21 فبراير 2018
روايتان لاتفاق واحد
إيران على أبواب أن توقع اتفاقاً تاريخياً مع القوى الغربية. بعد أشهر من المفاوضات والتهديدات والضغوط والمساومات، لم يبق أمام باراك أوباما إلا تخطي اعتراضات الكونغرس. صقور الحزب الجمهوري سيضعون ألغاماً كثيرة، لكن الاتفاق سيوقع، فالبيت الأبيض يتوفر على فيتو. ولم يبق أمام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلا أن يقنع جمهور أصحاب العمائم الذين تربوا على هتافات (الموت لأميركا)، وكانوا يحلمون بحيازة السلاح النووي، فخر الدول الكبرى، إذ عليك أن تخيف أعداءك، ليعطوك سلام الجبناء.
من المبكر القول إن الاتفاق سيخدم مصلحة طرف دون الآخر، لكن الأكيد أن تطبيع العلاقات بين طهران من جهة، وواشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل من جهة أخرى، سيغير أموراً كثيرة في المنطقة، ونحن أمام قراءتين:
الأولى، أوباما في نهاية ولايته الثانية، وهو واقعي، لهذا، يتحمس لصفقة مع إيران، لا تمنعها من حيازة سلاح نووي، لكنها تؤخر ذلك 15 عاماً. صفقة تفتح أمام طهران الباب لتتصالح مع العالم، وتضع مصالحها الاقتصادية في كفة وسلاحها النووي في أخرى. يقول الخبراء إن أميركا ما كانت لتضمن تأخير المشروع الإيراني، لو شنت الحرب على طهران هذه السنة، أو قبل سنوات. لكن، بالجزرة وليس العصا، تستطيع أميركا والدول الأوروبية أن تحصل على وقت كاف، لتقنع إيران بأن القنبلة النووية ليست في مصلحتها، وأن هناك ما تخسره إن مرت إلى السرعة القصوى، للوصول إلى هذا السلاح. هذه الواقعية في العلاقات الدولية، إذا كنت لا تستطيع أن تمنع خصمك من الوصول إلى هدفه، فأخره عن الوصول إليه، عسى أن تغيّر الظروف الدولية وجهته. والخصم الذي لا تحاربه، اجلس معه إلى طاولة المفاوضات، وقلل خسائرك معه، عساه يتغير مع الوقت. هكذا هي السياسة البراغماتية التي يعتبر الأميركيون أساتذتها.
يريد الغرب أن يلعب مع إيران لعبة الاحتواء، فبعد أن فشل في إسقاط نظامها العنيد بالحرب والحصار والإقصاء، يعوّل غداً على تأشيرات السفر إلى أميركا، وأنماط العيش الغربي، لاختراق إيران من الداخل. تعرف أميركا تعلق الشباب الإيراني بالثقافة الغربية، والأميركية تحديداً. لهذا، يريد الغرب من الاتفاق أن يفتح الباب أمام إيران في اتجاهين: لخروج الملالي من الحصار وإعادة اعتمادهم وسط الأسرة الدولية، ولخروج الشباب والنساء من وصاية رجال الدين إلى العالم، عسى الثورة الخضراء التي قمعها النظام قبل سنوات تتجدد.
تقول هذه القراءة إن متاعب إيران بعد رفع الحصار ستصير أكبر مع التيارين، الليبرالي والعلماني، وقطاعات واسعة من الشباب والنساء. سيصعد هؤلاء مطالبهم الإصلاحية، بعد رفع الحصار الاقتصادي، وبعد زيادة الانفتاح على الخارج، وسقوط ذريعة أن إيران في حرب مع الشيطان الأكبر. وهذا معناه أن اهتمام إيران بالنفوذ الإقليمي سينقص، وستهتم أكثر بأوضاعها الداخلية.
وتقول القراءة الثانية إن إيران ستخرج أكثر قوة بعد الاتفاق، وغموض بنود كثيرة فيه سيعطي لكل طرف حرية تفسيره وتأويله، ويعرف الجميع أن الغرب من سعى إلى الاتفاق أكثر من ملالي طهران الذين استغلوا اضطراب العالم العربي، ووسعوا من نفوذهم، حتى صاروا قوة إقليمية، تتحكم في أوراق أزمات وملفات كثيرة. لهذا السبب، الرياض غاضبة من الاتفاق، لأنه أكثر من توقيع على تفاهم لرفع الحظر الاقتصادي على إيران.
إيران التي قبلت تأجيل حلمها النووي لن تعطي لأميركا في المفاوضات ما عجزت عن أخذه بالضغوط والحصار وحروب الوكالة ضدها. إيران تشتري الوقت، وتبحث عن استرجاع ملياراتها المجمدة في الخارج، ولا تساوم على المشروع النووي الذي بدأ من عهد الشاه، وهو جزء من أحلامها القومية. المطروح في البازار الإيراني تأجيل الطموح النووي، والتعاون مع الغرب في الحرب على الإرهاب، والتفاوض على رصيد القوة المكتسبة في الجوار العربي، بما يطمئن إسرائيل إلى حين.
من المبكر القول إن الاتفاق سيخدم مصلحة طرف دون الآخر، لكن الأكيد أن تطبيع العلاقات بين طهران من جهة، وواشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل من جهة أخرى، سيغير أموراً كثيرة في المنطقة، ونحن أمام قراءتين:
الأولى، أوباما في نهاية ولايته الثانية، وهو واقعي، لهذا، يتحمس لصفقة مع إيران، لا تمنعها من حيازة سلاح نووي، لكنها تؤخر ذلك 15 عاماً. صفقة تفتح أمام طهران الباب لتتصالح مع العالم، وتضع مصالحها الاقتصادية في كفة وسلاحها النووي في أخرى. يقول الخبراء إن أميركا ما كانت لتضمن تأخير المشروع الإيراني، لو شنت الحرب على طهران هذه السنة، أو قبل سنوات. لكن، بالجزرة وليس العصا، تستطيع أميركا والدول الأوروبية أن تحصل على وقت كاف، لتقنع إيران بأن القنبلة النووية ليست في مصلحتها، وأن هناك ما تخسره إن مرت إلى السرعة القصوى، للوصول إلى هذا السلاح. هذه الواقعية في العلاقات الدولية، إذا كنت لا تستطيع أن تمنع خصمك من الوصول إلى هدفه، فأخره عن الوصول إليه، عسى أن تغيّر الظروف الدولية وجهته. والخصم الذي لا تحاربه، اجلس معه إلى طاولة المفاوضات، وقلل خسائرك معه، عساه يتغير مع الوقت. هكذا هي السياسة البراغماتية التي يعتبر الأميركيون أساتذتها.
يريد الغرب أن يلعب مع إيران لعبة الاحتواء، فبعد أن فشل في إسقاط نظامها العنيد بالحرب والحصار والإقصاء، يعوّل غداً على تأشيرات السفر إلى أميركا، وأنماط العيش الغربي، لاختراق إيران من الداخل. تعرف أميركا تعلق الشباب الإيراني بالثقافة الغربية، والأميركية تحديداً. لهذا، يريد الغرب من الاتفاق أن يفتح الباب أمام إيران في اتجاهين: لخروج الملالي من الحصار وإعادة اعتمادهم وسط الأسرة الدولية، ولخروج الشباب والنساء من وصاية رجال الدين إلى العالم، عسى الثورة الخضراء التي قمعها النظام قبل سنوات تتجدد.
تقول هذه القراءة إن متاعب إيران بعد رفع الحصار ستصير أكبر مع التيارين، الليبرالي والعلماني، وقطاعات واسعة من الشباب والنساء. سيصعد هؤلاء مطالبهم الإصلاحية، بعد رفع الحصار الاقتصادي، وبعد زيادة الانفتاح على الخارج، وسقوط ذريعة أن إيران في حرب مع الشيطان الأكبر. وهذا معناه أن اهتمام إيران بالنفوذ الإقليمي سينقص، وستهتم أكثر بأوضاعها الداخلية.
وتقول القراءة الثانية إن إيران ستخرج أكثر قوة بعد الاتفاق، وغموض بنود كثيرة فيه سيعطي لكل طرف حرية تفسيره وتأويله، ويعرف الجميع أن الغرب من سعى إلى الاتفاق أكثر من ملالي طهران الذين استغلوا اضطراب العالم العربي، ووسعوا من نفوذهم، حتى صاروا قوة إقليمية، تتحكم في أوراق أزمات وملفات كثيرة. لهذا السبب، الرياض غاضبة من الاتفاق، لأنه أكثر من توقيع على تفاهم لرفع الحظر الاقتصادي على إيران.
إيران التي قبلت تأجيل حلمها النووي لن تعطي لأميركا في المفاوضات ما عجزت عن أخذه بالضغوط والحصار وحروب الوكالة ضدها. إيران تشتري الوقت، وتبحث عن استرجاع ملياراتها المجمدة في الخارج، ولا تساوم على المشروع النووي الذي بدأ من عهد الشاه، وهو جزء من أحلامها القومية. المطروح في البازار الإيراني تأجيل الطموح النووي، والتعاون مع الغرب في الحرب على الإرهاب، والتفاوض على رصيد القوة المكتسبة في الجوار العربي، بما يطمئن إسرائيل إلى حين.