اقرأ أيضاً: لوائح السيسي بدأت تفوز... قبل الانتخابات النيابية المصرية
وكان لافتاً تنوع الرشى التي يقدمها أنصار المرشحين في المحافظات، وبعدما كانت تشمل الزيت والسكر في الماضي، توسّعت لتشمل سلعا تموينية. وشكل عيد الأضحى فرصة ثمينة للحصول على أصوات الناخبين، من خلال توزيع أكياس اللحوم، وملابس مختلفة للمحتاجين، فيما وصل الأمر ببعض المرشحين إلى تجهيز العرائس من خلال تقديم أجهزة كهربائية، وهو ما قام به محمود خلف الله، أحد كوادر الحزب "الوطني" في المنيا.
واشترى المرشح عمر طه الكاشف، وهو أحد رجال الأعمال في محافظة أسيوط، ألعابا للأطفال كهدايا في العيد، والإعلان عن وظائف في عدد من شركات القطاع الخاص "لا وجود لها". في المقابل، قام شخص مرشح ضده يُدعى محمد كرم، وهو محام، باستئجار سيارت نقل لرفع تلال القمامة من بعض الأحياء. فيما أعلن حزب "النور" في الدوائر التي يخوضها، سواء الفردي أو القوائم، بالإعلان عن توفير عقار "سوفالدي" لمرضى فيروس "سي" الكبدي.
اقرأ أيضاً: الانتخابات المصرية: مرشحو "النور" ملاحقون قانونياً وشعبياً
ووصل الأمر برجال الحزب الوطني المنحل، الذين يعدّون من أصحاب السطوة والنفوذ والمال، إلى استغلال المساجد كنوع من الدعاية، بعدما فتح أئمة المساجد لهم أماكن العبادات لشرح برامجهم الانتخابية، من خلال التأثير على المصلين، وعدم الالتفات إلى باقي المرشحين، رغم أن ذلك يتنافى مع حرمة المساجد ومع تعاليم وزارة الأوقاف، بمنع استخدام المساجد كنوع من الدعاية الانتخابية لأي مرشح. وهذا ما قام به أحمد شعلان، مرشح الحزب الوطني عام 2010 في الأقصر، إذ أجرى مسابقات للقرآن الكريم بين الطلاب.
وفي الجيزة، أقدم اللواء سعد الجمال، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب السابق، وممثل الحزب "الوطني" في عهد حسني مبارك، والمرشح عن دائرة الصف، بتوزيع بطاطين ولحوم وتأشيرات حج لرموز العائلات ورحلات عمرة خلال الأيام المقبلة.
وفي محافظة الفيوم، نظم أحد المرشحين المحتملين، ويُدعى أحمد عبدالفتاح، قافلة طبية تشمل كافة التخصصات الطبية والأدوية مجاناً. فيما شهدت محافظة سوهاج، العديد من أشكال الدعايا الانتخابية، التي يعتبر بعضها مشروعاً، والبعض الآخر يصنف ضمن قائمة الرشى الانتخابية، ومن ضمنها ما قام به المرشح المستقل (فردي) صالح بكري، بتنظيم دورة لكرة القدم على نفقته الخاصة، مع توزيع جوائز للفائزين في نهاية الدورة. كما نظم المرشح علي عيد عدة قوافل طبية، على نفقته الخاصة، تخطى عددها العشر قوافل، وكانت جميعها توزع العلاج بالمجان، تحت رعايته.
من جهة ثانية، تسبب انتشار الملصقات والرشى الانتخابية، في وقوع مشاجرات بين عدد من المرشحين وأنصار بعضهم البعض في عدد من محافظات الصعيد، خصوصاً أسيوط وسوهاج والأقصر، وسط تخوف من سقوط ضحايا قبل العملية الانتخابية.
وأقرّ المتحدث باسم اللجنة العليا، المستشار عمر مروان، بوقوع تجاوزات كبيرة من جانب المرشحين مع بدء الدعاية الانتخابية، بشكل مخالف للقانون، مؤكّداً أن اللجنة طلبت من المحافظين إزالة تلك الملصقات على الفور، وإبلاغ اللجنة بأسمائهم لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدّهم، وإحالة كل من يثبت تورطه في تقديم رشى إلى النيابة العامة. وأضاف أن القانون حدد قواعد يجب الالتزام بها في الدعاية الانتخابية، وهي عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأي من المرشحين، والامتناع عن استخدام الشعارات الدينية، وحظر استخدام المباني والمنشآت ووسائل النقل والأملاك المملوكة للدولة في الدعاية الانتخابية.
وانتهز عدد من المرشحين فرصة قدوم عيد الأضحى لتهنئة الأهالي، عبر وضع لافتات، فيما استغل البعض موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لأغراض الدعاية، بنشر صورهم وبرامجهم الانتخابية.
ولم تقتصر الدعاية الانتخابية والرشى على الصعيد، إذ شملت عددا كبيرا من الدوائر المصرية. وتجري الجولة الأولى من الانتخابات في 18 و19 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتشمل 14 محافظة، هي الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، مرسى مطروح.
وقال الفقيه القانوني، شوقي السيد، إن الرشوة الانتخابية من المخالفات التي يعاقب عليها قانون الانتخابات بالاستبعاد أو الغرامة، مؤكداً أن الدعاية الانتخابية يجب أن تكون من خلال وضع برنامج يعلن عنه المرشح لأبناء دائرته بعيداً عن أي رشى، لافتاً إلى أن هذا العمل ليس في سبيل الله، بل هو رشوة انتخابية مقنّعة بكل المقاييس.
من جهته، رأى الخبير في الشأن البرلماني، محمد أبو طالب، أنه في ظل ضعف الوعي السياسي لدى المواطن المصري، وعدم وجود رؤية لدى المرشح، يلجأ الأخير إلى تقديم الحاجات العينية إلى الناخب، كي يصل إليه بسرعة ويضمن صوته، مستغلاً في ذلك الحالة الاقتصادية الصعبة، ورغبة بعض المواطنين في المال أو الأشياء العينية أكثر من حاجتهم إلى برنامج سياسي، مطالباً وزارة الصحة بالتحقيق في كيفية الحصول على عقار سوفالدي بكل هذه السهولة، ومَن المسؤول عن صحة المواطنين في حال وجود خطأ في صرفه لأحد المرضى.