رياضة دموية

14 يوليو 2015
لوحة للفنان بهرام حاجو
+ الخط -
خثرة دموية بحجم قطعة نقدية معدنية على كتف سامح، جعلت يد سميحة تتوقف عن فرك ظهره بالليفة وعينيها تجحظان. 
- لماذا توقفتِ؟ تساءل الزوج وهو يمسح رغوة الشامبو عن عينيه. 
- عضلات ذراعيك صارت أضخم. ردّت الزوجة وهي تدعك الكدمة القرمزية كمن يكشط رقاقة ليسبر المختفي تحتها. 

اقرأ أيضاً: العنصرية العلمية

لياقة سامح البدنية تحسنت على نحو ملحوظ منذ بدأ يختلف إلى نادي (الاسكواتش)، وكذلك حالته المعنوية؛ اختفى التكور الذي صنعه العمل المكتبي أسفل بطنه، واستعادت عضلات معدته صلابتها، واستبدل ملابسه بأخرى أضيق وأزهى، وزال شخيره الليلي وانتظم تنفسه آناء النوم، وانفتحت شهيته على الأسماك والبيض والفاكهة الاستوائية التي صار لا يكفّ عن تقشيرها ومضغها أثناء متابعته لمباريات كرة القدم الأوروبية كلّ مساء، وتخلّى عن أريكته المريحة التي كان يغفو عليها فيسقط الريموت من يده وهو يتابع النشرات الإخبارية. ولم يقتصر نشاطه البدني العنيف على مطاردة الكرة المطاطية المجنونة في ساحة (الإسكواتش) فحسب، بل تعداه إلى مطاردة جسد سميحة في السرير فلا يتركها إلا جثة لاهثة. 
يعود من النادي مرتدياً ملابس نظيفة وشعره مصفف تفوح منه رائحة (الكريم) المرطب، يخلع عن كتفه الحقيبة الرياضية التي تحوي ملابسه القطنية المبللة بالعرق، ابتسامته عريضة وعيناه تشعان غروراً، يقبّل سميحة ويسألها عن طعام العشاء. 
- أين استحممت ؟ تسأله. 
- في النادي، لديهم (شاورات) رائعة، و(جاكوزي) أيضاً. 
على مدى شهرين أخذت الخثرة القرمزية تتنقل في أنحاء جسده؛ تحت ذقنه، في جانبَي عنقه، فوق سرته، في أعلى فخذه، في مؤخرته، فوق حلمته اليسرى. تتباين شدّتُها وهيئتها؛ مرة تبدو باهتة مسترخية، وأخرى وردية حالمة، وثالثة بنفسجية لئيمة، ورابعة سوداء غاضبة، وخامسة خضراء فرحة، وسادسة وردية منتشية. 
- هل هي عنيفة إلى هذه الدرجة؟ سألته وهي تمرر أصابعها الخمس فوق الوحمة الحمراء البارزة مثل قبلة الشيطان فوق حلمة صدره العاري. 
- أكثر مما تتخيلين، الكرة المجنونة، أحياناً ترتدّ مثل رصاصة مطاطية! أجاب مراوغاً. 
في الأيام التالية بدأت سميحة تعتني بأظافرها حتى طالت واستدقّت وتحولت إلى مخالب قطة، وأخذت تطليها بألوان مختلفة كل مساء. من جهته، أخذ سامح يقلل من ممارسته لرياضة ( الإسكواتش) لأن الندوب في جسده صارت أكثر مما يحتمل.
المساهمون