روح فبراير تاقت إلى تحرير الأقصى

06 اغسطس 2015
لا تزال القضية رابحة في قلوب الشباب (فرانس برس)
+ الخط -
جلبت ثورات الربيع العربي ومن ضمنها ثورة 17 فبراير الليبية، آمالاً وأحلاماً وطموحات لا حدود لها لشعبها ولشعوب الأمة العربية ولشعب الأرض المباركة فلسطين. وقد كاد أن يطلق عليها مسمى "ربيع القدس" بدل الربيع العربي؛ لأنها قد بينت مدى ارتباط رغبة التغيير لدى المواطن العربي برغبته في تحرير الأقصى، واستعادة الكرامة المسلوبة والحق المنهوب. فما كان للشعوب إلا التفاؤل وترقب هذه الأحلام التي توشك أن تصبح واقعا جميلا، يمكنه وأخيرا أن يزيل آلام المعاناة الثقيلة التي ومنذ يولد العربي وإلى آخر يوم في حياته يتجرّعها بمرارة وحزن.


قريبا ستمرّ 5 سنين لم تذق فيها أي من الدول العربية، ولا ليبيا، طعم الاستقرار بل ولم تتمكن من التقاط أنفاسها بعد لتجدد الأولويات وتراجع الأخطاء، فحتى مرحلة التحرر من الأنظمة المتسلطة والحقودة لم تنته بعد، وحلم تحرير الأقصى قد أصبح يتباعد شيئا فشيئا.

المواقف العربية المعلنة من القضية الفلسطينية كانت حاضرة، ولو حتى بمجرد الإعلان من قبل انفجار الثورات وهي عامل مهم، كان على كل الدول العربية، أو الغربية الحريصة على أمن إسرائيل أخذه في الحسبان عندما بدأت في التعامل مع الثورات، ولم تتضح المحاولات لضرب الثورات الضربة القاصمة إلا بعد سنتين من الثورة، عندها تزلزل الأمن وقوى موقف الجهويين، واندلعت صراعات لم تكن في الحسبان ولم تكن متوقعة، لا يُعرف كيف بدأت ولا يمكن تفسيرها إلا بأنها هي المحاولات لقصم ظهر الثورة ودرء مخاطر الثورة على إسرائيل.

اليوم المواطن العربي الذّي كان ينادي في الثورة راغبا في الحرية والعيش في الدولة المدنية، والمدافع باستماتة عن قضاياه الدينية والقومية تجسّدت همّته ورغبته في البحث عن الأمان والاستقرار، ولم تعد تمثّل تلك الطموحات إلا أوهاماً وأحلاماً طفولية عند بعض من الناس، كون الأولويات والتي تعد الأبسط لم تتحقق بعد سنين من الثورة وعيشه هو الآخر في حرب، وعيشه كعيش الفلسطيني رغم أن بلاده ليست محتلة، جعله ينسى آلام غيره غارقا في آلامه.
والعوامل التي أضعفت الهمّة لم تقتصر على الصراعات الأهلية والحرب وحسب، فقد كان لشبح الإرهاب الدّور الأكبر في إضعاف الهمة والتخوف من التغيير، ويعتبر التشويش الإعلامي اللاعب الخطير بهذا الشبح، ففي الثورة الليبية عُدّ ثوّار ليبيا وحركة الإخوان في ليبيا مصدّرين للإرهاب؛ مما أدى إلى جعل جزء من المجموعة القادرة على التغيير والمتطلعة لتلك الأحلام تفقد تأثيرها.

ثمّ حكم على حركة "حماس" بأنها الإرهابية على أرض فلسطين، وكون الشعوب العربية لا تزال تعتمد على قنوات الإعلام لمعرفة الحقيقة، والتي أثبت كثير منها فقدانها المصداقية في نقل الحقيقة لأهداف أخرى، فنسبة كبيرة صدّقت أن حركة المقاومة هي فعلا المشكلة على أرض فلسطين. وعندما تشوّه المقاومة يبدأ التغاضي عن الأمر.

لكن الشعب الفلسطيني بتجديده كفاحه في كل مرة يرسل رسالة قوية للشعوب العربية حتى لا تطيل المكوث في غفلتها، ومع الأحداث الأخيرة والاقتحامات للمسجد الأقصى ودفاع أبناء الأقصى عن الأقصى بدأ يعود الحديث عن القضية.

لذلك ستنتظر القضية الفلسطينية حينا آخر، وسيستمر الفلسطينيون في نضالهم وحدهم منتظرين حتى تقرر الشعوب العربية مصيرها سواء التقدم للأمام أو الاستسلام و العودة للخلف؛ لأن كل من يناضل لأجلها أصبح يواجه تهما وعراقيل تحدّ من قدرته على حمل هم الأمة، فكونه محصورا في مكان ضيق يحتّم عليه التمهّل والصّبر.

ومهما تشوهت القضية في الإعلام فهي لا تزال واضحة وضوح الشمس ورابحة، حتى وإن تنازل عنها الحكام العرب، لكنّها في قلوب الشباب العربي حاضرة وحاضرة.

(ليبيا)
المساهمون