ظروف قطاع غزة الصعبة تمتد معه إلى شهر رمضان، فتزداد صعوبة. الحصار وانقطاع التيار الكهربائي والنقص في مواد البناء، وحتى الحاجيات اليومية، تتحالف مع أيام الصيام الحارة والمتعبة.
أكبر المآسي تسجّل لدى سكان الكرفانات (وحدات سكنية مؤقتة) خصوصاً في الأحياء الشرقية من القطاع. هؤلاء ما زالوا حتى اللحظة ينتظرون بناء منازلهم التي دمّرت، في ظل الوعود المبهمة التي حصلوا عليها من الدول المانحة، واصطدامهم بعراقيل عدة بسبب الحصار والانقسام السياسي الفلسطيني.
وبينما تشهد أحياء أخرى بعضاً من الأجواء الرمضانية، لا تزور تلك الأجواء أحياء الكرفانات إلاّ خجلاً، وفقط من أجل إسعاد الأطفال بأبسط الإمكانيات.
يجلس سكان الكرفانات خارج "بيوتهم" دائماً، فالبقاء في الداخل مستحيل بسبب الحر الشديد. وهؤلاء ليسوا قلة، بل يتجاوز عددهم 20 ألف غزي في مختلف مناطق القطاع.
في حيّ الفراحين، شرق مدينة خان يونس، الذي كان عبارة عن حيّ من الخيام، تحوّلت بعض خيامه اليوم إلى كرفانات. تقبع عائلة أبو رمضان داخل كرفان في هذا الحيّ، لكنّها ومع حرارة الصيف وضعت قطعة قماش كبيرة على بابه حتى يجلس الأفراد تحتها ويهربوا من حرّ الداخل.
يقول مسعد أبو رمضان لـ"العربي الجديد" إنّ "الكرفانات مثلها مثل الطقس في حال اشتداد حرارته أو برودته. ولكي نحافظ على صيامنا، نحاول أن نبقى طوال النهار في الخارج والتأقلم مع هذا الحال طوال شهر رمضان". يشير إلى أنّ سكان الحيّ جمعوا الأموال من بعضهم البعض لشراء بعض لوازم شهر رمضان خصوصاً موائد السحور، نظراً لعدم مقدرة بعض عائلات الحيّ على شراء حاجياتهم. فالمساعدات والطرود الغذائية لم تدخل إلى بيوتهم منذ ثلاثة أشهر على الرغم من اعتمادهم الكامل عليها.
اقــرأ أيضاً
في منطقة خزاعة القريبة، يجد أحمد أبو رجيلة أنّ شهر رمضان هذا العام هو الأصعب. كان يملك مصنعاً ومنزلاً كبيراً دمّرا خلال العدوان الأخير على غزة. تسلّم تعويضاً صغيراً بدلاً منهما. يتذكّر كيف كان في سنوات سابقة يزيّن منطقته بالكامل مع حلول شهر رمضان، فقد كان رزقه وفيراً. لكنّ حلمه اليوم بات فقط العودة إلى منزل وترك الكرفان نهائياً.
يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الكرفان هو أسوأ ما نعيشه. حتى خلال النكبة لم نعش مثل هذه المأساة، فالكلّ يتاجر بقضيتنا ونحن نطالب بمسكن لا غير. اشتقت أنا والأطفال إلى مائدة رمضان في منزلنا وليس في بيت حديدي غير صالح للسكن".
ليس أبو رجيلة الوحيد ممّن فقدوا منشآتهم الصناعية وفقدوا منازلهم وباتوا غارقين في أزمة اقتصادية. في خزاعة نفسها، نحو عشر عائلات خسرت كلّ ممتلكاتها، ودخلت في حالة الفقر، وباتت تعتمد على المساعدات ودخل ربّ الأسرة القليل.
في بلدة بيت حانون، قتل الطفل أمجد المصري (7 أعوام) عندما سقط عليه باب حديدي لكرفان العائلة غير المتماسك. هو الطفل الثالث الذي راح ضحية سكن الكرفانات، بعد وفاة طفل في أواخر عام عدوان 2014، ورضيع العام الماضي بسبب البرد.
يقول أحمد المصري (50 عاماً) وهو من سكان الكرفانات: "أمضينا رمضان العام الماضي في الكرفانات وكلّنا أمل أن ننتقل إلى منازل هذا العام. ما زلنا هنا محرومين من أداء الشعائر الرمضانية في بيوت تؤمّن لنا الاستحمام الطاهر للتوجه إلى المساجد". ويشير المصري إلى أنّ نسبة 60 في المائة من الكرفانات باتت غير متماسكة، خصوصاً أنّ عمرها تجاوز 18 شهراً. يضيف أنّها لا تصلح إلا للنوم فقط، أو لتخزين الأغراض المنزلية.
وكانت وزارة الأشغال الفلسطينية ومؤسسات خيرية عربية ودولية قد وزّعت الكرفانات على المتضررين من العدوان الأخير على القطاع. وبحسب إحصاءات الوزارة، فإنّ عدد الكرفانات التي يقطنها أصحاب البيوت المدمّرة يبلغ نحو 600.
صلة الرحم
لم تمنع الظروف القاسية سكان الكرفانات من أداء بعض الشعائر الرمضانية، وأهمها صلة الرحم. من هؤلاء الحاجة جميلة الهباش التي تزور، مع زوجها، أقاربهما في مخيّم الشجاعية، ثم يعودان بعدها إلى كرفانهما. تعلّق: "الكرفانات لا تستوعب أكثر من خمسة أشخاص. لكنّها في غزة تضمّ عشرة، وهذا ما يزيد خطورتها علينا، عدا عن كونها مكاناً غير صالح لشهر رمضان وأداء عباداته".
اقــرأ أيضاً
أكبر المآسي تسجّل لدى سكان الكرفانات (وحدات سكنية مؤقتة) خصوصاً في الأحياء الشرقية من القطاع. هؤلاء ما زالوا حتى اللحظة ينتظرون بناء منازلهم التي دمّرت، في ظل الوعود المبهمة التي حصلوا عليها من الدول المانحة، واصطدامهم بعراقيل عدة بسبب الحصار والانقسام السياسي الفلسطيني.
وبينما تشهد أحياء أخرى بعضاً من الأجواء الرمضانية، لا تزور تلك الأجواء أحياء الكرفانات إلاّ خجلاً، وفقط من أجل إسعاد الأطفال بأبسط الإمكانيات.
يجلس سكان الكرفانات خارج "بيوتهم" دائماً، فالبقاء في الداخل مستحيل بسبب الحر الشديد. وهؤلاء ليسوا قلة، بل يتجاوز عددهم 20 ألف غزي في مختلف مناطق القطاع.
في حيّ الفراحين، شرق مدينة خان يونس، الذي كان عبارة عن حيّ من الخيام، تحوّلت بعض خيامه اليوم إلى كرفانات. تقبع عائلة أبو رمضان داخل كرفان في هذا الحيّ، لكنّها ومع حرارة الصيف وضعت قطعة قماش كبيرة على بابه حتى يجلس الأفراد تحتها ويهربوا من حرّ الداخل.
يقول مسعد أبو رمضان لـ"العربي الجديد" إنّ "الكرفانات مثلها مثل الطقس في حال اشتداد حرارته أو برودته. ولكي نحافظ على صيامنا، نحاول أن نبقى طوال النهار في الخارج والتأقلم مع هذا الحال طوال شهر رمضان". يشير إلى أنّ سكان الحيّ جمعوا الأموال من بعضهم البعض لشراء بعض لوازم شهر رمضان خصوصاً موائد السحور، نظراً لعدم مقدرة بعض عائلات الحيّ على شراء حاجياتهم. فالمساعدات والطرود الغذائية لم تدخل إلى بيوتهم منذ ثلاثة أشهر على الرغم من اعتمادهم الكامل عليها.
في منطقة خزاعة القريبة، يجد أحمد أبو رجيلة أنّ شهر رمضان هذا العام هو الأصعب. كان يملك مصنعاً ومنزلاً كبيراً دمّرا خلال العدوان الأخير على غزة. تسلّم تعويضاً صغيراً بدلاً منهما. يتذكّر كيف كان في سنوات سابقة يزيّن منطقته بالكامل مع حلول شهر رمضان، فقد كان رزقه وفيراً. لكنّ حلمه اليوم بات فقط العودة إلى منزل وترك الكرفان نهائياً.
يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الكرفان هو أسوأ ما نعيشه. حتى خلال النكبة لم نعش مثل هذه المأساة، فالكلّ يتاجر بقضيتنا ونحن نطالب بمسكن لا غير. اشتقت أنا والأطفال إلى مائدة رمضان في منزلنا وليس في بيت حديدي غير صالح للسكن".
ليس أبو رجيلة الوحيد ممّن فقدوا منشآتهم الصناعية وفقدوا منازلهم وباتوا غارقين في أزمة اقتصادية. في خزاعة نفسها، نحو عشر عائلات خسرت كلّ ممتلكاتها، ودخلت في حالة الفقر، وباتت تعتمد على المساعدات ودخل ربّ الأسرة القليل.
في بلدة بيت حانون، قتل الطفل أمجد المصري (7 أعوام) عندما سقط عليه باب حديدي لكرفان العائلة غير المتماسك. هو الطفل الثالث الذي راح ضحية سكن الكرفانات، بعد وفاة طفل في أواخر عام عدوان 2014، ورضيع العام الماضي بسبب البرد.
يقول أحمد المصري (50 عاماً) وهو من سكان الكرفانات: "أمضينا رمضان العام الماضي في الكرفانات وكلّنا أمل أن ننتقل إلى منازل هذا العام. ما زلنا هنا محرومين من أداء الشعائر الرمضانية في بيوت تؤمّن لنا الاستحمام الطاهر للتوجه إلى المساجد". ويشير المصري إلى أنّ نسبة 60 في المائة من الكرفانات باتت غير متماسكة، خصوصاً أنّ عمرها تجاوز 18 شهراً. يضيف أنّها لا تصلح إلا للنوم فقط، أو لتخزين الأغراض المنزلية.
وكانت وزارة الأشغال الفلسطينية ومؤسسات خيرية عربية ودولية قد وزّعت الكرفانات على المتضررين من العدوان الأخير على القطاع. وبحسب إحصاءات الوزارة، فإنّ عدد الكرفانات التي يقطنها أصحاب البيوت المدمّرة يبلغ نحو 600.
صلة الرحم
لم تمنع الظروف القاسية سكان الكرفانات من أداء بعض الشعائر الرمضانية، وأهمها صلة الرحم. من هؤلاء الحاجة جميلة الهباش التي تزور، مع زوجها، أقاربهما في مخيّم الشجاعية، ثم يعودان بعدها إلى كرفانهما. تعلّق: "الكرفانات لا تستوعب أكثر من خمسة أشخاص. لكنّها في غزة تضمّ عشرة، وهذا ما يزيد خطورتها علينا، عدا عن كونها مكاناً غير صالح لشهر رمضان وأداء عباداته".