحادية، قال لي خلاله "أنا تشاورت مع الجماعة، وكان عندك حق أفضل أن تأتي بالانتخاب، نحن نؤسس لقائمة جديدة للدخول للبرلمان، وستكون أنت أحد المؤسسين لهذه القائمة". عندها قلت له "قائمة الجنزوري (رئيس الوزراء الأسبق)، فأجاب "لا قائمة الجنزوري لن تستمر، والقائمة الجديدة بها أعضاء كانوا على قائمة الأخير".
دور المخابرات العامة
ويضيف عبد العظيم "ثم اتصل بي في نهاية يناير، وقال لي إن أول اجتماع للقائمة سيكون في جهاز المخابرات العامة يوم الثلاثاء 3 فبراير/شباط 2015 واندهشت! وقلت لماذا جهاز المخابرات العامة؟ قال لي معلش أول اجتماع لازم يكون هناك! كنت متردداً إلى حد كبير في الدخول في هذه القائمة، ولكن كانت مسيطرة علي في هذا الوقت فكرة أننا في حالة حرب، والبرلمان القادم خطير، والرئيس لا حزب وراءه، ويحتاج لمساندة لكن في نفس الوقت هذا تدخل سافر في العملية السياسية".
ويتابع "استشرت بعض الأصدقاء المقربين، وقالوا طبيعتك الثورية لن تؤدي إلى شيء بل ستخسر الكثير، هذه هي السياسة إذا كنت تريد أن تلعب سياسة.. أسلوب الصدام والمواجهة، وطالما تريد أن تفعل شيئا إيجابيا للبلد فيجب أن يكون لك صوت داخل البرلمان، وليس صوتاً عادياً، فرئاسة أحد اللجان الهامة في المجلس منصب تشريعي مؤثر وهام، وبعد كدة اعمل اللي انت عايزه.. وبعدين جرب مرة تلعب سياسة!".
اقرأ أيضاً: السيسي يفصل قضاة بتهمة التعاطف مع الإخوان و6 أبريل
موقع "المخابرات"
ويروي عبد العظيم "قبل الاجتماع في الجهاز بعدة ساعات قرأت على هاتفي خبر الإعلان عن القائمة الجديدة في "اليوم السابع" فقط، واستغربت جداً رغم أنه تم التأكيد على السرية الشديدة لهذا الاجتماع لحساسيته، مما أكد لي ما استشعرته سابقا بعلاقة موقع اليوم السابع تحديداً بأجهزة المخابرات سواء العامة والحربية والكثير ممكن أن يقال في هذا الصدد.. وخاصة أن ممولها هو أحد رجال الأعمال المقربين جداً للرئيس والمخابرات، وهو ممول حزب مستقبل وطن (رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة).
وتم تحديد يوم الأربعاء 4 فبراير/شباط لعقد مؤتمر صحافي في فندق سونستا للإعلان عن القائمة، ثم بعد ذلك في فندق الماريوت.. ولا أنسى عندما كانت تأتي الأسماء للواء المخابرات السابق سامح سيف اليزل عبر الهاتف من أحد أفراد المخابرات، وهو شاب كان حاضر في جميع الاجتماعات، وساعتها كنا بنسمع هذه الأسماء لأول مرة على مرأى ومسمع الجميع أثناء العشاء الفاخر!
مسرح العرائس
"بدأت أشعر بشعور سيئ جداً.. لقد كانت الليلة الكبيرة في مسرح العرائس، ولم أكن أحد المتفرجين للأسف بل أحد العرائس.
وبدأ يتحول الشعور لصراع نفسي داخلي وعدم ارتياح شديد.. ثم في أول وآخر اجتماع لي مع اللجنة التنسيقية في مقر القائمة في 21 فبراير/شباط 2015 ، وكنا حوالي أربعة عشر عضواً، وكان حاضراً معنا في هذا الاجتماع مندوب من المخابرات العامة، فوجئت بإعلان ضم مصطفى بكري للقائمة في آخر لحظة، وكان باقي على غلق تقديم الأوراق يومين للجنة العليا للانتخابات! نزل علينا من البارشوت، ولم يطرح اسمه سابقا، ولكن تم تخزينه للحظة الأخيرة.
قرار الانسحاب
أصبت بحالة من القرف وقررت الانسحاب.. ولكن لكي أكون أميناً مع من يقرأ هذه الشهادة، كنت خائفاً من رد الفعل، ومن الانسحاب في هذا الوقت الضيق قبل تقديم الأوراق بيومين وتداعيات قلب الترابيزة.. وتذكرت ما حدث لي في يوليو/تموز 2011 في قصة إسرائيل ومن كان وراءها.. فكانت لحظة خوف إنساني، ثم حدث تأجيل الانتخابات، وصراحة كنت سعيداً بقرار عدم دستورية قوانين الانتخابات والتأجيل".
حزب "المخابرات الحربية"
ونقلاً عن لسان أحد مساعدي الرئيس في رئاسة الجمهورية قال لي بنفسه حرفياً "حزب مستقبل وطن وكان في الأصل جبهة مستقبل وطن أسسته المخابرات الحربية ككيان شبابي لدعم الرئيس وده تبعنا ".. فلا داعي للاندهاش من فوزه بهذا الكم من المقاعد في أول تجربة انتخابية.. ولا داعي للاستغراب مما حدث في انتخابات اتحاد طلاب مصر فاللذين فازوا ليسوا من شباب السيسي اللطاف.. ولم يكن لدي أدنى شك في عودة مستقبل وطن لدعم مصر بعد الخلاف الشكلي وحتى لو فيه صراع أجهزة فهو تنافس داخلي على الولاء للرئيس.. فالأب واحد والقرار يأتي من فوق!".
واختتم عبد العظيم شهادته قائلاً "ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس... وما هكذا يولد البرلمان.. ولا هكذا تدار مصر بعد ثورتين".
اقرأ أيضاً: تحركات سياسية وقانونية لـ"إخوان" بأوروبا لمواجهة تقرير كاميرون