وتنتشر في العراق تجارة الأعشاب الطبية منذ زمن بعيد ويدير الكثير من خبراء طب الأعشاب مراكز طبية متخصصة بالعلاج بالأعشاب يلجأ إليها المرضى لرخص ثمنها نسبياً، خصوصاً الفقراء وأصحاب الأمراض المستعصية، والتي تتطلب تكاليف باهظة لعلاجها في الخارج.
أبو أحمد (57 عاماً)، صاحب مركز للعلاج بالأعشاب الطبية يقول لـ"العربي الجديد": "لدي مئات المرضى يراجعونني بشكل مستمر لعلاج أمراضهم ولاحظت ارتفاع عدد المراجعين في الآونة الأخيرة بعدما فرضت وزارة الصحة أجوراً على مراجعات المرضى للمراكز الصحية الحكومية".
ويضيف أبو أحمد "نحن نعتمد على العلاج بالأعشاب لمختلف الأمراض بما في ذلك الأمراض المستعصية كالسرطان والسكري والضغط وأمراض القلب والعقم والشرايين وغيرها، والتأثيرات الجانبية للعلاجات العشبية أقل بكثير من مثيلاتها في العلاجات الكيماوية، وهذا ما يشجع المرضى على زيارتنا".
ويتابع "تعلمت العلاج بالأعشاب أباً عن جد، وقد توارثنا في أسرتنا طب الأعشاب، ولا تزال كتب والدي وجدي لدي أقرأها يومياً وأراجع محتوياتها، فضلاً عن زيادة معلوماتي بمطالعة البحوث العلمية الحديثة".
ويرى المرضى أن طب الأعشاب يوفر لهم كثيراً من المصاريف، ويرفع عنهم مخاوف الأعراض الجانبية التي قد تسببها الأدوية الكيماوية.
ويقول حازم فلاح (47 عاماً)، وهو مصاب بمرض السكري: "منذ 10 أعوام، اكتشفت أنني مصاب بالسكري، وراجعت كثيراً من الأطباء وأنهكني العلاج الذي أتناوله باستمرار، لكنني صدمت حينما راجعت مركزاً لطب الأعشاب لأكتشف أن السكري ليس مرضاً كما يقول الأطباء بل هو اضطراب فيسيولوجي".
ويضيف "تحسنت كثيراً بعد خضوعي للعلاج بالأعشاب الطبية، وعادت لي صحتي نسبياً أكثر من السابق، وتركت العلاج الذي كنت أشتريه من الصيدليات بعدما عمل لي طبيب الأعشاب جدولاً زمنياً للحمية والدواء".
وفي الوقت نفسه، ترتفع أسعار الدواء في البلاد وأجور الفحص الطبي، خصوصاً في العيادات الخارجية بشكل غير معقول، ما يجعل من المستحيل على الفقراء علاج أنفسهم.
ويوضح الطبيب حمزة الحسني أن "مستوى الخدمات الصحية في العراق تراجع كثيراً في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية ويضطر المرضى لمراجعة العيادات الخارجية وهناك سيجد المريض نفسه أمام أجور مرتفعة وغير معقولة للأطباء".
وتابع لـ"العربي الجديد" أن "مراجعة واحدة لأي طبيب تحتاج من المريض ما لا يقل عن 250 ألف دينار (200 دولار)، أما المرضى المصابون بأمراض مستعصية أو خضعوا لعمليات جراحية فهؤلاء يحتاجون لمبالغ ضخمة لمراجعات الأطباء وثمن العلاج".
وأصبحت تجارة الدواء في العراق تخضع لرأس المال بعيداً عن سلطة الدولة، يمارسها كثير من الأطباء والصيادلة بالاتفاق على فتح عيادة في مجمع طبي دون إيجار شهري، مقابل تحويل كافة الوصفات لصيدلية بعينها.
ويقول الصيدلاني محمد الفضلي، إن "الطب في العراق للأسف بدأ يتجه نحو التجارة أكثر منه كمهنة إنسانية، وهذا دفع الفقراء للتوجه نحو طب الأعشاب رخيص الثمن نسبياً لعلاج أمراضهم بما في ذلك الأمراض المستعصية".
وأضاف أن "ما زاد الطين بلة كما يقال، إصدار الحكومة العراقية قراراً باستيفاء أجور المراجعات الطبية من المرضى، ما جعل كثيراً من الفقراء غير قادرين على دفع أجور الفحص وثمن الدواء".
وهنا وجد المعالجون بالأعشاب فرصتهم، فانتشرت العشرات من مراكز العلاج بالأعشاب، والتي تجد إقبالاً واسعاً من المواطنين حتى الميسورين منهم.
ولا يحمل أطباء الأعشاب، في العادة، شهادات علمية، بل توارثوا المهنة أباً عن جد وطوروا أنفسهم عبر المراكز البحثية والطبية المختلفة، غير أن الغريب في الأمر لجوء بعض الأطباء إلى "أطباء الأعشاب"، لعلاج بعض مرضاهم أو يرسلون مرضاهم إلى أطباء الأعشاب للعلاج.