رفع قريب لأسعار الفائدة يدفع المستثمرين لمغادرة البورصة الأميركية

22 فبراير 2018
تقلبات مستمرة في البورصة الأميركية منذ بداية الشهر الجاري(Getty)
+ الخط -
أربك توجه مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) لزيادة أسعار الفائدة، سوق الأسهم الأميركية، وسط قلق من خروج المزيد من المستثمرين من البورصة باتجاه سوق السندات، ما يزيد من تقلبات الأسهم في الولايات المتحدة والأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة.
وأظهرت لجنة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط، في محضر الاجتماع الأخير الذي عُقد في 30 و31 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي نُشر مساء الأربعاء، المزيد من الثقة في الحاجة إلى مواصلة زيادة أسعار الفائدة مع اعتقاد معظم أعضاء اللجنة بأن التضخم سيرتفع.

ومن المرجح أن يعزز الموقف الأكثر تفاؤلا بشأن التضخم التوقعات بأن الرئيس الجديد لمجلس الاحتياط جيروم باول، سيقود زملاءه إلى زيادة في أسعار الفائدة خلال مارس/ آذار المقبل.
وقال المجلس في محضر الاجتماع "الأعضاء متفقون على أن ازدياد قوة التوقعات الاقتصادية في الأجل القريب يزيد احتمالات أن مسارا صعودياً تدريجياً لسعر فائدة الأموال الاتحادية سيكون مناسبا".
وأضاف أن أحدث المعلومات التي تلقاها الأعضاء الذين لهم حق التصويت، بشأن التضخم "إلى جانب احتمالات استمرار الوتيرة القوية للنشاط الاقتصادي توفران دعما للرأي القائل إن التضخم من المرجح أن يتحرك صعوداً في 2018".

وعُقد اجتماع يناير/ كانون الثاني، وهو الأخير تحت رئاسة جانيت يلين لمجلس الاحتياطي، قبل أن تظهر أحدث بيانات شهرية للتوظيف والتضخم ارتفاعا في ضغوط الأسعار، حيث يتوقع مجلس الاحتياط الفيدرالي في الوقت الحالي ثلاث زيادات لأسعار الفائدة هذا العام.
وارتفع عائد السندات الحكومية الأميركية لمدة عشر سنوات إلى أعلى مستوى له في حوالي 50 شهراً، ليصل إلى مستوى 2.94%.

وقال بروس بيتلز، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة بايرد للاستثمار في سوق رأس المال، إن "ارتفاع معدلات الفائدة أكثر من اللازم سيمثل مشكلة، ليس فقط بالنسبة لسوق الأسهم ولكن للاقتصاد الأميركي ككل"، معربا عن شكوكه في أن التضخم الحقيقي قد أخذ في الارتفاع بالفعل.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة ارتفاعاً حاداً خلال 2018، بسبب معدلات النمو الاقتصادي العالمي القوية، وتسارع الارتفاعات في الأجور في الولايات المتحدة.

كما مثل ارتفاع الإنفاق الحكومي وقانون ترامب الجديد للإصلاح الضريبي ما يشبه حزم التحفيز المالي للاقتصاد الأميركي، الأمر الذي تسبب في تزايد توقعات ارتفاع معدل التضخم، وأحدث تصحيحاً قصير الأجل في أسعار الأسهم خلال الأيام الأولى من فبراير/ شباط الجاري.
وتعكس أسواق العقود المستقبلية لأدوات الدين حالياً ثلاثة ارتفاعات للفائدة خلال العام الحالي، وإن كانت ما زالت هناك تكهنات قليلة برفعٍ رابع خلال العام نفسه.

ورأى بنك غولدمان ساكس الأميركي في تقرير له، أن فرصة زيادة المركزي الأميركي لسعر الفائدة في مارس/ آذار المقبل تتجاوز 95%، وذلك بعد ساعات من الإفصاح عن محضر اجتماع مجلس الاحتياط الفيدرالي.
وعقب نشر محضر الاجتماع مباشرةً ارتفعت مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة أكثر من 1%، لكنها عادت وأغلقت على انخفاضات بسيطة قبل انتهاء الجلسة، حيث تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.67%، وهبط ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.55%، وانخفض ناسداك، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، بنحو 0.22%.

وقال أرت هوجان، كبير استراتيجيي الأسواق بواندرليش سيكيوريتيز، المتخصصة في أبحاث الاستثمار وإدارة الثروات، إن "الضعف في الأسهم تزامن مع قفزه في عائد سندات الخزانة 10 سنوات إلى أعلى مستوى لها منذ أربعة أعوام، ما أنعش المخاوف من أن ارتفاع معدلات الفائدة قد يعوق ارتفاع معدلات النمو، وقد يؤدي أيضاً إلى خروج المزيد من المستثمرين من سوق الأسهم باتجاه سوق السندات"، متوقعا أن تزيد تقلبات الأسواق في الفترة المقبلة.
وتعرضت سوق الأسهم الأميركية منذ مطلع الشهر الجاري لتقلبات حادة، ما أدى إلى اضطراب العديد من الأسواق العالمية أيضا.

وأمس، الخميس، تراجع المؤشر القياسي للأسهم اليابانية إثر موجة بيع واسعة النطاق، بعدما هبطت الأسهم الأميركية في ختام تعاملات الأربعاء.
وانخفض المؤشر نيكي بنسية 1.1% ليغلق عند 21736.44 نقطة. كما هبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقا بنحو 0.9%.
كما تراجعت الأسهم الأوروبية، بعدما فشلت مجموعة من نتائج الشركات في رفع المعنويات إثر موجة جديدة من التكهنات بشأن رفع أسرع لأسعار الفائدة الأميركية.

ومع القلق من استمرار التقلبات في سوق الأسهم الأميركية، لا سيما مع احتمالات رفع أسعار الفائدة بنحو أسرع من المتوقع، فإن العديد من المؤسسات المالية وبنوك الاستثمار الكبرى، ومنها بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش وغولدمان ساكس و"يو بي إس"، بادروا في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري بتوجيه الرسائل لكبار عملائهم، مطالبين إياهم بالإبقاء على الاستثمارات وعدم القلق من التقلبات الحالية في أسعار الأسهم.
ولطالما تباهى ترامب بالارتفاعات المتتالية في سوق الأسهم الأميركية بعد وصوله للبيت الأبيض، قبل الهبوط الذي ساد المؤشرات في التقلبات الأخيرة.

وقدم ترامب وفريقه الاقتصادي وعوداً كبيرة حول تعزيز النمو الاقتصادي. وعلى الرغم من أن تقديرات الميزانية الرسمية تفترض أن النمو سيرتفع إلى 3% سنوياً، فإن الرئيس الأميركي يقول إن النمو يمكن أن يكون أسرع، وكثيراً ما أشار إلى مستوى 4%. وعملت إدارة ترامب باتجاه تقليل القيود والتنظيمات، مع السماح بمزيد من الأنشطة التي كانت محظورة حفاظاً على البيئة. 
كما تم الإعلان عن تخفيف بعض قواعد عمل البنوك، ويجري العمل على تخفيف البعض الآخر، بالإضافة إلى قانون الإصلاح الضريبي وزيادة الإنفاق الحكومي.

وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بين رجال الأعمال وإدارة ترامب، إلا أنهم يرونه حليفاً لمجتمع الأعمال ويعتقدون أنه قادر على تحفيز النمو بشكل أسرع.
وقبل أيام قليلة نشر مارتن نيل بيلي، الباحث الاقتصادي بمعهد بروكنجز، تقريراً عما يمكن أن يتحقق من وعود ترامب، قال فيه إنه فوجئ في لقاءات مع مجموعات من رجال الأعمال في السنوات الأخيره، بقدر العداء تجاه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، مضيفا: "قد يكون هذا التفاؤل كافيا لإطلاق المزيد من الاستثمارات وتوسيع الأعمال التجارية".

إلا أنه تابع "لكن ترامب أدخل أيضا سياسات ذات تأثير سلبي على النمو، ولا سيما القيود المفروضة على الهجرة والزيادات في عجز الموازنة. كما أنه يتحدث عن معدلات نمو في المستقبل من المستبعد جداً أن تحدث".
وختم بيلي تقريره قائلاً إن الإفراط في الوعود والنقص في الأداء هو لعبة خطيرة، يمكن أن تؤدي إلى خيبة الأمل، ويمكن أن تقوض تفاؤل قادة الأعمال التجارية. ولعل إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي ستعتبر في القريب العاجل "حقائق زائفة Fake news"، في إشارة ساخرة إلى تعبير ترامب الشهير.



المساهمون