رمضان التونسي تظلله المخاوف الأمنية

22 يونيو 2015
تأهبت الأجهزة الأمنية تحسباً لأي عملية إرهابية (فرانس برس)
+ الخط -

يعيش الشارع التونسي خلال شهر رمضان، على وقع التحذيرات المتكررة من مختلف المراقبين للشأن الأمني حول إمكانية وقوع أحداث إرهابية دامية مشابهة لتلك التي وقعت خلال شهر رمضان 2014. وتضاعفت هذه التخوفات أكثر، خلال الأيام الماضية، على إثر تسجيل ثلاث عمليات إرهابية في يوم واحد، ذهب ضحيتها 4 شهداء أمنيين بداية الأسبوع الماضي، ما دفع بخبراء في الشأن الأمني على غرار الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية، مازن الشريف، إلى الدعوة إلى "ضرورة التأهب والحيطة من أيّ عمليات إرهابية مرتقبة خلال شهر رمضان الجاري".

ويؤكّد الشريف لـ "العربي الجديد" أنّه "من الضروري الأخذ بآراء الخبراء المختصّين والعاملين في المؤسسات الأمنيّة والخبراء المستقلين أيضاً، لاستشراف واستباق الأحداث الإرهابية المتوقّع حصولها خلال هذا الشهر". ويشير الشريف إلى أنّ الأخذ بهذه الآراء سيقي تونس من الوقوع في المخاطر، موضحاً أنّ "شهر رمضان هو شهر الانتقام لدى الإرهابيين، لذلك يتوجب على وزارة الداخليّة تقوية جهاز المخابرات الوطنية، وتعزيز التعاون الأمني على المستوى الإقليمي بين دول الجوار المهدّدة بآفة الإرهاب، عبر تشكيل لجنة خبراء وإصلاح لبناء وكالة الأمن القومي".

في السياق ذاته، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد في حوار بثته القناة الوطنية الأولى أخيراً أنّه "سيتم تكثيف التعزيزات الأمنية والعسكرية خصوصاً بمناسبة شهر رمضان". وأكد الصيد أنّ "هذه الفترة صعبة، وعلى المواطنين الالتفاف حول القوات الأمنية والعسكرية، لمساعدتها من خلال توفير المعلومات والإرشادات اللازمة حول تحركات الإرهابيين"، مبيّناً أن "موجة الاحتجاجات في عدد من المناطق تهدر وقت قوى الوحدات الأمنية وتشتّتها، مما يشجع المجموعات الإرهابية على الخروج من أوكارها وتنفيذ عملياتها الإرهابية".

كما أوضح الصيد أنّ "القضاء على الإرهاب وأصحاب الفكر المتطرف يتطلب نفساً طويلاً، وتعاوناً بين قوات الأمن والجيش والتونسيين، وفي ظلّ غياب ذلك، يصبح من الصعب القضاء على الإرهاب".

اقرأ أيضاً: "داعش" يعلن مسؤوليته عن هجوم على مركز شرطة بتونس

وحول هذه الاستعدادات الأمنية والعسكرية، يوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع، بلحسن الوسلاتي لـ "العربي الجديد"، أن "الوحدات العسكرية على أتمّ الاستعداد خلال هذا الشهر لمواجهة التهديدات الإرهابية الموجودة بمرتفعات الشمال الغربي للبلاد التونسية".

ويشير إلى أنّ "الوضع على الحدود التونسية الليبية تحت السيطرة، باعتبار جاهزية القوى الدفاعية المادية عبر بناء حواجز وخنادق على طول الحدود، بالإضافة إلى الحضور البشري من خلال توزيع عدد هام من العسكريين المتمركزين على حدودنا". ويلفت الوسلاتي إلى أن "لوزارة الدفاع الوطني استراتجية كاملة لإغلاق كل الحدود الصحراوية، والإبقاء على المعابر الحدودية فقط، وذلك عبر تركيز نقاط عبور مراقبة على طول الشريط الحدودي، وكل مخالف لهذه التعليمات يتم التعامل معه بجميع الوسائل، بما فيها السلاح".

من جهته، أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي، في تصريح صحافي، أن الوزارة شرعت منذ مدّة في إعداد خطة أمنية لتأمين الموسم السياحي وشهر رمضان، نظراً لما تشهده مختلف مناطق الجمهورية من عودة المواطنين المقيمين في الخارج، وتزايد عدد زوار تونس وسائحيها. وأضاف العروي أنّ الخطة والاستعدادات الأمنية شملت المناطق السياحية والفنادق والملاهي والمطاعم، مؤكداً أنّه تمّ إعداد خطة أمنية بالتعاون مع الجيش الوطني لحصر العناصر الإرهابية وملاحقتها في المرتفعات الغربية.

وأفاد العروي أنّ التهديدات الإرهابية متواصلة، وتونس تعيش في وضع وطني وإقليمي حساس من الناحية الأمنية في ظلّ الحرب الدائرة في ليبيا، التي تسيطر فيها بعض التنظيمات المتطرفة على مناطق منها. كما صرّح الناطق الرسمي أنّ وجود معسكرات تدريب يؤكد أنّ الخطر القادم من ليبيا قائم ويستوجب مزيداً من الحذر.

يُذكر أنّ رمضان 2014 كان الأكثر دموية بعد رمضان 2013، بدأ بهجوم هنشير التلة في 16 يوليو/تموز الموافق لـ 18 رمضان، إذ هاجمت مجموعتان من الأفراد المسلّحين، بشكل متزامن، نقطتين عسكريتين بمنطقة هنشير التلّة الواقعة في جبل الشعانبي مع موعد الإفطار بواسطة أسلحة رشّاشة وقنابل "آر بي جي"، وقد أعلنت وزارة الدّفاع عن مقتل 14 عسكرياً وإصابة أكثر من 18 آخرين. كما اغتيل النائب في المجلس الوطني التأسيسي، محمد البراهمي أمام منزله في 25 يوليو/تموز، لتعيش تونس بعد أربعة أيام من تلك الجريمة أحداثاً دامية أخرى، قُتل فيها 8 عسكريين تمّ التنكيل بجثثهم في كمين استهدف دوريتهم في جبل الشعانبي. وفي 26 يوليو/تموز، هاجم مسلّحون دورية عسكريّة مؤلفة من سيارتين تنقلان وجبة الإفطار إلى الجنود في منطقة عين مازر، بين قريتيْ الطويرف وساقية سيدي يوسف على مقربة من جبال ورغة من ولاية الكاف قرب الحدود التونسية الجزائرية، وأسفر الهجوم عن مقتل عسكريّيْن وجرح خمسة آخرين وإصابة مواطن.

اقرأ أيضاً: هل يدفع "الإرهاب" إلى مراجعة السياسة الدفاعية في تونس؟ 

المساهمون