هي ابنة عائلة يسارية. نقلت مناقشاتها الثورية مع زملائها الطلاب في جامعتها، إلى أرض الميدان، وبالرغم من رصاص الغدر الإسرائيلي الذي أصابها، تستمرّ في ثورتها ومقاومتها
"الرصاصة ما زالت قرب قلبي، لكنني لن أتوقف عن النضال والمشاركة في المواجهات مثل الآلاف من بقية أبناء شعبي". هكذا تتحدث الشابة الفلسطينية المصابة داليا نصار، التي ترقد في مجمع فلسطين الطبي، والتي أصيبت برصاصة كادت أن تكون قاتلة على بعد مليمتر واحد من قلبها.
داليا الفتاة الرقيقة ذات الجسد النحيف، بإمكانها أن تتحول في ثوان إلى مدافعة شرسة عن أهمية دور المرأة في الحركة الوطنية، والمشاركة جنباً إلى جنب، ليس في الأدوار النمطية والسهلة، لكن أيضاً في الميدان.
منذ اندلاع هبة الغضب الفلسطينية دفاعاً عن المسجد الأقصى مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ونصّار تشارك بشكل يومي في الفعاليات. تنضم لزملائها في جامعة بيرزيت للتوجه إلى نقطة التماس شمال محافظة رام الله والبيرة في الضفة الغربية. هناك تندلع المواجهات على مقربة من مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة في المحافظة.
ولدت نصّار وتربت في عائلة يسارية. وكبرت وهي تؤمن أنّ العدالة الاجتماعية هي الحل للصراع الاجتماعي، وأنّ الحرية الوطنية لا تقل عن التحرر والعدالة الاقتصادية ومقاومة الظلم الاجتماعي والطبقي. هذه الأفكار كانت محددات التربية التي زرعها والداها مها وهاني نصّار في أولادهم منذ الصغر.
تقول داليا: "تربيت في عائلة مثقفة من الطبقة الوسطى. ودائما ما أتحدث مع زملائي في الجامعة في الفكر اليساري، والصراع الطبقي، وحق المرأة في المشاركة في التحرر الوطني عملياً".
وعن مشاركتها الأخيرة التي أدت إلى المخاطرة بحياتها، تقول: "عندما اندلعت هذه الهبة، ورأيت زملائي الطلاب الفقراء الذين يعملون بعد الجامعة ليعيلوا أسرهم، أول من يبادر إلى المشاركة في المواجهات ضد الاحتلال الإسرائيلي، شعرت لوهلة ما أنني أقوم بالتنظير فقط. عندها، قررت أنّه حان وقت العمل الحقيقي في الميدان".
يوم الثلاثاء في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، كانت داليا الفتاة الوحيدة التي شاركت في المواجهات على المدخل الشمالي للمحافظة لليوم الرابع على التوالي. في هذا اليوم أصابها قناص إسرائيلي برصاصة، ابتعدت عن القلب مليمتراً واحداً، واستقرت في الرئة اليسرى للفتاة التي نجت من موت محقق. وبقيت نصّار تناضل وتقاوم يوماً آخر في عائلتها التي لم يتوقف حزنها بعد منذ رحلت والدتها مها نصار عام 2008 بعد إصابتها بالسرطان.
تقول داليا: "أشارك في كل المواجهات، لكنني عادة ما أشعر بالحزن لأنني الفتاة الوحيدة معظم الأوقات. حتى في المواجهات بالقرب من مستوطنة بيت إيل، كنت الفتاة الوحيدة طوال أربعة أيام، حتى إصابتي. واليوم أنا سعيدة عندما أرى المزيد من الفتيات قد انضممن جنباً إلى جنب مع الشبان في المواجهات".
تضحك داليا رغم ألمها، والأنابيب الطبية المثبتة في جسدها، خصوصاً الأنبوب الذي يتصل برئتها المصابة التي تفرز الدم في كيس طبي تم تثبيته في سريرها. وتقول: "في المسيرات والمواجهات عادة ما يوجه الشبان اللوم لي، ويسألونني عن سبب وجودي معهم، ويقولون إنّهم لا يريدون فتيات بينهم. لكنني كنت أعرف أنّ الأمور ستتغير، لكن لا بد من أن يقوم أحد ما بطرق باب التغيير حتى يمر البقية من خلاله". وتتابع: "جميعنا نقبع تحت السقف نفسه من المحددات الاجتماعية والعادات والتقاليد".
ترى داليا في والديها نموذجاً للعمل الوطني، وتحديداً والدتها مها نصار التي تولت عضوية اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي لم تتوقف عن العمل يوماً واحداً، وكان الهم الوطني شغلها الشاغل. وتعلق: "أنا فخورة بأمي وأريد أن أسير على خطاها الوطنية".
غرفة داليا الصغيرة في مجمع فلسطين الطبي تحولت إلى مزار فعلي من زملائها ورفاقها، الذين يحضرون بعد انتهاء المواجهات. وبالرغم من جسدها الضعيف، والأنابيب التي ثبتها الأطباء فيه، تقوم داليا بجولة يومية للاطمئنان على المصابين الجدد في المواجهات مع الاحتلال، والذين باتوا ينقلون بشكل يومي إلى المجمع.
تذكر داليا أسماء المصابين هؤلاء وأماكن سكنهم، ونوع إصابتهم، وكأنها أصبحت أرشيفاً للمصابين في رام الله. فهؤلاء رفاق الحجارة الذين لم تعرف يوماً أسماءهم أو عناوينهم، لكنهم باتوا اليوم جميعاً أبناء قضية متجددة واحدة يعملون تحت عنوان وحيد: "هبة الغضب".
أنهت داليا دراسة مرحلة البكالوريوس في اختصاص العلاقات العامة في قبرص. وتكمل حالياً دراساتها العليا في جامعة بيرزيت في اختصاص علم النفس الاجتماعي. تشتاق الفتاة المجتهدة للعودة ثانية إلى مقاعد الدراسة في الجامعة، لكنّ الدراسة لن تثنيها عن المشاركة في المواجهات المقبلة بالرغم من الطلقة التي أصابتها، وتختم حديثها مع ابتسامة كبيرة واثقة التي تغلب صوتها المتعب: "الرصاصة داخل جسدي وانا اعتدت عليها".
إقرأ أيضاً: جهّز سكّينك
"الرصاصة ما زالت قرب قلبي، لكنني لن أتوقف عن النضال والمشاركة في المواجهات مثل الآلاف من بقية أبناء شعبي". هكذا تتحدث الشابة الفلسطينية المصابة داليا نصار، التي ترقد في مجمع فلسطين الطبي، والتي أصيبت برصاصة كادت أن تكون قاتلة على بعد مليمتر واحد من قلبها.
داليا الفتاة الرقيقة ذات الجسد النحيف، بإمكانها أن تتحول في ثوان إلى مدافعة شرسة عن أهمية دور المرأة في الحركة الوطنية، والمشاركة جنباً إلى جنب، ليس في الأدوار النمطية والسهلة، لكن أيضاً في الميدان.
منذ اندلاع هبة الغضب الفلسطينية دفاعاً عن المسجد الأقصى مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ونصّار تشارك بشكل يومي في الفعاليات. تنضم لزملائها في جامعة بيرزيت للتوجه إلى نقطة التماس شمال محافظة رام الله والبيرة في الضفة الغربية. هناك تندلع المواجهات على مقربة من مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة في المحافظة.
ولدت نصّار وتربت في عائلة يسارية. وكبرت وهي تؤمن أنّ العدالة الاجتماعية هي الحل للصراع الاجتماعي، وأنّ الحرية الوطنية لا تقل عن التحرر والعدالة الاقتصادية ومقاومة الظلم الاجتماعي والطبقي. هذه الأفكار كانت محددات التربية التي زرعها والداها مها وهاني نصّار في أولادهم منذ الصغر.
تقول داليا: "تربيت في عائلة مثقفة من الطبقة الوسطى. ودائما ما أتحدث مع زملائي في الجامعة في الفكر اليساري، والصراع الطبقي، وحق المرأة في المشاركة في التحرر الوطني عملياً".
وعن مشاركتها الأخيرة التي أدت إلى المخاطرة بحياتها، تقول: "عندما اندلعت هذه الهبة، ورأيت زملائي الطلاب الفقراء الذين يعملون بعد الجامعة ليعيلوا أسرهم، أول من يبادر إلى المشاركة في المواجهات ضد الاحتلال الإسرائيلي، شعرت لوهلة ما أنني أقوم بالتنظير فقط. عندها، قررت أنّه حان وقت العمل الحقيقي في الميدان".
يوم الثلاثاء في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، كانت داليا الفتاة الوحيدة التي شاركت في المواجهات على المدخل الشمالي للمحافظة لليوم الرابع على التوالي. في هذا اليوم أصابها قناص إسرائيلي برصاصة، ابتعدت عن القلب مليمتراً واحداً، واستقرت في الرئة اليسرى للفتاة التي نجت من موت محقق. وبقيت نصّار تناضل وتقاوم يوماً آخر في عائلتها التي لم يتوقف حزنها بعد منذ رحلت والدتها مها نصار عام 2008 بعد إصابتها بالسرطان.
تقول داليا: "أشارك في كل المواجهات، لكنني عادة ما أشعر بالحزن لأنني الفتاة الوحيدة معظم الأوقات. حتى في المواجهات بالقرب من مستوطنة بيت إيل، كنت الفتاة الوحيدة طوال أربعة أيام، حتى إصابتي. واليوم أنا سعيدة عندما أرى المزيد من الفتيات قد انضممن جنباً إلى جنب مع الشبان في المواجهات".
تضحك داليا رغم ألمها، والأنابيب الطبية المثبتة في جسدها، خصوصاً الأنبوب الذي يتصل برئتها المصابة التي تفرز الدم في كيس طبي تم تثبيته في سريرها. وتقول: "في المسيرات والمواجهات عادة ما يوجه الشبان اللوم لي، ويسألونني عن سبب وجودي معهم، ويقولون إنّهم لا يريدون فتيات بينهم. لكنني كنت أعرف أنّ الأمور ستتغير، لكن لا بد من أن يقوم أحد ما بطرق باب التغيير حتى يمر البقية من خلاله". وتتابع: "جميعنا نقبع تحت السقف نفسه من المحددات الاجتماعية والعادات والتقاليد".
ترى داليا في والديها نموذجاً للعمل الوطني، وتحديداً والدتها مها نصار التي تولت عضوية اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي لم تتوقف عن العمل يوماً واحداً، وكان الهم الوطني شغلها الشاغل. وتعلق: "أنا فخورة بأمي وأريد أن أسير على خطاها الوطنية".
غرفة داليا الصغيرة في مجمع فلسطين الطبي تحولت إلى مزار فعلي من زملائها ورفاقها، الذين يحضرون بعد انتهاء المواجهات. وبالرغم من جسدها الضعيف، والأنابيب التي ثبتها الأطباء فيه، تقوم داليا بجولة يومية للاطمئنان على المصابين الجدد في المواجهات مع الاحتلال، والذين باتوا ينقلون بشكل يومي إلى المجمع.
تذكر داليا أسماء المصابين هؤلاء وأماكن سكنهم، ونوع إصابتهم، وكأنها أصبحت أرشيفاً للمصابين في رام الله. فهؤلاء رفاق الحجارة الذين لم تعرف يوماً أسماءهم أو عناوينهم، لكنهم باتوا اليوم جميعاً أبناء قضية متجددة واحدة يعملون تحت عنوان وحيد: "هبة الغضب".
أنهت داليا دراسة مرحلة البكالوريوس في اختصاص العلاقات العامة في قبرص. وتكمل حالياً دراساتها العليا في جامعة بيرزيت في اختصاص علم النفس الاجتماعي. تشتاق الفتاة المجتهدة للعودة ثانية إلى مقاعد الدراسة في الجامعة، لكنّ الدراسة لن تثنيها عن المشاركة في المواجهات المقبلة بالرغم من الطلقة التي أصابتها، وتختم حديثها مع ابتسامة كبيرة واثقة التي تغلب صوتها المتعب: "الرصاصة داخل جسدي وانا اعتدت عليها".
إقرأ أيضاً: جهّز سكّينك