حذّرت كتل سياسية عراقية، من أنّ إقرار البرلمان قانون مليشيات "الحشد الشعبي"، يعتبر بمثابة إطلاق "رصاصة الرحمة" على حلم الدولة المدنية، وإعلان ولادة "حرس ثوري عراقي"، رهن إشارة إيران.
وبموجب القانون، الذي أقرّه البرلمان العراقي، أمس السبت، فإنّ المليشيات باتت تعتبر، قوة مستقلة رديفة للجيش العراقي وتتبع رئيس الحكومة، ولها صلاحيات عسكرية وأمنية واسعة في البلاد، بما في ذلك تنفيذ عمليات اعتقال واقتحام للمدن، فضلاً عن تخصيص موازنة سنوية لها.
وجاء تصويت البرلمان، على قانون مليشيات "الحشد الشعبي"، المقدّم من قبل كتل "التحالف الوطني" الحاكم في البلاد، بعد جلسة صاخبة، شهدت تحفظاً كردياً، واعتراضاً سنياً ومسيحياً، ومن كتل تمثل التيار المدني المستقل داخل البرلمان.
وشهدت الجلسة انسحاب عشرات الأعضاء، إلا أنّ النصاب تحقّق بعد تأييد كتل كردية، أبرزها "الاتحاد الوطني" بزعامة جلال الطالباني للقانون.
وفي ردود الفعل، اعتبر رئيس ائتلاف "العربية" صالح المطلك، تمرير قانون مليشيات "الحشد الشعبي" بمثابة إنهاء للدولة المدنية التي يحلم بها العراقيون. وقال المطلك في بيان صحافي، إنّ "تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان، بمثابة التأسيس لجيش موازٍ للقوات المسلحة العراقية".
وتشكلت مليشيات "الحشد الشعبي"، عقب فتوى للمرجع الديني علي السيستاني، عرفت باسم "الجهاد الكفائي" إثر اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لمناطق واسعة في العراق.
وتتهم منظمات دولية ومحلية عراقية مختلفة، تلك المليشيات بارتكاب جرائم حرب بدوافع طائفية ضد العراقيين السنّة، تتمثّل بعمليات إعدام جماعية تحاكي جرائم مماثلة لتنظيم "داعش"، فضلاً عن عمليات سرقة وتعذيب وتهجير، بدوافع إحداث تغيير ديموغرافي في المدن العراقية.
وحذّر رئيس كتلة تحالف "القوى العراقية" في البرلمان أحمد المساري، من أنّ قانون "الحشد الشعبي" سيؤسس لـ"دكتاتورية الأغلبية" في العراق.
وقال، في مؤتمر صحافي، إنّه "يجب إجراء متابعة أكثر لمشروع قانون الحشد، لأنّه سيشكّل عبئاً آخر على البلاد، مضيفاً أنّ "إقرار القانون يشكّل خنجراً مسموماً في أسس الشراكة".
بدوره، أشار نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي، خلال المؤتمر الصحافي ذاته، إلى مطالبة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بمراجعة القانون، "لكنّه لم يفعل وهذا خروج عن أسس الحكم"، بحسب النجيفي الذي استدرك بالقول إنّ "بعض الأطراف ترغب في تقليد بعض الدول (في إشارة إلى إيران)، لكنّنا نرفض هذا القانون".
وأعلن النجيفي عن التقدّم بطعن في القانون لدى المحكمة الفدرالية العراقية.
كما عدّ القيادي في جبهة "الحراك الشعبي" العراقي محمد عبد الله، قانون المليشيات، بمثابة "تأسيس ذراع إيرانية دائمة في العراق، تهدّد أمن دول الجوار على غرار الحرس الثوري".
وأضاف عبد الله، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قوات الحشد الشعبي مليشيات طائفية واضحة، وستكون رهن إشارة إيران التي ربتها وموّلتها وما زالت"، لافتاً إلى أنّ قانون إقرارها "يخالف مادة بالدستور العراقي تتحدّث عن منع إقامة أو تشكيل أي قوات خارج الجيش والشرطة الوطنية"، واصفاً إياها بأنّها "كيان طائفي بامتياز".
وفي المواقف أيضاً، وصف عضو "التيار المدني المستقل" ماجد الحمداني، القانون بـ"المصيبة. وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأميركية احتلّت العراق بمزاعم أسلحة الدمار الشامل، ونشر الديمقراطية والمدنية في العراق، واليوم تمّ القضاء على حلم المدنية والديمقراطية، ورجال الدين والمليشيات هم الحاكم الفعلي للعراق".
وقال النائب الكردي في البرلمان العراقي عرفان كرم، في مؤتمر صحافي، إنّ "القانون يصبّ في مصلحة المكوّن الشيعي فقط"، محذراً من أنّ "إقرار القانون بهذا الشكل، سينهي الدولة المدنية".
كما نبّه إلى أنّه "سيصبح حالنا كحال لبنان، فحزب الله لديه قوات كالجيش اللبناني، أو على شاكلة إيران وحرسها الثوري"، مشيراً إلى أنّ "القانون سيخلق مشكلة كبيرة بوجه مؤسسات الدولة".
وأكد كرم أنّ "خطورة قانون الحشد الشعبي ستكون أقل بالنسبة لإقليم كردستان، وذلك لوجود قوات البشمركة في الإقليم، وعدم تواجد الحشد فيه"، مستدركاً بالقول "ومع ذلك فهذا القانون يشكل خطورة".
وأضاف أنّ "الحشد تأسس بفتوى، ويتم إنهاؤه بفتوى أيضاً. وإذا كان الهدف منه الدفاع عن العراق بوجه تنظيم داعش، فهذا يعني أنّ القضاء على داعش سينهي الحشد الشعبي أيضاً".
ولفت كرم إلى أنّ، بعض قادة "الحشد الشعبي" كانوا قد أعلنوا توجههم للقتال في سورية بانتظار تعليمات من المرشد الأعلى الإيراني، "بمعنى أنه ليس حشداً عراقياً، إنّما هو حشد طائفي"، بحسب قوله.