أكد مصدر في وزارة الخارجية الموريتانية، اليوم الثلاثاء، أنّ بلاده "غير مقبلة على التطبيع مع إسرائيل"، وأنه "لا وجود لأي ترتيبات أو استعدادات بهذا الخصوص".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الافصاح عن هويته، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ موريتانيا قطعت علاقاتها بإسرائيل منذ أكثر من 10 سنوات ولا نية لديها حالياً للتطبيع".
وأكد أن ما يُروّج له حول إمكانية إقامة علاقات بين موريتانيا وإسرائيل بعد إعلان كل من الإمارات والبحرين إقامة علاقات مع إسرائيل، "مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة".
وسبق لموريتانيا أن أقامت علاقات مع إسرائيل تحت ضغوط أميركية عام 1999 في عهد الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع، وظلت هذه العلاقات مرفوضة من كلّ أطياف الشعب الموريتاني، ومحلّ انتقادات من جانب السياسيين الذين ظلوا يطالبون بوقف التطبيع مع إسرائيل، معتبرين أنه أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الانقلاب على حكم ولد الطايع.
وفي عام 2009، اتخذ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، القرار الذي كان ينتظره الموريتانيون، بتجميد العلاقات مع إسرائيل احتجاجاً على الحرب على غزة، ثم لاحقاً طرد موظفي السفارة الإسرائيلية في نواكشوط وإمهالهم 48 ساعة لمغادرة موريتانيا، وإغلاق السفارة الإسرائيلية رسمياً في وقت لاحق، لتنتهي بذلك كلّ العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين رسمياً، اعتباراً من 21 مارس/ آذار 2010.
محاولات جديدة
وقالت مصادر مطلعة إنّ هناك محاولات لإقناع الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، باللحاق بركب التطبيع مع إسرائيل.
وكشفت المصادر، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن ضغوط مورست على الرئيس "لإقناعه بأهمية العلاقات مع إسرائيل، وإغراءات بالدعم وضخ استثمارات في حال قبلت نواكشوط بالفكرة".
وسبق لموقع "أفريكا إنتلجنس" المختص بنشر الأخبار الخاصة، أن أكد أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، طلب من ولد الغزواني التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته إلى السعودية، في فبراير/ شباط الماضي.
وقالت مصادر متطابقة إنّ زيارة الغزواني للسعودية، وهي الأولى من نوعها للرئيس الذي تسلم الحكم في أغسطس/آب 2019، "لم تسر على نحو جيد، حيث لم يحصل على تمويلات لمشاريع كان قد عرضها مسؤولون موريتانيون قبل الزيارة على السعوديين".
ويرى الباحث السياسي محمد الأمين ولد يحيى، أنّ النظام الحالي لن يغامر بإقامة علاقات مع إسرائيل، طالما أنه ليست هناك سياسة عربية موحدة تجاهها، ويقول، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل المؤشرات تؤكد ألا استعداد لدى نواكشوط للتطبيع مع إسرائيل، بل إنّ إقامة هذه العلاقات ستضرّ النظام أكثر مما ستنفعه، كما ستضرّ بسمعة موريتانيا ومصالحها القومية".
ويشير الباحث إلى أنه بالنظر للعلاقة الجدلية وللتنافس الحامي بين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي قطع العلاقات مع إسرائيل، والحالي ولد الغزواني، الذي يبحث عن شعبية له، فإنّ هذا الأخير لن يقبل بعودة علاقات مشينة قام سلفه بقطعها، واعتُبرت من النقاط الإيجابية لحكمه.
ويؤكد أنّ "جميع الموريتانيين يرون أنّ التطبيع كان مرحلة سوداء وأنه لم يحقق أي استفادة لبلادهم، وأنّ نسيان هذا القرار الذي اتخذه ولد الطايع بحثاً عن دعم خارجي لنظامه المتضعضع، وعدم تكراره، أصبح مطلباً أساسياً".
ويضيف ولد يحيى "حين أُعلن أنّ الإمارات ثالث دولة عربية تطبع مع إسرائيل، لم يبادر الموريتانيون لتصحيح المعلومة والتأكيد أنها الرابعة، فكما جرت العادة يسارع الموريتانيون لتصحيح أي تصنيف عربي لبلادهم أو تشكيك في انتمائها للوطن العربي، لكن بالنسبة لهم العلاقات مع إسرائيل أمر لا يدعو للعزة والافتخار".
وكانت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في موريتانيا قد سارعت إلى الإعلان عن موقفها الرافض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث استنكر سياسيون موريتانيون إعلان الإمارات والبحرين التطبيع مع إسرائيل، ودعم الحكومة الموريتانية للخطوة وتبريرها بالقول إنّ الإمارات ستراعي في أي موقف تتخذه مصالح الأمة العربية والشعب الفلسطيني ومعاناته من الاحتلال الإسرائيلي.
وهاجم حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (تواصل)، بشدة "إعلان نظام الإمارات التطبيع مع الكيان الصهيوني"، معتبراً أنّ القرار "جريمة نكراء وخيانة عظمى لقضية العرب والمسلمين الأولى".
وقال الحزب المعارض، في بيان، إنّ قرار الإمارات يُعدّ "انتهاكاً صارخاً لميثاق جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وقرارات الأمم المتحدة وإجماع كل القوى الفلسطينية، وفتاوى العلماء المجرّمة للتطبيع، وتشجيعاً صريحاً لسياسة التوسع والاستيطان التي ينتهجها الكيان الصهيوني في المنطقة، ووصمة عار ستبقى تلاحق هذا النظام إلى أبد الآبدين".
ودعا الحزب "كل القوى الحية إلى التعبير بقوة وبالوسائل المناسبة عن رفضها واستنكارها لكل أشكال وألوان التطبيع مع الكيان الغاصب، والوقوف بحزم في وجه المخططات الهادفة إلى تصفية القضية تحت ذرائع وعناوين مختلفة".