رفع أسعار الأسمدة يثقل كاهل الفلاحين في مصر

19 أكتوبر 2017
إفقار المزارعين لصالح شركات الأسمدة (Getty)
+ الخط -



وضعت الزيادة الأخيرة في أسعار الأسمدة المدعمة في مصر، أعباء جديدة على المزارعين، الذين يعانون بالفعل من مصاعب وتحديات جمة، تثقل كاهلهم بشكل مستمر في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها البلاد.

وأقرت الحكومة المصرية مطلع العام الجاري، زيادة أسعار الأسمدة المدعمة بنحو 50%، ليصل سعر الطن إلى 3 آلاف جنيه (170.1 دولارا) مقابل 2000 جنيه (113.4 دولارا)، بعد تحرير سعر الصرف.

ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، رفعت الحكومة المصرية أسعار الأسمدة بنسبة 8%، لتتفاقم معاناة المزارعين الذين تتخطى أعدادهم 15 مليونا، بحسب الإحصائيات الرسمية.

وقفزت كلفة المستلزمات الزراعية بشكل كبير منذ تحرير سعر صرف العملة المحلية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

ووصف خبراء مختصون في قطاع الزراعة، في أحاديث مع وكالة "الأناضول"، زيادة الأسمدة بالقرار الخاطئ الذي يجبر المزارعين على هجر الأراضي الزراعية وتبويرها أو تأجيرها.

ووفق مسح "الأناضول"، قفز سعر طن سماد اليوريا في الجمعيات التعاونية الزراعية (حكومية) إلى 3200 جنيه (181.5 دولارا) من 2960 جنيها (167.8 دولارا)، وطن سماد النترات إلى 3100 جنيه (175.8 دولارا) من 2860 جنيها (162.2 دولارا).

وترجع الحكومة المصرية الزيادة، التي وصفتها بالضئيلة، إلى ارتفاع أسعار الوقود والأيدي العاملة على الشركات المنتجة للأسمدة الكيميائية في البلاد.

وساهم قطاع الزراعة بنسبة 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر للعام المالي 2016/2015، ويعمل به حوالي 25.6% من إجمالي المشتغلين عام 2016، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقال حسين عبد الرحمن، نقيب عام الفلاحين في مصر، (مستقلة)، إن "زيادة أسعار الأسمدة قرار خاطئ يجبر المزارعين على هجر أراضيهم".

وأضاف في حديثه لـ"الأناضول": "الفلاحون في مصر في طريقهم إلى تبوير الأراضي أو تأجيرها".

وتابع نقيب عام الفلاحين: "شركات الأسمدة الحكومية والخاصة هي المستفيد الأكبر من هذه الزيادة؛ فمكاسبهم تصل إلى 400% في كثير من منتجاتهم".

وتورد شركات الأسمدة الخاصة والحكومية في مصر 55% من إنتاجها إلى الجمعيات الزراعية، وتصدر 45% للخارج.

وزاد نقيب عام الفلاحين: "الحكومة تتجاهل المزارعين وتقف إلى جانب الشركات لتصدير الأسمدة وجذب عملة صعبة".

وقال عبد الرحمن: "الحصة التي يحصل عليها المزارع من الجمعية الزراعية لا تكفي؛ وأحيانا كثيرة غير متوفرة، لذلك يلجأ للسوق السوداء.. الزراعة باتت مكلفة للغاية وغير مربحة".

وتراوح أسعار الأيدي العاملة في الأراضي الزراعية بين 70 جنيها (3.9 دولارات) إلى 150 جنيها (8.50 دولارات) للعامل يوميا، بحسب نقيب عام الفلاحين في مصر.

وأضاف: "أعضاء النقابة في البرلمان سيتقدمون باستجواب لوزير الزراعة لتدميره الزراعة في مصر".

وتوقع محمد سالم، أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، أن تحدث الزيادة في الأسمدة موجة من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية من خضروات وفاكهة في الأسواق المصرية بنسبة تصل 30%، خلال الأشهر المقبلة.

وكانت المرة الأولى التي تزيد فيها أسعار الأسمدة الزراعية في مصر بنسبة تقارب 43% دفعة واحدة، ما كشف مبكرًا عن سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الجباية ورفع الدعم التي سينتهجها نظامه مستقبلًا والتي كشفها تسريب قناة الجزيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013. هذا القرار كلف المزارعين الفقراء 6 مليارات جنيه إضافية (850 مليون دولار)، رغم أن 70% منهم غرقى في الفقر، بحسب إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي. 

وفي مطلع 2017، وبالرغم من تعهد وزير الزراعة بعدم زيادة أسعار الأسمدة وعقب افتعال النظام أزمة اختفاء للأسمدة من الجمعيات الزراعية في بلد مصدر لها مع توفرها في السوق السوداء، رفع مجلس الوزراء أسعار الأسمدة للمرة الثانية من 2000 جنيه إلى 2959 جنيهاً للطن، بنسبة قدرها 50% دفعة واحدة تكلف المزارعين 10 مليارات جنيه، مع فرض ضريبة مبيعات جديدة 5%، وهي الضريبة التي لا يدفعها مصنع الأسمدة التابع للقوات المسلحة.

وبعد زيادة أكتوبر/تشرين الأول الأخيرة، يصل إجمالي الزيادات في كلفة نوع واحد من الأسمدة الزراعية، والتي رفعتها حكومة السيسي على المزارعين، إلى 20 مليار جنيه منذ أكتوبر 2014، بزيادة 128% عمّا كانت عليه في سنة حكم الرئيس محمد مرسي. 

في المقابل، لم ترفع الحكومة أسعار المحاصيل التي ينتجها المزارعون بالنسبة نفسها وهم المحرومون من كل صور الدعم، واكتفت برفع أسعار القمح بنسبة 41%، والأرز بنسبة 68%، والقطن بنسبة 28%.


(الأناضول، العربي الجديد)

دلالات
المساهمون